مثلما انفردت به "البلاد" صباح الاثنين، أقرّ مكتب المجلس الشعبي الوطني اليوم .. تقليص منحة نهاية العهدة للنواب بـ 50 في المائة، حيث سيتقاضى النواب بعد نهاية عهدتهم في أفريل 2017 ما بين 115 و 130 مليون سنتيم عوض 230 و 260 مليون سنتيم.
ويأتي ذلك بعد إعلان نواب كتلة جبهة التحرير الوطني التنازل عن نصف هذه المنحة التي كانت أثارت جدلا واسعا وسط الساحة السياسية، حيث دعت عدة أطراف إلى إلغائها نهائيا بالنظر إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتدابير التقشف.
منحة 260 مليون تُحدث زوبعة في البرلمان..
رفض نواب حزب الأغلبية جبهة التحرير الوطني ومعظم نواب المعارضة القرار الذي اتخذته السلطات العليا للبلاد، وأخبرت به رئيس المجلس العربي ولد خليفة ، والقاضي بإلغاء منحة نهاية العهدة التي تتراوح ما بين 230 مليون سنتيم و260 مليون سنتيم، كون أوضاع البلاد الاقتصادية لا تسمح بمنح هذه المنحة.
ولم يجد رئيس لجنة المالية بدة محجوب من حل، سوى تأجيل اجتماع لجنة المالية الذي كان مقرر عقده على الثانية زوالا إلى غاية صبيحة الاثنين، وبرمجته بعد التشاور مع رئيس المجلس في حدود الساعة العاشرة صباحا، قبل أن يؤجل مرة أخرى إلى غاية الثانية بعد الزوال، بعدما أخبر بعض نواب الأفلان أمين عام المجلس ورئيس لجنة المالية بأنهم سيرفضون ميزانية المجلس بأكملها، حال عرضها عليهم في حال إلغاء منحة نهاية العهدة.
ولم يجد أمين عام المجلس ورئيس لجنة المالية سوى الاستنجاد بقياداتهم، الأول بولد خليفة والثاني برئيس الكتلة للتنسيق والتشاور، وبعد أخذ ورد على أعلى مستوى صدر قرار بالتشاور مع أعضاء لجنة المالية من الحزب العتيد، يقضي بعدم إلغاء المنحة وتخفيضها إلى 50 بالمائة، وأخطر رئيس لجنة المالية زملاءه باللجنة من نفس التشكيلة السياسية بأن القرار هو قرار دولة وليس قرار نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني بهاء الدين طليبة، كون معظم نواب الأفلان من أعضاء لجنة المالية ومن خارجها بما في ذلك الذين انتخبوا عليه في منصب نائب للرئيس كانوا في حالة غليان شديدة من طليبة الذي حملوه مسؤولية إلغاء المنحة وهو ما اجتهد رئيس لجنة المالية بدة محجوب في نفيه.
وفي الوقت الذي عبّر فيه معظم نواب البرلمان بما في ذلك نواب أحزاب المعارضة عن غضبهم الشديد من محاولة الدولة لإلغاء المنحة وبعدها تخفيضها إلى نسبة 50 بالمائة، جاء دعم الأمين العام للحزب العتيد ممثلا في رئيس الكتلة محمد جميعي، الذي لم يتوان في تبني قرار مبادرة نواب حزب الأفلان لخفض منحة نهاية العهدة إلى 50 بالمائة وفقا لتعليمات من طرف ولد عباس، تضامنا - حسب البيان - مع البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، وفهم القرار على أنه استراتيجية مدروسة من طرف الدكتور جمال ولد عباس لوضع أحزاب المعارضة التي رافعت مطولا لمصلحة المواطن داخل قبة مبنى المجلس في وضعية التسلل، تاركا إياهم أمام الرأي العام يظهرون بمظهر الباحثين عن مصالحهم الشخصية فقط، من خلال المطالبة بعدم إلغاء المنحة أو تخفيضها إلى النصف، ومحاولا في ذات السياق أن يضع الجبهة في نفس المكان الذي وضع فيه أحمد أويحيى التجمع الوطني الديمقراطي الداعم بكل انضباط لقرارات الدولة.
وقد تلقى جميع نواب حزب الأغلبية تعليمات صارمة بضرورة الحضور غدا للمجلس للتصويت على قانون المالية، خاصة أن الأمين العام لحزب الأغلبية اتخذ قرارا بإقصاء أي نائب أفلاني يغيب غدا عن جلسة التصويت دون عذر حقيقي. للعلم، فإن اجتماع لجنة المالية لمناقشة ميزانية المجلس تواصل إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أمس، فيما حاصر عدد كبير من النواب مكتب اللجنة مطالبين بعدم قبول قرار مكتب المجلس بتخفيض المنحة إلى النصف كما حملوا الصحافة مسؤولية خفض المنحة.
تجدر الإشارة إلى أن نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني بهاء الدين طليبة المكلف بالإدارة والمالية لم يحضر إلى قبة البرلمان تماما، بناء على تعليمات تلقاها من الأمين العام للحزب جمال ولد عباس، خاصة بعدما غادر عدد كبير من نواب الأفلان مرفوقين بزملائهم من المعارضة قاعة المجلس أمس مباشرة بعدما أخذ الكلمة، في إشارة واضحة إلى أنه من يقف وراء قرار إلغاء المنحة قبل أن تخفض إلى النصف. كما خطط عدد من نواب الحزب العتيد لمغادرة لجنة المالية الاثنين مباشرة بعد حضور طليبة إلى اللجنة باعتباره نائب الرئيس المكلف بالإدارة والمالية قبل أن يتفطن للأمر الأمين العام ويطلب منه عدم التنقل للمجلس بتاتا حسب مصادر عليمة تحدثت لـ”البلاد” وهو ما كان، حيث استجاب طليبة لقرار أمينه العام.
