هل ستكون 2018 سنة العفو الشامل في الجزائر؟

مشروع لا يزال يتأرجح منذ 13 عاماً

يطرح مراقبون أسئلة جديدة، عن ما إذا كانت 2018 ستكون سنة العفو الشامل في الجزائر، بعد طول ترقب لترسيم مشروع يُنظر له كآخر وصفة لمداواة جراح الفتنة الوطنية المزمنة.

عقب 13 عاما على ترسيم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، تبقى الاستفهامات قائمة حول امكانية تجسيد مسعى العفو الشامل في القادم، علما أنّ القرار يبقى سياسيا، ومن صلاحيات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي بوسعه تنظيم ثالث استشارة شعبية منذ وصوله الرئاسة.

وفي مقابل سجال خافت بين فريقين من السياسيين والحقوقيين، لا يزال مشروع العفو الشامل غير واضح، وتُجهل تفاصيله، وسط جدل حول ما إذا كان هذا العفو المعلّق سينحصر في إجراءات خاصة عما تبقى من غلاة التمرد؟

وصرّح بوتفليقة في خطاب له منتصف شهر أوت 2008: "استكمال المصالحة سيرسخ صورة بلد متصالح مع ذاته، قوي بأصالة قيمه العريقة ومتفتح على محيطه الجهوي والقاري والدولي".

وقال الرئيس بوتفليقة بوضوح قبيل انتخابات التاسع أفريل 2009: "في حالة تزكية الشعب الجزائري لي، فإنّ فترتي الرئاسية المقبلة ستكون مقترنة بعودة السلم النهائي في البلاد"، ولم يخف بوتفليقة أمنيته آنذاك، في "أن يَحضُر العفو الشامل، ويقحم فيه عموم الجزائريين بصرف النظر عن مناهلهم ومشاربهم السياسية".

لكنّ بوتفليقة استبعد حينذاك تجسيد هذا العفو، قبل نزول آخر مسلح من الجبال، وكان القاضي الأول في البلاد برّر صباح 25 أوت 2005، ما تضمّنه ميثاق السلم بكونه "أقصى ما أتاحته التوازنات الكبرى".

ويبرز تساؤل مُلّح عما إذا كانت "التوازنات" ستسمح بتسويق توليفة جديدة تكرّس "عفواً" سيكون بمثابة "مصالحة حقيقية مطوّرة"؟

ويسود اعتقاد أنّ تفعيل ميثاق السلم سيتجاوز بعض نقائص ميثاق السلم، ويزيل الأعطال الناجمة عن "بيروقراطية الإدارة".

ويرى قطاع غالب أنّ الانتصار لأنموذج "العفو الشامل" سيمثّل خطوة حساسة تنهي تداعيات سنوات التطاحن والعنف الدموي. 

وإن تجسّدت باكورة العفو، فسيكون الأخير رابع مشروع لإنهاء إفرازات الأزمة الدموية، بعدما صدر قانون الرحمة في عهد الرئيس السابق اليمين زروال عام 1995، بينما دشّن بوتفليقة وصوله إلى سدة الحكم سنة 1999، بتمرير قانون الوئام المدني، وأخيرا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ست سنوات من بعد.

وفي تصريحات لـ "البلاد نت"، أبدى المحامون مصطفى فاروق قسنطيني، فاطمة الزهراء بن براهم وبوجمعة غشير، ثقة بتجسيد العفو الشامل، واستدلّ قسنطيني بكون جميع البلدان التي عاشت أزمات، قامت بطي الصفحة عبر عفو شامل.

طيف عمره 14 عاماً

أشار الرئيس بوتفليقة إلى مسعى العفو الشامل خلال مناسبات عديدة، وربط الذهاب إلى عفو بنزول آخر إرهابي من الجبال، ولوّح بوتفليقة بالعفو الشامل في خطابه الشهير بمناسبة إحياء الذكرى الـ60 لاندلاع ثورة نوفمبر (28 أكتوبر 2004).

ودأب عدة تائبين على إطلاق نداءات لإيقاف العنف المسلح واستسلام بقايا الإرهاب.

ويتزعم هؤلاء حسن حطاب المكنّى (أبو حمزة) مؤسس ما كان يسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" (الجسدق)، ومنذ استسلامه في 22 سبتمبر 2007، واظب حطاب على توجيه رسائل لتغليب المصلحة العليا للجزائر.

وارتفع عدد الإرهابيين المستسلمين بين جانفي 2016 وسبتمبر 2017 إلى 77.

وتردّدت أنباء في المدة الأخيرة عن رغبة العشرات من الإرهابيين، تطليق العنف.

واستشرى التذمر واليأس بين صفوف أتباع الدموي "عبد المالك دروكدال".

ويقول كثيرون ممن أشهروا خروجهم عن الإرهاب، أنهم "انخدعوا " وقرروا وضع سلاحهم، بعيدا عن "مخطط تكفيري".

وصرّح هؤلاء أنّ هذا المخطط يقوده (خوارج يمارسون تقتيلا منظما ضدّ الجزائريين تحت زعم الجهاد).

وهذا المعنى أبرزه "أبو الوليد البليدي" القيادي السابق في ما كان يسمى بـ (القاعدة).

وفي غياب بيانات حديثة، يُجهل عدد الإرهابيين الذين لا زالوا ينشطون في الجزائر.

وقدّرت السلطات أعداد الإرهابيين قبل سنوات بما بين أربعمئة وستمئة، لكن الضربات الموجعة التي تلقتها بقايا الإرهاب أدت إلى تناقص أعداد هؤلاء بشكل ملحوظ.

وأتى ذلك رغم ما يُتردد عن تمكن القاعدة من التغرير بعشرات المجنّدين الجدد واستنجادها بعدد غير معروف من الإرهابيين الأجانب.

ويُطلق على اللفيف الأجنبي "عناصر جهادية" من دول الساحل كمالي والنيجر والتشاد.

توبة وتحييد 37 ألف إرهابي وتفكيك 182 شبكة في 23 عاماً

نجحت خطط الرحمة والوئام والمصالحة في توبة وتحييد 37 ألف إرهابي وتفكيك 182 شبكة إسناد، كما تمّ استرجاع 15 ألف قطعة سلاح في 23 عاماً.

ومكّن ميثاق السلم والمصالحة منذ تزكيته العشبية الواسعة في 29 سبتمبر 2005، من استيعاب نحو ثلاثمئة إرهابي والعفو عن 2200 من مساجين "الإرهاب".

وبالأرقام، استفاد أزيد من 9 آلاف شخص من تدابير المصالحة، بينما شهدت الـ 13 سنة الأخيرة تحييد نحو ألفي ارهابي.

وتمّ إقرار إجراءات تكميلية مسّت مغتصبات الإرهاب اللائي تشر إحصائيات غير رسمية إلى بلوغ عددهنّ 18 ألف امرأة.

وكلّل حراك الـ 23 سنة الأخيرة (قانون الرحمة + قانون الوئام المدني + ميثاق السلم)، بتوبة ما يربو عن 15 ألف إرهابي، بالتزامن مع تحييد 22 ألفا، وتفكيك 182 شبكة من مجموعات الدعم والإسناد.

ومكّن حراك ميثاق السلم من إدماج الأطفال المولودين بالجبال وعددهم يربو عن الخمسمئة طفل، وبعض هؤلاء نزلوا بصحبة آبائهم التائبين.

لكن يبقى "أطفال الجبال" بحاجة إلى نصوص تشريعية تثبت نسبهم وتضمن حقوقهم كاملة.

ويطالب متابعون بإعادة الاعتبار لمن يسمونهم "منسيو المصالحة الوطنية"، على غرار "معتقلو الصحراء"، ويتعلق الأمر بـ 15 ألف شخص قضوا سنوات في محتشدات الصحراء، وتمّ إطلاق سراحهم من دون أي محاكمات.

وجرى متابعة هؤلاء بتهمة الانتماء ومناصرة "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، ولم يتم إقرار أي تدابير لصالحهم.

ويرافع مراقبون لتعويض المتضررين من أعمال لها صلة بالمأساة الوطنية.

وتخصّ المسألة فئة غير قليلة من الجزائريين الذين تضررت مساكنهم ومصانعهم ومركباتهم ولم يستفيدوا من أي تعويضات.

وتخوّل المادتان 47 و48 من ميثاق السلم، للرئيس حق اتخاذ تدابير مناسبة، والأمر يرجع إليه في اتخاذ القرار المناسب.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  2. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  3. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  4. الإصابة تنهي موسم "رامي بن سبعيني" مع دورتموند

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  6. القرض الشعبي الجزائري يطلق قرضًا لفائدة الحجاج

  7. بيان من وزارة الخارجية حول مسابقة التوظيف

  8. الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل وتفتيش إلى قيادة الدرك الوطني

  9. "SNTF".. برمجة رحلات ليلية على خطوط ضاحية الجزائر

  10. الفنانة سمية الخشاب تقاضي رامز جلال.. ما القصة؟