"الإسلام العلماني".. سبيل الجزائر الأمثل!

حسب نتائج استبيان أنجزه مركز "الكراسك"

توصل استبيان حديث، اليوم الخميس، إلى أنّ أنموذج "الإسلام العلماني" هو السبيل الأمثل للجزائر في القادم.

في دراسة أنجزها مركز البحث في الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية (الكراسك)، طالت عينة من مختلف شرائح المجتمع الجزائري، ذهب 64 % إلى أنّ الإسلام العلماني هو السبيل الأمثل للجزائر، فيما رأى 20 % أنّ اعتماد "السلفية العلمية" هو "الأفضل"، بينما جزم 15%  أنّ الدولة العلمانية هي السبيل إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتسريع حلقات الإصلاح الاقتصادي والسياسي.

وفي تعليقه على المعطى، يذهب الباحث "مصطفى فتحي" إلى أنّ كثيراً من الجزائريين باتوا مقتنعين بجدوى "انبعاث علمانية متدينة" بديلا لـ"خلافة إسلامية"، في خضم ما ينتاب المشهد التركي ودول "الربيع العربي" سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

الدولة الدينية لم تعد منشودة

حول مؤدى المرحلة العربية المقبلة بين الدولة الدينية ونظيرتها المدنية، يتصور د. عمار يزلي أنّ التجربة التركية، إن دامت ولم تخترقها الأيادي، قد تلهم كثيرا من العرب مستقبلا في تبني نظام يربط بين الدين والدولة بطريقة سلسة غير قهرية، تحت مسمى "العلمانية المتدينة" هذه الأخيرة ستكفل تزاوج ثنائي طويل الأمد على طريقة تقاطع الأصالة والمعاصرة.

ويسجل يزلي أنّ الدولة الدينية، بالمفهوم الكهنوتي اللاهوتي التي صارت تمثل في أذهاننا صورة "ستيريوتاب" لما كانت عليه الدولة في العهد الإقطاعي بأوروبا وهيمنة الكنيسة بتحالفها مع الإقطاع على الساكنة (هذا قبل أن يبرز مفهوم "المواطنة")، لم تعد هي الدولة المنشودة، على الأقل لدى شرائح واسعة من الشباب اليوم .

وبالنسبة لعمار يزلي، فإنّ طرح مسألة الدولة المدنية أو الدينية كمطلب ومسعى شعبي في الثورات العربية والإسلامية، يبقى "سابقا لأوانه" أو كما يقول المثل الفرنسي "كمن يضع العربة بعد الثور!".

من جانبه، يقدّر د. حبيب بوخليفة أنّ العرب مرشحون للاقتداء في المستقبل القريب بالنظام السياسي والاقتصادي التركي، جازما بكون الدول العربية التي شهدت ثورات، ستكون اجتماعيا وسياسيا في منأى عن أي أنموذج ديني.

في المقابل، يلفت الباحث "بن عبد الله مفلاح" إلى أنّ الخلاف بين الإسلاميين وخصومهم حول طبيعة الدولة المنشودة بعد الثورات العربية، يعتمد في جانبٍ كبيرٍ منه على المصطلح؛ إذ أن مصطلح "الدولة الدينية" أصبح لصيقا بـ "الإسلاميين" أي مرادفًا للدولة الإسلامية، في حين يلتصق مصطلح الدولة المدنية بالعلمانيين.

تحولات 2068

يحيل د. عمار يزلي، على أنّ العالم العربي والإسلامي سيشهد تحولات، لا يمكن وصفها بالجذرية، لكن ستكون تحولات حاسمة على الأقل لمدة لا تقل عن أربعين سنة، ويشير المتخصص في علم الاجتماع الثقافي والناقد السوسيولوجي إلى أنّ هذه الأنظمة هي كلها نتاج تحولات سابقة ناتجة إما عن استقلال، أو في شكل انقلابات عسكرية أتت بأنظمة بشرت بالرفاهية والعدالة الاجتماعية، لكن سرعان ما انقلبت على عهدها وحولت الثروة إلى صندوق استثمار لتكديس  "الثروة"، وتحولت معها إلى حاكمية عائلية وراثية: جمهوريات بذهنية إقطاعيات، حكمت شعوبها بعقلية المزرعة المترامية الأطراف.

ويقرأ د/يزلي الدولة نظاما ومؤسسات، كعنوان كبير للانتماء، هذه الرقعة الجغرافية المحددة والمسيّجة، يرى فيها المواطن ما يحقق له شرطان متزامنان مترابطان: العدالة الاجتماعية والكرامة النفسية!، فدولة المواطن هي تلك الدولة التي تشعره بالأمان في رقعته الصغيرة كما يشعر بالأمان في قريته الصغيرة ثم في محيط بيته العائلي! فهو لا يهتم بالتفاصيل.

في هذا المعنى، يرى المواطن أنّ الدين يحقق له هذين المطلبين، لكن بشرط أن يكون الحاكم ونظام الدولة متدينا! أي مطبّقا لهذين الشرطين! لا يهمه أن يكون ناسكا أو متعبدا أو ملتحيا أو علمانيا..إذا ما احترم الدين وتعاليمه الاجتماعية! غير أنه في نفس الوقت، لا يريد أن يحكمه رجل الدين "المتشدد" الذي يمنع عنه أن يعيش وأن يحيا وأن يتمتع بدنياه.

الرغبة في مغادرة مستنقع الفوضى

يذهب د.بوخليفة إلى أنّه حتى وإن تصدّر الإسلاميون المشهد الثوري العربي بأنساق متفاوتة، إلاّ أنّ ما يسميه البعض "احتمال تأسيس دولة الخلافة الاسلامية" في عدد من الأقطار العربية التي شهدت ثورات، يظل بعيون بوخليفة "سيناريو مستبعد"، ويدافع محدثنا عن حكمه بكون معطيات المرحلة الحالية وكذا القادمة لا تصب في مصلحة الإسلاميين في مصر كما تونس وليبيا وغيرها.

ويتصور بوخليفة أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر أنّ الحركة الإسلامية ستكتفي بثمة مكانة ولو صغيرة في بناء أوطانها لكن بعيدا عن أي طابع ديني على الطريقة الإيرانية، في ظل رغبة المجتمعات المعنية للخروج من مستنقع الفوضى وتخبطاتها إلى مصاف ديمقراطي قار.

فزّاعة الإسلاميين

سبق لـ "محمد سليم العوا" المفكر الإسلامي الكبير وأحد المرشحين للرئاسة بمصر أنه لا يريد أن تقوم في مصر دولة على النمط الإيراني أو الفاتكان، بل سيسعى لإقامة دولة مرجعيتها مصلحة الشعب التي تحققها الأديان؛ تتساوى فيها الحقوق والواجبات، ويكون الدين عاصمًا من الفساد، وكله يؤكد على أن التخوف من دولة الإسلاميين أمر لا مبرر له، وما هو إلا فزّاعة بددها التاريخ، وستبددها التجربة. 

في سياق متصل، يرى د/ بن عبد الله مفلاح أنّ لا أحد من الإسلاميين العقلاء في العالم العربي، يريد تأسيس دولة دينية لسبب بسيط وهو أنه لا يوجد في أدبيات الفكر الإسلامي ما يسمى بالدولة الدينية، فهي مصطلح أوروبي صرف؛ لأنّ الإسلام عبر تاريخه الطويل، وتجربته في الحكم، لم يعرف طبقة الكهنوت، ولا زعماء روحيين يحتكرون حق الغفران والحرمان، ويستأثرون بمفاتيح الجنة، ويمثلون إرادة الرب، على حد تعبيره. 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار رعديــة ورياح قوية بعدة ولايــــات

  2. بريد الجـــزائر يحـذر زبائنه

  3. هذه أبرز الملفات التي درستها الحكومة

  4. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  5. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  6. توقعات أكثر الدول عرضة لنقص المياه بحلول 2050.. والجزائر في هذه المرتبة

  7. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  8. أول مشروع إستثماري ضخم في النعامة لخلق 1500 منصب شغل

  9. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  10. رغم فوائده.. 7 أمراض قد تمنعك من تناول التمر في رمضان