عام بعد أزمة الخليج

مر عام على أزمة الخليج

مر عام على أزمة الخليج، فالدول الأربعة السعودية والامارات العربية المتحدة ومصر أطبقت حظراً وحصارً شامل علي دولة قطر لأسباب واختلافات جيوسياسية عميقة تراها هذه الدول في المنطقة العربية. فمنذ ذلك الحين تأثرت عدة مجالات تباعاً حتى علي الدول المُطبقة للحظر ولقطر ولمنطقة الخليج عموماً، ومن ضمن هذه القطاعات المتأثرة على سبيل المثال؛ الأسواق المالية وعلى رأسها تأثر نمو سوق العملات الرقمية بأسواق المالية في الخليج العربي، إذ تسببت أزمة الخليج بتقلبات غير معهودة في هذا الجانب وحالة ركود وكساد اقتصادي. 

وكذلك أشتمل هذا التأثير على عدة جوانب حيوية، منها قطاع الاستيراد والتصدير، فالمملكة العربية السعودية على رأس المصدرين لدولة قطر من سلعات حيوية ومواد أولية مهمة مثل الصناعات الغذائية، إذ تستورد قطر 80% من احتياجاتها الغذائية عبر جيرانها الخليجيين. أما نقص مواد البناء والتشييد عرقل أعمال الشركات الأجنبية الشاغرة بمشاريع مهمة بدولة قطر مثل تشييد البني التحتية، خصوصا أن قطر تحتضن مشروع كأس العالم في السنوات المقبلة. أما في مجال الطاقة، فأغلب دول الخليج كانت تستورد الغاز القطري الطبيعي المسال، كما أن عدة مشاريع انابيب غازية مشتركة توقفت ما بين الدول المطبقة للحظر ودولة قطر. كما تضمن الحظر حصاراً جوياً من جانب دولة الامارات العربية المتحدة. حيث شبكة خطوط الطيران القطرية متصلة بشكل شبه كامل علي مطارات الإماراتية العالمية وكذلك عمليات الشحن الجوي، مما سبب في أزمة مواصلات دولية للأجانب المقيمين بدولة قطر وكذلك هبوط سوق النقل نسبيا بالأمارات العربية.
استراتيجية قطر إزاء هذا الحصار كانت فعالة ومدروسة لاحتواء أقصى حد من الخسائر الاقتصادية وذلك بتبني واقع وشركاء جدد في مساحتها الحيوية الجيوسياسية. فقطر تمتلك صندوق سيادي مالي ضخم إذ يقدر أصوله الإجمالية بحوالي 335 مليار دولار امريكي، حيث يحتل حالياً المرتبة التاسعة عالمياً على مستوى الصناديق السيادية في العالم. كما لها استثمارات عملاقة وعلاقات قوية مع دول نافذة في العالم على سبيل المثال منها امتلاك مواشي بمراعيها الواسعة في دولة استراليا واعمال تجارية وثيقة بشراكة مع الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية. كما اعتماد قطر علي الشريكين الإيراني والتركي كانا كمحرك انطلاق للنهوض من الازمة كبداية.

من رَبح ومن خسِر؟

تشير التقارير حسب وزارة الإحصاء القطرية الصادرة ببداية هذا العام، أن قطاع الطاقة سجل نمواً ملحوظاً بنسبة 0.3% يعود ذلك الي استمرار قطر بتصدير الغاز الطبيعي لباقي الدول والبحث عن مستثمرين جدد خارج المنظومة الخليجية، كما هذا التوجه جعل قطر تدفع فاتورة باهظة التكلفة بحكم خسارة الأسواق الخليجية ومحيطها الإقليمي في بدايات الأزمة. بالإضافة ان قطر سجلت نمو بسبب اعتمادها الذاتي في قطاعي الزراعة وصيد الأسماك واستصلاح الحيواني الذي عُزز من دول أوروبية ومن دولتي إيران وتركيا الذي سجل بنسبة 10%. 
وحسب تقرير نشرته صحيفة "الراية" القطرية في فبراير الماضي، أن عدة توقعات تشير أن إيرادات القطاع السياحي سيسجل نمواً واسعا بمُعدل 20% خلال هذا العام الجاري وخصوصا بعد اعلان قطر لإتمامها للبنية الأساسية لكأس العالم.
لا شك ان تبعات الازمة الخليجية لها تأثير بالأجماع على المنظومة الخليجية، حيث توجه قطر نحو أسواق بديلة عن الخليج، سبب في حركة هبوط وكساد في الأسواق المالية بالخليج العربي، فمثلاً عدة مشاريع خليجية قطرية عُلقت سببت في حركات تقلب بالأسواق المالية بدولة الامارات، مثل مشروعي شركة ارابتك الاماراتي وشركة دامك العقاري بدبي. كما سوق الصناعات الغذائية ومواد التشييد والحديد بات في حالة كساد عام، حيث المملكة العربية السعودية هي المُصدر الأكبر لأسواق قطر الغذائية والتحتية. لا أحد يراهن على استمرار الأزمة الخليجية، فالمبادرات السياسية والوساطات الدولية مستمرة لحلها التي قد لا تطول كثيراً حسب المراقبين السياسيين، فحكم الهوية الواحدة والجغرافيا والمصالح الجيوسياسية والاقتصادية ستقود بلا شك الي مصالحة وانتعاش وحركة غير مسبوقين بالجزيرة العربية.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  2. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  3. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  4. الإصابة تنهي موسم "رامي بن سبعيني" مع دورتموند

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  6. القرض الشعبي الجزائري يطلق قرضًا لفائدة الحجاج

  7. بيان من وزارة الخارجية حول مسابقة التوظيف

  8. الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل وتفتيش إلى قيادة الدرك الوطني

  9. "SNTF".. برمجة رحلات ليلية على خطوط ضاحية الجزائر

  10. الإحتلال الإسرائيلي يغلق معبر الملك حسين الحدودي مع الأردن