أمراء الإرهاب بالساحل يتساقطون بين يدَي الجيش

مفاوضات أمنية تتوج باستسلام نحو 100 عنصر منذ بداية السنة

البلاد - بهاء الدين.م - نجحت الإستراتجية الأمنية الجديدة في إحراز نتائج إيجابية لافتة على جبهة مكافحة الإرهاب في الجنوب ومنطقة الساحل عموما، فمنذ بداية السنة الجارية أعلن 95 إرهابيا، ومعظمهم مطلوبون في حالة فرار شمال مالي وفي النيجر وليبيا، استسلامهم للسلطات العسكرية بولايتي تمنراست وأدرار.

وتبدو هذه الحصيلة مهمة جدا وتؤشر لنجاح استخباراتي توج مسار مفاوضات متعددة الجوانب لإقناع هؤلاء الإرهابيين بتطليق العمل المسلح  والاستفادة من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وذلك مقارنة مع حصيلة السنوات الأخيرة، إذ لم يسلّم سوى 30 إرهابيا أنفسهم للجيش خلال كامل السنة الماضية 2017.

وأكدت وزارة الدفاع الوطني، أن النتائج المحققة هي خير دليل على نجاح الإستراتيجية الأمنية، حيث تمكنت الوحدات الميدانية من تفكيك عشرات الشبكات التي كانت تقوم بالتجنيد لصالح التنظيمات الإرهابية داخل وخارج الوطن، كما نجحت في الوقت ذاته في إحداث نزيف في صفوف تلك التنظيمات وهو ما تؤكده عمليات التسليم المتتالية التي يتم الإعلان عنها دوريا من قبل وزارة الدفاع.

وساطات واختراق الاتصالات الهاتفية

كشف مصدر أمني رفيع أن الجيش الوطني الشعبي تمكن من تحقيق نجاحات أمنية كبيرة في الجنوب بفضل “التقدير الصائب والمبكر لخلفيات الإرهاب في المنطقة وأهدافه الخطيرة على الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد، فضلا عن “الاستغلال الأمثل والآني والفعال للمعلومة”.

وأوضح المصدر أن “المستوى الرفيع الذي بلغه الجيش الوطني الشعبي في السنوات الأخيرة، أثبت صواب وفعالية ونجاعة المقاربة الشاملة التي تبنتها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي التي عجلت بتبوئه المكانة التي تليق به كسليل جيش التحرير الوطني والدليل هو هذا النزيف المتواصل في صفوف الجماعات الإرهابية في المنطقة”.

وتابع حديثه عن المفاوضات التي تجريها السلطات الأمنية مع محيط هؤلاء الإرهابية بالقول إن “التواصل يتم في العادة عبر وسطاء محليين من شمال مالي وعلى طول الحدود عبر قنوات أمنية، وفي حالات أخرى، يستغل الخبراء الأمنيون عمليات اختراق الاتصالات الهاتفية للإرهابيين أو شبكة الراديو من أجل التواصل مع الجزائريين الفارين، حيث يعرض عليهم الضباط المختصون العودة والاستفادة من تدابير السلم والمصالحة. وفي حالات أخرى، تبث رسائل بالراديو أو بالهاتف وحتى عبر الأيمايل، رسائل وصور من أقارب الإرهابيين الفارين”.

فمنذ بداية الشهر الجاري، أصدر الجيش أربعة بيانات تتعلق بالإرهابيين الذين سلموا أنفسهم للسلطات العسكرية، وكلها بولاية تمنراست، وكان بين الإرهابيين قيادي في الساحل، وبلغ عدد الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم منذ بداية الشهر الجاري 9 إرهابيين، فيما تم توقيف عنصرين خطيرين بمنطقة برج باجي مختار، واللافت أن أغلب الإرهابيين الذين استسلموا، ينشطون ضمن الجماعات الإرهابية منذ فترة طويلة لا تقل عن 12 و14 سنة.

وفي آخر عملية، أعلن الجيش، أمس، عن تسليم 3 إرهابيين أنفسهم للسلطات العسكرية بولاية تمنراست، وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع، إن الأمر يتعلق بكل من الإرهابي “برزقي أحمد”، الذي التحق بالجماعات الإرهابية سنة 2009. والإرهابي “سيود حمزة”، المدعو “أبو يوسف”، بالإضافة إلى الإرهابي “زواويد مصطفى”، المدعو “أبوعبد الرحمان”، الذي التحق بالجماعات الإرهابية سنة 2014.

وحسب البيان، مكنت العملية من استرجاع 3 كلاشنيكوف و3 مخازن ذخيرة مملوءة.

قبلها بيوم واحد، قالت السلطات العسكرية، إن الإرهابي الخطير المسمى “آبزو عيسى” المدعو “سلطان ولد بادي” سلم نفسه إلى السلطات العسكرية بتمنراست بالناحية العسكرية السادسة، وبحوزته بندقية رشاشة من نوع FM ومخزن ذخيرة مملوء ومسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف و250 طلقة من مختلف العيارات. 

النزيف يطال ركائز في تنظيم “القاعدة”

تكشف تقارير أمنية وجود خطة اتصالات بين السلطات و«إرهابيين”، بينهم قيادات بارزة في “كتيبة الصحراء” التابعة لتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، والقادة الجزائريين في تنظيم “أنصار الإسلام” الذي يقوده الدبلوماسي المالي السابق، إياد غالي، والمتمركزان في مناطق شمال مالي، وكذلك بقايا عناصر تنظيم “حركة أبناء الجنوب من أجل العدالة”، لإقناعهم بالعدول عن العمل المسلّح، والاستفادة من تدابير العفو التي يتضمنها قانون المصالحة الوطنية الصادر عام 2005.

وتؤكد مصادر أمنية متطابقة أنّ هذه الاتصالات التي تتم عبر وسطاء، تشمل أسماءً بارزة في هذه التنظيمات، بينها نائب تنظيم “أنصار الإسلام”، يحيى أبو الهمام.

وتشير المصادر ذاتها إلى أن السلطات الجزائرية تحاول أن تفتح ثغرة كبيرة داخل هذه التنظيمات، عبر استقطاب القيادات البارزة والمؤثرة في العمل المسلح في الصحراء والساحل، وهي ترغب في تكرار إنجاز أمني كبير حققته عام 2006، عندما نجحت في إقناع زعيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال حينها، حسان حطاب، بتسليم نفسه ووقف نشاطها، رغم تزامن ذلك مع عمليات دامية نفّذها التنظيم في تلك الفترة”.

وتكشف المصادر الأمنية أنّ “أولى ثمرات هذه الخطة كانت استسلام أ. مولتافة، المكنّى بـ(أبوعيسى)، والذي يعدّ من قيادات الصف الأول في التنظيمات الإرهابية في الصحراء والساحل منذ عام 2015”، مشيرةً إلى أنّ السلطات الجزائرية “تحاول استغلال الظروف المناسبة حالياً، بعدما توصّلت إلى اتفاق مع الجيشين المالي والنيجري والقوات الفرنسية التي تدير قوة مجموعة الخمسة (مالي، النيجر، بوركينا فاسو، تشاد وفرنسا)، يتعلّق بتوفير ممرٍ آمن للإرهابيين الذين يرغبون في تسليم أنفسهم للجيش الجزائري على الحدود”.

وحسب الحصيلة العملياتية التي قدمتها وزارة الدفاع، فقد تم خلال السداسي الأول لسنة 2018 تحييد 117 إرهابيا واسترجاع كميات معتبرة من الأسلحة والذخيرة، حيث تم القضاء على 20 إرهابيا والقبض على آخرين والعثور على 3 جثث واستسلام 66 إرهابيا وعائلة تتكون من 10 أفراد، وتمكن أفراد الجيش الوطني الشعبي أيضا خلال هذه الفترة من توقيف 57 عنصرا لدعم للجماعات الإرهابية وكشف وتدمير 311 مخبأ للإرهابيين وورشتين لصناعة المتفجرات.

وفي شهر جويلية الماضي، كشفت وزارة الدفاع الوطني، في بيان لها، أن عمليات مكافحة الإرهاب، مكنت مفارز الجيش الوطني الشعبي من القضاء على 4 إرهابيين وأوقفت اثنين آخرين، وسلم 20 إرهابيا أنفسهم، وتم توقيف 20 عنصر دعم للجماعات الإرهابية. ما يرفع عدد الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم منذ بداية العام إلى غاية شهر أوت الجاري إلى 95 عنصرا إرهابيا، دون احتساب الإرهابيين الموقوفين أو الذين قضت عليهم قوات الجيش في العمليات التي تشنها، وآخرها العملية النوعية التي جرت بولاية سكيكدة.

أبواب التوبة لا تزال مفتوحة 

وتؤكد السلطات العسكرية، في مختلف البيانات التي تبثها، بأن النتائج المحققة في مجال مكافحة الإرهاب، دليل على نجاعة المقاربة العسكرية المنتهجة لاجتثاث تلك التنظيمات، ويشكل تزايد تسليم المنتمين للجماعات المسلحة بشكل متتال في الساحل والصحراء إلى مختلف الوحدات الأمنية، أكبر دليل على نجاح هذه الخطة، والتي يعتبرها المتابعون أنها ستشكل نزيفا حاد داخل التنظيمات الإرهابية الناشطة في الصحراء والساحل. يرجع متابعون للشأن الأمني استمرار عمليات استسلام الإرهابيين، إلى إبقاء السلطات باب التوبة مفتوحا أمامهم من خلال إعادة تفعيل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، والذي كان قد منح مهلة ستة أشهر للمسلحين لإلقاء السلاح، إلا أن السلطات فضلت ترك الباب مفتوحا وهو ما أدى إلى حدوث نزيف وسط التنظيمات الإرهابية.

ودعت وزارة الدفاع “جميع من تبقى من العائلات وبقايا الإرهابيين للتوبة والرجوع إلى جادة الصواب والاندماج في المجتمع واغتنام فرصة الاستفادة من التدابير القانونية السارية المتضمنة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، والنسج على منوال من سلموا أنفسهم للسلطات العسكرية في الآونة الأخيرة بعدما تأكدوا أن طريق الإرهاب مسدود وأن الحل هو التعجيل بالنزول والعودة للمجتمع قبل فوات الأوان”.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  2. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  3. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  4. الإصابة تنهي موسم "رامي بن سبعيني" مع دورتموند

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  6. القرض الشعبي الجزائري يطلق قرضًا لفائدة الحجاج

  7. بيان من وزارة الخارجية حول مسابقة التوظيف

  8. الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل وتفتيش إلى قيادة الدرك الوطني

  9. "SNTF".. برمجة رحلات ليلية على خطوط ضاحية الجزائر

  10. الفنانة سمية الخشاب تقاضي رامز جلال.. ما القصة؟