أخطاء.. قد تكبر

أغلب الاحتجاجات الجماعية تقع في الجنوب وتتكرر باستمرار..

تعليق الوزر الأول على أحداث الجنوب.. مفهومة على وجهين.. الأول ما يدل على أن الحكومة لا تستوعب جيدا ما يحدث.. فقراءتها لردود أفعال الناس ناقصة.. وهي شبه صماء عن استغاثاتهم.. وتحاول تأويل الوقائع على مقاس ما تؤمن به وتريده.. وهذا خطأ فادح.. أما الثاني فهو افتراض أن الفوضى ليست طريقا لحل المشكلات أو حصار الأزمات.. وهذا صحيح.. بشرط الوقوف على الدافع إلى الفوضى.. ومن يحركها وليس من يمارسها فقط.. فخلف الستار يقف اللاعبون الحقيقيون.. وعلى وجوههم أقنعة وأصبغة كما جرت العادة.

 ثلاثة أمور اجتمعت في الجنوب..  وتصب كلها في مجرى واحد.. وتظهر أن التيار لا يمر بين الحكومة وسكان هذه الأقاليم.. بسبب ما يلي:

أولا.. نلاحظ أن أغلب الاحتجاجات الجماعية تقع في الجنوب وتتكرر باستمرار.. رغم ما يعرف عن سكان هذه المناطق من هدوء نسبي..  اجتماعي وسياسي.. فالجنوب الذي يعد المصدر الأول للثروة في الجزائر.. يرى نفسه مظلوما ومهمشا.. ويعتقد أهله أنه يعامل بتمييز غير مبرر “ضعف الخدمات، انتشار البطالة”.

ثانيا.. جملة الإجراءات التي تتبناها الحكومة في كل مرة.. عبارة عن وعود قد لا تتجاوز عتبة بذل بعض المسكنات.. لتهدئة الأعصاب المتوترة.. أما التعاطي مع التوترات المزمنة بحلول جذرية فلم يتحقق منه شيء إلى اليوم.

ثالثا.. محاولة الخلط بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي.. فالمحتجون يعرضون مطالب اجتماعية بالدرجة الأولى.. حتى في رفضهم إقامة حفل غنائي وأداء صلاة جماعية في المكان نفسه.. أو رفض استقبال وفد رسمي لتقديم التعازي.. تبدو الرسالة اجتماعية بالدرجة الأولى.. وأساسها أن لأهل المنطقة كرامة يجب أن تصان.. ودورا تاريخيا يجب الاعتراف به.. وثقافة يجب احترامها.

نأتي إلى التعليقات التي صاحبت هذه الأحداث.. فرد الوزير الأول بأن الفوضى ليست حلا للمشكلات.. وأن البطالة تضرب أطنابها من العاصمة إلى أقصى مدينة جنوبية.. هذا كله صحيح نظريا.. لكنه خاطئ عمليا.. لأن الحكومة لا تعالج المشكلات بل تسيرها.. وردودها تنم عن رفض الاعتراف بالأخطاء.. بل ومحاولة تبريرها بأسلوب ديماغوجي.

السؤال الآن: ماذا فعلت الحكومة تجاه احتجاجات سابقة؟ تقديري لو أنها فعلت شيئا صحيحا.. لما برزت الاحتجاجات إلى الشارع مرة أخرى.. فالناس عموما ليسوا مولعين بالفوضى.. والفوضى لا يحبذها سوى مروجي المخدرات والفاشلين سياسيا والمستفيدين من حالة التسيب عموما.

إن الأخطاء غير المعالجة تكبر وتتفاقم.. وقد تكتشف الحكومة بعد فوات الأوان أنها ضحية خطاياها.. حينها: من المسؤول عن كل تلك التداعيات؟

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 33970 شهيد

  2. إطلاق خدمة بطاقة الشفاء الإفتراضية.. هذه هي التفاصيل

  3. رهانات قوّية تُواكب مشروع مصنع الحديد والصلب في بشار

  4. رسميا.. مباراة مولودية الجزائر وشباب قسنطينة بدون جمهور

  5. "الله أكبر" .. هكذا احتفل نجم ريال مدريد بفوز فريقه (فيديو)

  6. لليوم الثالث.. موجة الفيضانات والأمطار تجتاح الإمارات

  7. تسقيف هوامش الربح على لحوم الأغنام والأبقار المستوردة

  8. بريجيت ماكرون المعلّمة التي تزوّجت تلميذها.. في مسلسل من 6 حلقات!

  9. بعد أسابيع من الغلاء .. مهنيون يؤكدون تراجع أسعار البطاطا بأسواق الجملة

  10. رسميا .. التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار الجزائر مساء اليوم