التسيير من المقابر..

ذهب أويحيى وعاد أويحيى.. خرج بلخادم ودخل بلخادم.. سقط شكيب من أعلى إلى أسفل.. وتسلق شكيب من أسفل إلى أعلى..

 

 ذهب أويحيى وعاد أويحيى.. خرج بلخادم ودخل بلخادم.. سقط شكيب من أعلى إلى أسفل.. وتسلق شكيب من أسفل إلى أعلى.. مات (س) وعاد (س) إلى الحياة.. اختفى (ع) من المشهد وظهر (ع) في المشهد.. متى نقرأ الخاتمة ـ ولا أقول الفاتحة ـ على أرواح الموتى الذين لا يموتون؟

 الكائنات السياسية عندنا تتمتع بمناعة خاصة ضد الانقراض.. فهي صالحة لكل زمان ومكان.. ولا يعتريها الفناء.. كما تبدو عصية على الموت المبكر.. ولا يشملها التقادم ـ بلغة الحقوقيين ـ.. وترفض الاستراحة ولو من باب الاستجمام.. ولا تقبل نهاية الصلاحية أو التحول إلى خردة سياسية أو حزبية.. كما تأبى الانتقال إلى التقاعد المريح.

 الخلود في السلطة.. مرض عربي مزمن.. وليس في الجزائر فقط.. فمن يحكم يرفض أن يموت.. ومن يموت يأبى أن يدفن.. ومن يُدفن يحتفظ بقناة اتصال مع الأحياء.. على أمل أن يُبعث من جديد.. لذا لا يبوح السياسي العربي بوصيته.. ويحتفظ بها في جيبه.

 يرث الحاكم العربي عشرة أجيال من البشر عاثري الحظ.. ليتولى خنقهم وسحقهم.. قبل أن يُسحب من الخدمة ويوارى التراب عنوة.. وقبل أن يرحل.. يصحب معه كل أرقام الهواتف إلى العالم الآخر.. فالفراعنة يؤمنون باستمرار الحياة السياسية.. ويتطلعون للعودة إلى عروشهم عند أول رنة تصلهم هناك.

***

 كم قضى أويحيى في السلطة؟ لقد تمدد طولا وعرضا بعمر جيل كامل.. بأقل تقدير.. وفي أسوأ الأحوال.. استهلك جيلين أو ثلاثة من خلق الله.. ولا يزال متقدما في ماراتون الألف ميل.. وعندما يحال على مستشفى النقاهة السياسية لدقيقة أو دقيقتين.. يحمل سريره على ظهره.. ويسرع راكضا إلى بيت التجمع.

 عاد أويحيى بطلا كما كان متوقعا.. فالمعركة حُسمت قبل أن تبدأ.. وللأمانة.. إياكم أن تؤمنوا بأن السياسيين يقاتلون فعلا.. هم يمارسون الاستعراض في الحلبة.. لكن دون مواجهة أواحتكاك.. ويبقى ما حدث في التجمع من شأن التجمع وحده.. ولا دخل لنا فيه.. لكن المصيبة أن أويحيى لا يعود إلى التجمع فقط.. بل يعود إلينا نحن أيضا.. ليتشبث برقابنا للمرة العاشرة على التوالي.. قبل أن يسلمنا إلى صندوق النقد الدولي.. الذي يتولى رعايتنا بطريقته الخاصة.. فأهلا وسهلا بالصندوق.

بالطريقة الجزائرية.. يُحتفظ بالأشياء القديمة لتلبية الحاجات الجديدة.. وكما يقتني الجزائريون الألبسة المستعملة بالجملة.. يحتفظون بالأحياء على ذمة الأموات.. نسمي هذا زمن التسيير من المقابر. 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. بــلاغ هــام من وكالة "عدل"

  2. رياح جد قوية وأمطار رعدية على هذه الولايات

  3. لفائدة العائلات.. الخطوط الجوية الجزائرية تطلق عرض خاص "أسرة"

  4. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34151 شهيد

  5. وفاة الداعية الإسلامي عبد المجيد الزنداني

  6. رياح قوية وزوابع رملية على هذه الولايات

  7. هذا هو توقيت القطار الليلي على خط "الجزائر – عنابة – الجزائر"

  8. وهران.. إصابة تلاميذ في إنهيار سقف قسم بابتدائية

  9. الجوية الجزائرية تكشف عن تفاصيل عرض "أسرة" الذي تم إطلاقه

  10. تنظف الرئتين من السموم.. إليك أفضل 5 مشروبات طبيعية