مهما تدعي وزيرة التربية.. أن ما يشاع عنها غير صحيح واتهام باطل.. لا سند له.. وإنها لا تستهدف ـ بإصلاحاتها من الجيل الثاني ـ مكونات الهوية الوطنية.. وتحديدا المواد الثلاث (العلوم الإسلامية والتاريخ والعربية باعتبارها لغة التدريس).. فلا أحد يستطيع تصديقها.. فالحال أصدق من المقال.. إذ من السهل أن تدلي الوزيرة بتصريح تنفي فيه سعيها في فرنسة وعلمنة المدرسة الجزائرية ـ إن تسنى لها ذلك طبعا ـ.. لكن من المتعذر أن تقنع الرأي العام أنها تقول ما تفعل.. وليس العكس.
فكم مرة غمزت في اللغة العربية.. وحملتها تراجع مستوى التلاميذ؟ أليست هي من اتهمت الكتاتيب بتخريج إرهابيين؟ ألم تكن هي من حاولت إدراج العامية في المدرسة الابتدائية؟
على الوزيرة ألا تنسى ما تقول.. فالناس لا ينسون.. وبقدر ما نعيش عصرا يسجل علينا كل صغيرة وكبيرة.. فإن أصواتنا وصورنا تصبح أدلة اتهام ضدنا وليس العكس .
إن الأيديولوجية هي القوة المحركة لمخطط الإصلاح كما تتبناه الوزيرة.. هي تتحدث عن الجيل الثاني من الإصلاحات بخلفية أيديولوجية محضة.. ولا أظن الوزيرة التي تطغى عليها الفرنسية لغة وثقافة.. يمكن أن تكون وزيرة ناجحة أومؤتمنة على مدرسة لغتها العربية.. فهذا غير ممكن.. ويشكل مفارقة في حد ذاته.. ولا يحدث هذا إلا في الجزائر.
إن استغلال ما يسمى بإصلاح "امتحان البكالوريا" لتمرير مخطط إقصائي ضد مواد الهوية الوطنية.. هوفرصة في يد الوزيرة.. وستتحجج كما العادة بأن ثلاثة أيام من الامتحان ليست كافية لإدراج كل المواد.. لذا ستكون مضطرة للتخلي عن ثلاث أو أربع مواد.. طبعا هي لن تقترح إلغاء الفرنسية ومن ثم الانجليزية.. وتبعا لذلك لن تجرؤ على حذف العربية.. فما هو الحل إذا؟
ستقول: لنحذف المواد الثانوية كالتاريخ والفلسفة والشريعة ـ الخاصة بالشعب العلمية ـ.. ونكتفي بإدراجها في البطاقة التركيبية.. وقد تمرر هذا الاقتراح.. باعتباره خلاصة اجتهاد اللجان المختصة ـ وما أدراك ما اللجان المختصة ـ!
فماذا بإمكان الأولياء أن يقولوا أو يفعلوا.. هم لا يستطيعون شيئا.. فما يهمهم هو أن ينجح أبناؤهم في الامتحانات الرسمية.. ولا يهم أغلبهم بأي لغة يكون ذلك.. بدليل أنهم ينسلخون من العربية في الجامعة.. ولا أحد يسأل عنهم أو يحتج.. وبدليل أن قانون تعميم استعمال العربية لا يزال معطلا منذ أصدر "بوضياف" مرسوما بذلك في 1992.. فهل ثار أحد؟
الثقة لا تُكتسب بسهولة.. وإذا ما فُقدت يصعب استردادها.