الجنرالات.. يحرروننا من الصمت

لا أدري إن كان الناس ممنوعين من الكلام قبل اليوم.. عنوة أم بإرادتهم الخاصة؟..

 

لا أدري إن كان الناس ممنوعين من الكلام قبل اليوم.. عنوة أم بإرادتهم الخاصة؟.. أعني قبل أن يتكلم الجنرالات.. ويقولوا ما شاؤوا.. وتطفو على السطح بعض الحقائق المستخفية وراء الكلمات.. أحيانا نحن مطالبون باستخلاص الحقائق.. مما لم يقله الجنرالات.. وليس مما قالوه.. وهذا ممكن.. بلغة الكلمات.. وبلغة الملامح أيضا.

 قبل اليوم.. حيث كان الصمت مطبقا.. والمحذور يدعو الناس لمزيد من الحذر.. ولا شيء أكثر اعتقالا كاللسان.. كل من أراد أن يتكلم أو يتنفس أو يصرخ.. أو أن يمد رجليه أبعد من سرير نومه.. عليه أن يعبر البحر.. ثم يطلق عقيرته هناك بعد أن يتنفس ملء حريته.. ويطرد غازات الكبت المتراكمة داخل رئتيه.

 الصمت والخوف والشك.. ثلاثية لازمت الجزائريين ربع قرن تقريبا.. لا أحد كان يجرؤ على التفكير في الممنوعات.. أو النبش في قبر المأساة الوطنية.. أو الإشارة إلى العشرية السوداء كما يسميها البعض.. ولا أقول البوح بها.. لا أدري ما السبب.. هل هو الخوف الساكن فينا.. والمتشبث بأفكارنا.. أم الرغبة في تجاوز المحنة.. أم التقزز مما حدث؟

 في تلك العشرية.. تعلم الناس أن يخافوا ويشكوا.. وإلى اليوم لم يتعلموا كيف يطردوا الخوف أو يستعيدوا الثقة في أنفسهم.. وفي غيرهم.. تحولت الحياة إلى ممارسة إرادية لطقس الموت.. ماتوا جميعا وهم أحياء.. ولهذا السبب جاء شكيب خليل.. وأخذ ما أراد.. وعاد إلى أمريكا دون أن يوقفه أحد.. فالجميع كانوا خائفين.. خائفين جدا.. فالأشباح تراقب الناس.. وتسجل عليهم محاضر اتهام ثقيلة.. وتزج بهم في السجون.. وقد تطلق سراحهم إذا شاءت.

 جميل أن يخرج الناس من قبورهم.. ويعودوا إلى الحياة بعد الموت.. في صورة نشور سياسي وإعلامي.. وأن يفكوا أسر ألسنتهم التي نسيت الكلام أو تناسته.. وأن يستعيدوا حريتهم في التنفس الطبيعي.. وينزلوا إلى الشوارع.. ليتمرنوا على السير مستقيمين.. بدل المشي على وجوههم.. ويقرأوا عناوين الأمكنة.. بدل أن يسترقوا النظر خلف أستار نوافذهم الموصدة بإحكام.

 أشياء تغيرت.. وأظن الفضل لهؤلاء الجنرالات الذين تكلموا.. بغض النظر عما قالوا.. فهل نتغير نحن.. ليتغير كل شيء؟   

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار رعديــة ورياح قوية بعدة ولايــــات

  2. بريد الجـــزائر يحـذر زبائنه

  3. هذه أبرز الملفات التي درستها الحكومة

  4. توقعات أكثر الدول عرضة لنقص المياه بحلول 2050.. والجزائر في هذه المرتبة

  5. أول مشروع إستثماري ضخم في النعامة لخلق 1500 منصب شغل

  6. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  7. "الفيفا" تثني على تألق بن زية

  8. رغم فوائده.. 7 أمراض قد تمنعك من تناول التمر في رمضان

  9. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  10. محكمة مروانة تفتح تحقيقا في قضية وفاة اللاعب نسيم جزار