المدرسة الجزائرية ليست بخير.. لا بسبب نقص الاعتمادات المالية.. فهي من هذه الزاوية ميسورة الحال.. بل لبؤس من يتولى أمرها.. ويقرر مصيرها كما يريد هو لا كما تريد هي.. ولهذا السبب نقدر يقينا أن المدرسة لن تسترد عافيتها.. إلا بانقراض آخر كائن سيء.. يبسط سلطانه عليها.
الوزيرة التي سعت في خلط أوراق هذه المدرسة.. بإقحامها في ترتيبات تحويلها إلى ملحق للمدرسة الفرنسية.. لا من حيث كفاءة التدريس.. ونوعية مخرجات التعليم.. بل من حيث صياغة مخلوق جزائري لا هوية له.. لا يبقى جزائريا أصيلا.. ولا يتحول فرنسيا إن أراد.. بتعبير الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله.
فماذا يعني أن تفتح الوزيرة شخصيا.. تحقيقا في فيديو ـ من أمثاله المئات بل الآلاف ـ.. لأستاذة يبدو أنها صاحبة نية حسنة.. وإن أخطأت التقدير.. فما يجب التحقيق فيه هو: إلى أين تتجه هذه المدرسة؟ وعلى أي شاطئ سترسو بعد هذا التيه والاستنزاف؟
أما أن تتكفل الوزيرة شخصيا بهذا الفيديو.. فقد يخفي ذلك أغراضا خاصة وشخصية.. فالمسؤولة الأولى عن القطاع.. التي تناولتها سهام التشكيك من كل جانب.. والمتهمة ـ حتى يثبت العكس ـ بجر المدرسة الجزائرية إلى ما وراء البحر.. بفرض نمط تربوي وبيداغوجي مستورد ـ وإن أخذ شكلا جزائريا في الظاهر ـ .. هذه الوزيرة تريد صرف الأنظار عنها في هذه اللحظات الحرجة بالذات.. وتحويلها إلى أستاذة.. ربما تكون قد اجتهدت فأخطأت.. وبهذا المعنى.. تصبح الوزيرة صارمة وحديدية.. لأنها تبدي تحكما في الموظفين.. وتعاقبهم إن هم أخطأوا.. وتفتح تحقيقات للكشف عن التجاوزات.
بهذا اللون من التفكير والتصرف.. نحن إزاء وزراء ومسؤولين.. لا يعنيهم ما يحدث في المدرسة.. بقدر ما يشغل بالهم.. أن تمضي الأمور على نحو هادئ وسلس.. بمثل قصة مدير تربية.. رد على مدير ثانوية شكا إليه انعدام التأطير.. (قراو ولا ماقراوش.. كيف كيف).. بمعنى: درسوا أم لم يدرسوا.. فالأمر سيان!!
كان يمكن معالجة الموضوع بغير تهويل أو ضجيج .. ويصار إلى النظر في هذا الخطأ المهني.. الذي لا أراه خطأ أخلاقيا أو بيداغوجيا أو معرفيا.. أو اعتداء على الحريات الخاصة.. أو استغلالا لبراءة أطفال صغار.. بقدر ما أراه اجتهادا في غير محله.. ومهما تكن جسامة هذا الخطأ.. فإنه لن يتجاوز درجة خطأ من الدرجة الأولى.. قد يعقبه تنبيه أو إنذار كحد أقصى.
أهم ما في الموضوع.. ما هو خارج الموضوع.. من المسكوت عنه.. ولأبطال هذه المعارك الوهمية أردد ـ بلسان المسيح عليه السلام ـ: تبصرون العود في عيون الآخرين.. ولا ترون الخشبة في عيونكم.