الدينار.. يموت ببطء

في ظل التراجع المستمر لعائداتنا من تصدير المحروقات.. وعجز الحكومة عن تدبير موارد مالية خارج نطاق الجباية النفطية..

إن راقبت أسعار العملات الصعبة (الجنية الإسترليني، الأورو، الدولار، الين الياباني، وغيرها).. فستلاحظ أن فرق القيمة فيما بينها محدود جدا.. والتذبذب الحاصل يوميا.. بسبب المضاربة في البورصة لا يتعدى 1 بالمائة.. وحتى أولئك الذين تنبؤوا بانهيار الجنية الإسترليني.. في خلفية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أخطأوا التقدير.. فهذا الدولة ذات الاقتصاد المتين أكسبت عملتها مناعة ضد الانهيار.. فماذا عن الدينار الذي علقت عليه جل الحكومات المتعاقبة فشلها.. وحولته إلى أداة للتلاعب بجيوب المواطنين؟

 في ظل التراجع المستمر لعائداتنا من تصدير المحروقات.. وعجز الحكومة عن تدبير موارد مالية خارج نطاق الجباية النفطية.. تكون مستقرة ودائمة لتمويل الميزانية.. ولجوئها إلى أيسر الحلول.. أي تخفيض قيمة الدينار.. ستكون العاقبة غير محمودة.. والسلم الاجتماعي الذي تتغنى به الحكومات وتشتريه بأي ثمن.. سيوضع في كف عفريت.

 الرأي العام الوطني في أغلبه.. لا يدرك تماما لعبة الحكومة مع الدينار.. وعندما يسمعون كلاما عن تخفيض الدينار.. لا ينتبهون إلى أنهم الضحية قبل الدينار.. وقد لا يمثل ذلك بالنسبة إليهم شيئا.. إلا حين ترتفع الأسعار فجأة.. وتدق الأزمة جيوبهم.. فيعلنون سخطهم.. قبل أن يبتلعوا الطعم ويسلموا بالأمر الواقع.

 تعويم العملة الذي يعني ترك الدينار يواجه مصيره منفردا أمام العملات الصعبة.. يعني الحكم عليه بالموت لا محالة.. إن لم نقل إنه قد مات فعلا.. والجناة قد رقصوا في مأتمه.. فنحن لا نمتلك اقتصادا حقيقيا يسند قيمة الدينار.. والاحتياطي من النقد الأجنبي الذي تركن إليه الحكومة لضمان نوع من الاستقرار النسبي في قيمة الدينار.. يبدو غير آمن وقد لا يستمر طويلا.. في ظل سياسة الاستيراد الأعمى التي تغرف من هذا الاحتياطي.. ونهم ديناصورات الاستيراد الذين لن يهدأ لهم بال.. إلا باستنزاف آخر دولار نفطي تحتفظ به الحكومة في جيبها.

 الدينار يموت لأننا نرفض مواجهة الحقيقة.. التي تقول إننا نحن الجزائريين نكذب على أنفسنا منذ ستين عاما تقريبا.. فباستثناء المبادرة الجريئة التي قام بها الرئيس الراحل بومدين في السبعينيات.. في سياق سياسة تصنيع كثيفة وشاملة.. قبل أن ينقلب عليه خلفه الشاذلي.. وتأتي على ما بقي من مشروعه حكومات التسعينيات وما بعدها (أويحيى، رضا مالك، سلال).. فإن الخيارات الاقتصادية كانت انتحارية وقاتلة.. وضحيتها المفضلة في كل ذلك.. هذا الدينار المسكين.. الذي يئن تحت وطأة إجراءات بنك الجزائر.. وإملاءات بورصة “السيكوار”!

السؤال: هل نظل أحياء.. بعد أن يموت الدينار؟

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. رياح جد قوية وأمطار رعدية على هذه الولايات

  2. طقس الأربعاء.. أمـطار على هذه الولايات

  3. وهران.. إصابة تلاميذ في إنهيار سقف قسم بابتدائية

  4. الجوية الجزائرية تكشف عن تفاصيل عرض "أسرة" الذي تم إطلاقه

  5. الدكتور محيي الدين عميمور: لماذا تكثر الاستفزازات المغربية منذ رفع علم الكيان الصهيوني رسميا في القطر الشقيق.؟

  6. الرئيس الإيراني يهدد إسرائيل

  7. "فيديو" أنقذته المئذنة.. إمام جامع يستغيث من هجوم بسكاكين

  8. قسنطينة.. تدشين مصنع لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات

  9. لمواجهة آثار الأرق.. تعرف على هذه الحيلة المرتبطة بشرب القهوة

  10. في إطار دعم مُربي المواشي ... مجمع "أوناب " يقرّر تّخفيضات في أسعار الأعلاف