ترامب رجل أعمال بحجم ملياردير.. لكنه يحكم أمريكا الآن.. ولم يقل أحد هناك.. إن رجال المال والأعمال لا يحكمون.. ولا يمارسون السياسة.. وعليهم ألا يفكروا في الترشح للرئاسة أو النيابة.. وإنهم ملزمون بالوقوف منها على مسافة ألف سنة ضوئية.. وألا يفكروا في الاقتراب منها.. وإلا احترقوا.
يحدث هذا في كل البلاد الديمقراطية تقريبا.. حيث السياسة والمال توأمان.. لا ينفكان عن بعضهما.. والعيب ليس في هذا التلازم.. بل في فساد القيم وانحطاط الأخلاق والممارسات.. في دنيا المال كما في دنيا السياسة.
رجل الأعمال.. ورئيس منتدى المؤسسات الاقتصادية السيد علي حداد.. يصرح بمناسبة الاحتفال ببسط سيادة الجزائر على قطاع المحروقات وتأسيس “ا ع ع ج«.. ألا علاقة له بالسياسة.. وأن همه وهم تنظيمه هو الاقتصاد لا غير.. وإنه غير معني بما يدور في كواليس السياسة.. كلام جميل لو ثبتت صدقيته.
غير أن هذا الادعاء كان يمكن أن يكون صحيحا ووجيها.. لو قيل في سياق مختلف.. ومن منطلقات مختلفة.. وبسيرة ذاتية تخلو من السياسة تماما.. لكن أن يدعي هذا الانفصال “رجل أعمال”.. غارق في السياسة وصراعاتها وكواليسها حتى أذنيه.. فهذا الذي يثير الاستغراب حقا.. حتى أقول الضحك.
لن نذهب بعيدا في إثبات أن رئيس المنتدى شخص دخل عالم السياسة من باب المال.. كما دخل دنيا المال من باب السياسة.. ولدينا قرائن وإثباتات على ذلك.. ففي هذا اللقاء الاحتفالي تحديدا.. أشار إلى أن دور رجال الأعمال هو “تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية مع سفارات الجزائر واستقبال وفود أجنبية”.. ونسأله: هل هذا من السياسة أم من المال أم من كليهما؟.. وثمن في مداخلته “جهود رئيس الجمهورية في إعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية وتشجيع الاستثمار”.. وهل هذا الإطراء إلا مقاربة سياسية بعنوان مالي؟ وتحدث عن القاعدة الاقتصادية 49/51 و.. ليؤكد أن “القرار سيادي ويخدم الاقتصاد الوطني”.. وهل هذا إلا تماهي لغة المال مع القرار السياسي؟
أكثر من هذا.. ظهر المعني مع جماعة المركزية النقابية.. وبحضور منافسته على قيادة منظمة رجال المال والأعمال.. والمناسبة سياسية.. وخطابها سياسي.. أليس فيما يبدو.. أن الغزل السياسي يبدأ من هنا؟
