قد تكون إجابة وزيرة التربية الوطنية عن سؤال عضو في البرلمان عن “تدريس مادة العلوم الإسلامية” تقنية بحتة.. فالذين كتبوا الإجابة.. أحصوا عدد الساعات المقررة في كل الأطوار.. أي 500 ساعة.. ورأوا في هذا الحجم الساعي .. ما يدل على مكانة “التربية الإسلامية” في الطور الإلزامي.. ومكانة العلوم الإسلامية ـ بحسب التسمية ـ في الطور الثانوي.. ثم تطرقوا إلى محتوى المنهاج وأنهوا الموضوع.
رغبتا لو أن الإجابة كانت أكثر منها بيداغوجية.. على غرار قول الوزيرة “إن الجانب الديني موجود بقوة في مقررات المدرسة الجزائرية”.. لتضيف أن التلميذ لا يدرس الشريعة “في المدرسة فحسب بل وحتى في المنزل حيث تعمل العائلات الجزائرية على تلقين أبنائها القرآن الكريم نظرا لتمسكها بالدين الإسلامي”.
فعلى مستوى مجلس الأمة تحديدا.. يجب أن تطرح الأسئلة لا ليتسنى للوزراء إغراقنا في تقنياتهم.. فهذا الطرح لا جدوى منه.. والرأي العام لا يتعاطى مع الأرقام الجافة واللغة التقنية.. إنه يبحث عن معاني واقعية.. ذات صلة بالهوية.. وما إذا كانت المدرسة تستجيب لقيم المجتمع أم تنبذها.. وما إذا كانت الوزيرة أو من يمثلها.. يتبنون إصلاحات لا تناقض جوهر التربية الإسلامية.. من حيث التنشئة وبناء القناعات وترسيخ القيم الأخلاقية والاجتماعية للطفل الجزائري.. نحن لا نريد طفلا لائكيا ـ هذا باختصار ـ .
موقف الوزيرة من تدريس الشريعة معروف.. وهو لا يخفى على أحد.. ولا يهمنا ذلك إلا بمقدار ما ينعكس موقفها هذا سلبا على تدريس مادة “العلوم الإسلامية”.. ثم لا نجد تفسيرا لإقحامها الأسرة والمسجد في الموضوع.. فنحن هنا بشأن دور المدرسة.. وليس ما يقع خارجها .
ثم إن تطرف الموقف أحيانا.. قد يحمل صاحبه على تبني إجراءات مثيرة للشبهة.. على غرار تحويل مادة العلوم الإسلامية إلى مجرد مادة ثانوية.. وهي كذلك بالنسبة إلى مختلف الشعب.. بل إن تلاميذ الشعب العلمية في السنتين الأولى والثانية.. يتلقون حجما ساعيا أقل من نظرائهم في التخصص الأدبي.. فلم يحدث هذا التمييز؟ سؤال لم تتم الإجابة عنه.
الوزراء ماضون وليسوا باقين.. أما ما يبقى فهوالمدرسة والطفل الجزائري.. ومن هذا المنظور نريد للمدرسة أن تكون أكبر من الوزير وطاقمه.. فالدستور والقانون التوجيهي للتربية وموقف الرأي العام “المجتمع” قد حسموا الأمر.. لكن ثمة من لم يقتنع بعد.. أنه مجرد مشرف.. وليس صاحب قرار في هذا المستوى من القضية.