رئيسة جمعية الهلال الأحمر الجزائري.. تُحمل ـ وبضربة واحدة ـ الأحزاب السياسية مسؤولية تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين ـ من الجزائريين طبعا ـ.. وتشير إلى أن الخطاب التيئيسي الذي تتبناه هذه الأحزاب يقف وراء هذه المأساة.. وتقول بالحرف (هذه الخطابات خطيرة وتلعب بعقول الشباب وتدفعهم للحرڤة ـ أي الهجرة ).. بالملخص هذا كلامها وهذا حكمها ولا تستثني أحدا.. ولا تميز بين حزب يحكم وحزب يعارض.. وحزب لا يفعل شيئا.. وحزب يمسك العصا من وسطها.. وحزب وُلد على الورق ومات على الورق.
قد يكون لهذا الكلام بعض الحقيقة من زاوية أن الجميع ينوؤون بوزر هذه الظاهرة.. مع تفاوت أنصبتهم من ذلك.. لكنه في جانب منه هو قلب للحقيقة.. فالحكومة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن ذلك .. وهي المتهمة قبل غيرها بالتقصير إن وُجد تقصير.. وهي التي تتحمل تبعة تفاقم هذه الظاهرة.. لأن ما بين أيديها من وسائل وإمكانات وصلاحيات كفيل باحتواء هذه الظاهرة.. أو على الأقل تحجيمها إلى أدنى حد.. لكنها لا تفعل ما يكفي.. وتكتفي برصد مخلفات الظاهرة.. من جثث يلفظها البحر أو رد على مواقف تبديها الدول الغربية ”الجنة الموعودة”.. أو أحكام تصدرها المحاكم في حق بعض المهربين.
أدعي أن الحكومة قادرة على رصد واحتواء الظاهرة بنسبة تفوق تسعين في المائة بأقل تقدير.. لأنها مسؤولة عن حماية الشواطئ التي يستغلها مهربو البشر وبارونات ”الحرڤة”.. وهي معنية بتطبيق القانون بصرامة وبفتح عينيها كي تبصر ما يجري أمامها.. وقبل كل شيء.. مطالبة بالبحث في الأسباب التي تحث هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين على سلوك هذا الطريق المسدود.. بدل أن يبقوا في وطنهم ويختاروا العيش فيه.. على أن يفتشوا عن سراب لن يجدوه.. وإن عثروا على شيء منه.. فبكلفة باهظة يدفعونها من شبابهم ومستقبلهم وربما من أرواحهم.
أسأل: لو وجد هؤلاء الشباب ما يلبي آمالهم.. أكانوا يغامرون على هذا النحو القاتل.. ليقرروا وضع مصيرهم بين أيدي تجار الموت.. الذين لا يرون فيهم سوى مصدر للإثراء السهل والسريع؟
أعتقد أن الإجابة واضحة.. فالسياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.. هي التي تقرر ما إذا كان لهؤلاء الشباب أن يبقوا هنا آمنين مطمئنين.. أم إن كانوا سيقررون اقتحام أخطار قد لا يعودون منها أبدا.. فمن ذا الذي يغادر الجنة حين يعثر عليها؟!