عضو بمجلس شعبي بلدي.. وجد مقتولا في مكتبه.. والقاتل المشتبه به.. مواطن اختار ارتكاب الجريمة بقطعة بلاط.. لعلها أصابت الضحية في مقتل فأردته.. قبل أن يلقى عليه القبض ويوقف للتحقيق.. هكذا يدفع منتخب حياته ثمن تهور شخص أخرق.
أقول.. لو أن كل منتخب لا يرسل على موجة المواطنين حقا أم باطلا.. يتحول إلى مشروع جريمة.. فإننا سنكون مضطرين لإعادة تعريف وظيفة عضو المجلس الشعبي.. وإرفاق جملة الأخطار التي تتهدد حياة كل منتخب في قائمة الواجبات الخطيرة التي يُلزم بها.. مما يجب أن يعلمه ويوقع بالموافقة عليه.. وإلا ما معنى أن تمارس مهامك وألف طريقة للقتل أو الإصابة بعاهة دائمة تتربص بك.
وإذ أقارن بين قتل هذا المنتخب.. والطريقة التي يتعامل بها نواب في المجلس الشعبي الوطني مع رئيسهم.. أستخلص أن الناس عندنا لا يميزون بين ما لهم وما ليس لهم.. ما للمسؤول أو الرئيس من حقوق وما عليهم من واجبات إزاءه.. فالمسؤول ليس شيطانا رجيما دائما.. فالمواطنون ـ ومن بينهم من لا ينتخبون أصلا ـ.. هم من يتقمص هذه الشخصية الشريرة أحيانا.. ويعتدون على ممثليهم.. وقد يحملونهم أوزارا لم يرتكبوها.. وقد يدفعونهم لارتكاب حماقات أحيانا.
أتساءل: ما معنى إجبار رئيس المجلس الشعبي الوطني على الاستقالة؟ وما معنى قتل منتخب بدم بارد؟
في كل المستويات.. من الأسفل إلى الأعلى.. لا يبدو القانون هو الحاكم.. بل المصالح والحماقات هي التي تقرر من يبقى ومن يرحل.. وإلا كيف يتسنى لمن يشرع للمجتمع والدولة أن يكون هو أول من يخرق القانون ويدوس عليه.. حين لا يتسق النص مع نزواته أو يجده عائقا يعترض رغباته.
إذا لم ينص القانون على وضع معين.. يمكن تحويل إخطار للمجلس الدستوري.. حيث يتسنى الاجتهاد وإيجاد صيغة ما لتجاوز الانسداد.. فهل القضاة يصدرون دائما عن النصوص؟ قد يواجهون معضلات لا نص عليها.. فيجتهدون وهذا هو الفقه.. أما من لا فقه لديه.. فمن الأجدر أن يلزم بيته.. من أن يورط الناس ونفسه في ما لا قبل لهم به.
قرأت أن نوابا أغلقوا باب مقر المجلس بالسلاسل..! وهذا تصرف مستهجن بكل تأكيد.. ففي الجامعة فقط.. يلجأ بعض ممثلي الطلبة الراسبين إلى إغلاق أبواب الإدارة بالسلاسل.. وإلى حين الرضوخ لمطالبهم.. فهل عبرت العدوى إلى خارج الحرم الجامعي؟
ما يحدث أحيانا لا يكون قابلا للتفسير.. لأنه ـ وباختصار ـ غير معقول.
