في رحلته الأخيرة إلى فرنسا.. التي سبقت إقالته.. تحدث الوزير الأول المقال مع رئيس الوزراء الفرنسي.. وقيل إن محور الحديث هو حماية المصالح الفرنسية في الجزائر.. بسبب ما أثارت إجراءات السيد تبون من هواجس لدى الفرنسيين.. ولدى قواعدهم المتقدمة في الجزائر.. فلا يزال الفرنسيون إلى اليوم يذكروننا بضرورة أن تحمى مصالحهم في الجزائر.. وألا يُسعى إلى إعادة النظر فيها بأي وجه من الوجوه.. فهي مصالح مكتسبة منذ عقود.. وهي أشبه بالحق الذي لا يجوز التنازل عنه أو مراجعته ولو بالمليمتر!
حول ما يسمى بـ«المصالح الفرنسية”.. علينا نحن الجزائريين أن نتقدم خطوة إلى الأمام.. وأن نكسر حاجز “الممنوع” الذي يحرمنا الاطلاع على حقيقة هذه المصالح.. ما هي؟ كيف اكتُسبت؟ وكيف تدار؟ وماذا نجني منها؟ وما موقع مصالحنا نحن من ذلك؟
أسئلة تستفزنا باستمرار.. وفي كل مرة كنا نقف عند عتبة من يذكرنا بهذه المصالح.. دون أن نحاول اقتحام هذه المغارة العجيبة؟
كل دولة لها مصالح في الخارج.. لا أحد ينكر هذا.. لكن أية مصالح؟ ومقابل ماذا؟ وهل هي مصالح في اتجاه واحد ولفائدة طرف واحد؟ أم تكون متبادلة وشفافة؟
مع الفرنسيين و«مصالحهم” في الجزائر.. نحن نخوض في العتمة.. لن يشرح لك أحد حجم وطبيعة هذه المصالح.. وهذا في حد ذاته يكفي لإثارة هواجسنا.. قد أجازف بالقول إنها مصالح اقتصادية وسياسية وثقافية.. وهذا عرض عام بلا تفصيل.. لكننا نرغب في الاطلاع على التفاصيل.. ولماذا يصر الفرنسيون ـ في كل مرة ـ على تذكيرنا بواجب حماية هذه المصالح؟
المصالح لا ظل لها.. ففي الاقتصاد تحديدا تكون الأرقام معبرة جدا.. فلمن يميل الميزان التجاري؟ من يصدر أكثر ومن يستورد أكثر؟ من يستثمر ومن يحاول أن يبيع فقط؟ من يستفيد ليخسر الآخر؟
في الثقافة.. تتحول اللغة الفرنسية إلى لغة إعلام وإدارة وتعليم وحديث.. في مخالفة صريحة للدستور.. ولمعاني استقلال الدولة وهيبتها وسيادتها في أعلى الهرم.
وفي السياسة.. لا أدري إلى أي مدى يحاول الفرنسيون التدخل في شأننا الداخلي.. أو التأثير على استقلالية قرارنا السيادي.. نحن نشك في كل هذا؟!
غموض.. يحيلنا إلى مزيد من الغموض.. لنكتشف أننا إزاء مغارة عجيبة حقا.. من يغامر باقتحامها؟
