أن يموت الرؤساء والحكام على هكذا نحو شائن.. فمأساة حقيقية.. نراها في الأفلام ونقرأ عنها في القصص.. لكن لا نتوقعها أن تحدث أمام ناظرينا.. ومع ذلك تحصل في عالمنا العربي.. بقوة الأحداث التي تفرض نفسها أحيانا.
ثلاثة حكام عرب ماتوا جميعا بصورة درامية.. أعدم صدام حسين صبيحة عيد الفطر.. وانتقم منه خصومه من الشيعة كما كان يحلو لهم.. وانتهت سيرة حاكم لم يحسن ضبط حساباته جيدا.. حين وثق في أقرانه من الحكام العرب.. ووثق أيضا في قدرات جيشه ـ المغشوش من الداخل ـ.. وحين صدق أن الغرب إن لم يكن معه.. فلن يكون ضده.
وقُتل القذافي ببشاعة.. وتلك كانت إحدى أسوأ الميتات التي شهدناها في السنوات الأخيرة.. لأنه اختار الانتصار لهوسه الشخصي.. وتصرفه على نحو يجعله أقرب للجنون منه إلى الحالة السوية المفترضة في رئيس يحكم دولة.. وليس قطيعا من الأغنام.
وأخيرا.. انتهى الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح.. جثة مرمية على قارعة الطريق.. يتناثر دماغه.. وتطوى جثته في بطانية.. ليعلن حلفاؤه الحوثيون نصرهم المؤزر عليه.. وحين رأوا فيه خائنا وجبت تصفيته بهذه الطريقة.. بعد أن كان حليفهم الأول.. الذي مكنهم من احتلال العاصمة صنعاء.. ووضع أيديهم على معسكرات الجيش اليمني.. بما فيها من سلاح وعتاد.
نهاية حزينة حقا.. يختارها البعض لأنفسهم.. قبل أن يختارها لهم خصومهم.. فماذا لو أعاد هؤلاء النظر في خياراتهم القاتلة.. وسلموا بإرادة الناس في اختيار من يحكمها.. ولم يصروا على ما فعلوا؟
قبل أيام تجرع مجرم حرب من كروات البوسنة السم على مرأى من العالم.. وهو في محكمة الجنايات الدولية.. فاختار أن ينهي مساره في الإجرام والإبادة.. بتصفية نفسه بنفسه.. وهذه نهاية تنسجم تماما مع ما يؤمن به مجرم حرب.. عدم الإنسانية.. وليس له قلب!
هكذا يموت البعض.. مقتولا أو مسجونا أو هاربا بلا عنوان يدل عليه.. وحين يسلم الروح.. لن تلتف حوله إلا قلة تستعجل التخلص منه.. فثمة جثث يحسن التخلص منها ميتة.. بعد أن كانت وبالا وهي حية.
