وأين الباقي؟

ماذا نسمي الوصاية على المشاهد.. حين نفرض عليه نمطا محددا من البرامج..

الترخيص بموجب القرار الجديد الخاص بخدمات البث التلفزيوني.. لسبع خدمات ”موضوعات” فقط.. يسمح بالاستثمار فيها.. لتمثل أنشطة القنوات المرخص لها.. وحصرها في (الأحداث، الثقافة، الشباب، فن الطبخ، الاكتشافات، المسلسلات والترفيه، الرياضة).. يدعونا للتساؤل: وأين باقي الأنشطة؟ ولمَ هذا الحصر تحديدا.. بدل أن يترك للمستثمرين اختيار ما يرونه مناسبا.. ثم لتأتي الرقابة على المواد المعروضة لاحقا؟

فعلى سبيل المثال: أين برامج ”الأشرطة العلمية” التي تختلف في مادتها عن الخدمة الثقافية؟ ولمَ تم تغييب الأنشطة التعليمية والتربوية؟ وأين قنوات الأطفال، والقنوات الدينية، وقنوات الأسرة خارج الطبخ؟ ولمَ هذا التركيز على الخدمات المذكورة فقط.. بحيث إن خمسا من بين السبع المنصوص عليها.. هي بصورة أو أخرى خدمات ترفيهية؟ وما هي حدود الترفيه؟ وهل من ضوابط أخلاقية تحيط به؟ هل هواحتكار التلفزيون العمومي للأنشطة غير المذكورة.. ليتسنى التحكم في مضامينها وتوجيهها وتكييفها عند الحاجة؟ وفي هذه الحالة ماذا عن الأنشطة الثقافية التي تبدو على درجة عالية من الخطر.. باعتبارها مما يساهم في تشكيل الوعي الفردي والجمعي والـتأثير فيه؟

أم إن المشرع بسبب غفلة منه أو قلة دراية بتطورات النشاط الإعلامي المرئي واتساع مساحته.. وقوة المنافسة التي تسود ميدانه.. أو بداعي سوء تقدير لخيارات الراغبين في ممارسة أنشطة البث التلفزيوني .. نسي أن يدرج الأنشطة غير المذكورة في النص.. فأهملها قصدا أو بغير قصد؟

 وماذا نسمي الوصاية على المشاهد.. حين نفرض عليه نمطا محددا من البرامج.. لينتهي أسير من يتحكم في المادة الإعلامية ويقرر محتواها؟ وماذا عن الحق في حرية المشاهدة كما في حرية الإبداع والابتكار؟

وفي مستوى آخر من الموضوع.. ماذا عن لغة البث؟ لقد أدرج نص القرار المذكور لغتين وطنيتين رسميتين خاصتين بالبث.. وهما العربية والأمازيغية.. ولأن العربية لم تعد هي اللغة الوطنية والرسمية الوحيدة.. التي تجمع الجزائريين حول قاسم مشترك واحد.. بل هما لغتان اثنتان ترسمان الانقسام بعنوان التعددية اللغوية والثقافية.. والتي ستتطور حتما إلى تعددية سياسية.. ما يعني أن تتكرس وتترسم لغة الحواجز والأفكار.. ويقع تشتيت الجزائريين بداهة. إننا نخشى على التعددية التلفزيونية ونخشى منها أيضا.. كما خشينا على التعددية الحزبية ومنها.. فما على الورق يظل على الورق.. أما ما على الأرض فممارسة من نوع مختلف.

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار رعديــة ورياح قوية بعدة ولايــــات

  2. بريد الجـــزائر يحـذر زبائنه

  3. هذه أبرز الملفات التي درستها الحكومة

  4. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  5. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  6. توقعات أكثر الدول عرضة لنقص المياه بحلول 2050.. والجزائر في هذه المرتبة

  7. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  8. أول مشروع إستثماري ضخم في النعامة لخلق 1500 منصب شغل

  9. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  10. "الفيفا" تثني على تألق بن زية