في مسابقة توظيف الأساتذة.. أسفرت الأرقام المعلنة لأول مرة.. عن شيء مخيف.. لم تستطع الحكومة الإفصاح عنه من قبل.. مليون بطال جامعي.. بأقل تقدير.. لم نكن نعلم عنهم شيئا قبل هذا.. كما لم تكن ترغب الحكومة في إعلان ”رقمهم” لأنه يحرجها ـ إن كانت تتحرج أصلا -.. لكن للضرورة أحكام.. وللحكومة أوقات تسلم فيها بالأمر الواقع.
من بين هذا المليون الذي لم يكن يذكره أحد.. نجح في المسابقة الكتابية ما يقرب من 150 ألف مترشح.. ومن بين هذا الرقم الأخير نجح أقل من 30 ألف في الامتحان الشفوي.. فأين يذهب الباقي.. أعني حصرا 970 ألف راسب؟
دعنا من 30 ألف.. ولننتبه إلى 970 ألف.. فالمشكلة تكمن هنا.. في هذا العدد المهول من الراسبين.. الذين لن يجدوا ملاذا آخر.. يوفر لهم أملا في الحصول على وظيفة.. وليكتسب وجودهم كمواطنين جزائريين معنى.. وتتأتى لهم حقوق.. أقلها أن يحصلوا على مناصب عمل تليق بشهاداتهم.
لقد استُعمل هذا الرقم الضخم في الإشهار لوزارة التربية.. باعتبارها الوزارة التي فتحت أبوابها لمليون مترشح.. وجرى توظيف ”الرقم المعجزة” بأكثر من طريقة.. ليتشكل الانطباع لدى الناس.. وتحديدا لدى البطالين الجامعيين.. بأن الفرص متاحة للجميع.. والأمل قائم.. والمنافسة على النجاح تمنح المتفوقين مكانا في سوق العمل ـ تذكروا أن كل الاختصاصات الجامعية بما فيها غير المؤهلة للتدريس بحكم طبيعتها سُمح لها بالمشاركة في المسابقة ـ .. حتى الصمت يشترى.. لكن إلى حين!!
أسأل: إلى أين يذهب الباقي؟ وإلى أين سيذهب مئات الألوف من الخرجين الجدد الذين سيلحقون بهم.. ويصطفوا خلفهم أو أمامهم؟ هل يوجد اقتصاد يستوعبهم؟ هل توجد قطاعات خدمية خارج الإدارة والتعليم تمد إليهم حبل النجاة.. وسط طوفان من الملوحين بشهاداتهم؟ هل يوجد قطاع خاص غير طفيلي يؤدي دوره في التشغيل؟
كان سهلا النجاح كما والالتحاق بالجامعة.. كما كانت نتائج البكالوريا تُكيف أحيانا لخدمة أغراض إشهارية.. فماذا بعد؟
التحدي مستحيل.. وأرى الحكومة عاجزة نهائيا عن التكفل بـ ”مخرجات” سياساتها.. فهلا استفاقت من غيبوبتها!