مسؤول كبير.. كبير جدا.. يصرح على هامش زيارة ميدانية.. أن “الدولة براغماتية وترى في ربح المؤسسات وخلق مناصب شغل جديدة بمثابة ربح للجزائر ككل”.. وأن الحكومة “تعمل ولا تولي أي اهتمام لما يقال هنا وهناك”.. كلام جميل لو وجد ما يؤكده في الواقع.. لأن الواقع يفصح عن حقائق مختلفا تماما.. فنحن لا نرى هذه البراغماتية.. ولا نلمس لها أثرا على الأرض.. إلا ما يخدم مصالح القطط السمان.. أو يبقي الحكومة حية على حساب ملايين الأموات.
إحدى معضلاتنا.. أننا عندما تخوننا الوقائع.. نرتفع في الهواء كي لا نلامس الأرض.. ونشرع في التلاعب بالمصطلحات.. نختبئ تحتها.. نصطاد بها الضحايا.. نؤجج بها جدالا عقيما نصرف به الناس عن قضاياهم الحساسة.. ونظن أننا قد أدينا واجبنا الوطني!
وإلا هل من معنى للقول إن “الدولة مصلحية”.. وهل وجدت الدولة إلا لتكون راعية أمينة على مصالح الناس.. أعني الشعب.. وهل يبقى لها معنى إذا كانت تذهب في الاتجاه المعاكس؟
ما يقع الآن.. أن الحكومة حائرة ومضطربة وخائفة جدا.. لا تدري ما تفعل.. لذا تقول أي كلام.. هي خائفة لأن بورصة النفط خذلتها وعرتها.. ورمتها في الشارع أمام الجمهور.. فأين هي المصالح والربح ومناصب الشغل؟
منذ خمسة عشر عاما.. ونحن لا نلتفت إلى مصلحة الجزائر.. ولا نضعها في الاعتبار.. كان كل همنا أن نملأ جيوب “ الكناغر “الشرسة.. التي تفرغ حمولتها في البنوك الأجنبية.. لنكتشف الآن ـ تحديدا ـ أننا قد أضعنا الكثير على الجزائر.. الوقت والمال والفرص.. وأننا خدمنا المصالح الأجنبية بتفان عجيب.. وأن النفط الذي كنا نبيعه.. كان نعمة على غيرنا.. من شركات السيارات ـ من كل الماركات ـ إلى بائعي اللعب البلاستيكية.. فلا أرباح ولا مناصب عمل.. ولا ثروة دائمة.. ولا عيشة هنية.. ولا نمويستمر ويتطور.. كان الصرصور يلعب ويغني.. وعامة المغفلين يصفقون ويرقصون!
أتساءل: أحقا.. أن الحكومة تعمل ـ كما يدعي المسؤول الكبير.. ولا يهمها ما تقول المعارضة؟ أشك في هذا.. ما يحصل أن الحكومة تحلم.. تحلم بأن تستيقظ قريبا.. لتجد أسعار النفط قد ارتفعت.. فتتنفس الصعداء.. وتشرع مرة أخرى في الاستيراد.. أليس الاستيراد عنوان “الجزائر البراغماتية”؟
