ذهبوا بعيدا.. وبقينا هنا

الفرق بيننا وبين المجتمعات المتطورة تكنولوجيا يزداد اتساعا..

الفرق بيننا وبين المجتمعات المتطورة تكنولوجيا يزداد اتساعا.. والهوة الفاصلة بيننا وبينهم تكبر يوميا.. وفي كل يوم يقفزون هم إلى الأمام.. نتشبث نحن بمواقعنا القديمة لا نتزحزح عنا شبرا واحدا.. كأننا ما خلقنا إلا لنبقى جامدين في الزمان والمكان كمتحجرات تؤرخ لأزمنة غابرة.

عندما قرأت أن ( أربعين دولة بقيادة اليابان والاتحاد الأوروبي اتفقت على ضرورة تجهيز السيارات الجديدة بنظام كبح آلي اعتبارا من العام المقبل.. حيث تزود بتكنولوجيا أجهزة الاستشعار التي تسمح بتشغيل الكوابح تلقائيا ).. أدركت أننا مجرد هوامش في عالم ننتمي إليه شكلا وينفصل عنا مضمونا.. ولا نملك من مصيره سوى ما يقرره الآخرون. فبدل أن نسارع في ردم الهوة.. تكتشف كم نخسر من الفرص والمبادرات.. لنكتفي باستهلاك آخر صيحات التكنولوجيا.. وتترسخ تبعيتنا للغرب واليابان والصين وكوريا الجنوبية أكثر فأكثر.. وإذ يستثمرون هم في الذكاء الاصطناعي بعد أن هيمنوا على الذكاء البشري.. نزري نحن بالذكاء البشري الذي منحنا الله إياه.. ونبالغ في الاحتفاء بالغباء الذي يرتد بنا إلى الخلف!

ماذا نملك من التكنولوجيا؟ وما مقدار براءات الاختراع التي نساهم بها في تطوير العالم ؟ يمكن القول: لا شيء تقريبا.. فنحن نصدر العقول لنستورد الآلات.. ونبيع النفط الخام لنشتري الدواء والغذاء.

الفرق بيننا وبينهم يقاس الآن بالمسافة الضوئية.. ما يعني أننا نفقد القدرة على اللحاق بهم.. وكل ما يشاع عن نقل التكنولوجيا والتحكم فيها ليس سوى ذر للرماد في الأعين.. وهذه المخابر التي يتحدثون عنها في الجامعات لا تتجاوز استهلاك المخصصات المالية دون مخرجات تذكر.

هم سيقودون سيارات تتصرف بذكاء.. مع ما يُعرف عنهم من احترام لقوانين المرور.. ونحن نقود سيارات تخضع لرعونة السائقين الذين يمارسون هواية إرهاب الطرقات بالجملة.. وهم يمارسون الحياة الإلكترونية من بيوتهم.. ونحن لا نزال نقبع في طوابير طويلة لاستخراج وثيقة من وثائق الحالة المدنية.. لنتحدث بفخر واعتزاز عن الحكومة الإلكترونية !

التخلف السياسي ينتج تخلفا مماثلا في الاقتصاد والثقافة والسلوك العام والإعلام وقيادة السيارة.. إنه مسؤول عن تسعين في المائة من تراجيديا الوضع الحالي الذي نرتد فيه إلى الخلف.. ومع ذلك لا نطرح سؤالا عن موقعنا في عالم الغد.. حيث نخسر عالم اليوم ببلاهة موصوفة.

لقد ذهبوا بعيدا.. فتحولت اليابان إلى كوكب قائم بذاته.. وبقينا نحن مجرد حجر نيزك تائه في الفضاء.

 

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار رعديــة ورياح قوية بعدة ولايــــات

  2. بريد الجـــزائر يحـذر زبائنه

  3. هذه أبرز الملفات التي درستها الحكومة

  4. توقعات أكثر الدول عرضة لنقص المياه بحلول 2050.. والجزائر في هذه المرتبة

  5. أول مشروع إستثماري ضخم في النعامة لخلق 1500 منصب شغل

  6. "الفيفا" تثني على تألق بن زية

  7. رغم فوائده.. 7 أمراض قد تمنعك من تناول التمر في رمضان

  8. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  9. محكمة مروانة تفتح تحقيقا في قضية وفاة اللاعب نسيم جزار

  10. المنتخب الوطني يكتفي بالتعادل في ثاني مباراة له مع بيتكوفيتش