الفرق بيننا.. وبينهم

في عالمنا العربي.. المنصب مكسب دائم لا مجرد وظيفة..

 

في أمريكا.. يذهب الرئيس المنتهية ولايته.. فيذهب معه فريقه برمته.. وعدتهم آلاف من الموظفين السامين.. يحزمون متاعهم في اليوم نفسه الذي يغادر فيه الرئيس الذي عينهم.. ويخرجون من البيت الأبيض ومن السفارات ومن كل المواقع التي يحق للرئيس الجديد التعيين فيها.. فلا يبقى منهم أحد.

   تداول حقيقي على السلطة.. وتجديد دوري للدم في شرايين الحكومة.. وديمقراطية تسير مستقيمة وليس كبطة عرجاء.. فلا خلود في المنصب.. ولا خروج من الباب للدخول من النافذة.. ولا مماطلة أو بكاء أو إرجاء.

  في عالمنا العربي.. المنصب مكسب دائم لا مجرد وظيفة.. قد يتسنى بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة..  ومن جلس عليه لا يفكر في الرحيل عنه.. ومن أول يوم يلامس فيه سطح هذا الكرسي.. يتحول الخشب إلى مغناطيس جاذب.. يصعب التخلص منه.. هكذا خبرنا التداول على الكرسي في بلاد العرب والمسلمين.. بيعة غير محدودة المدة.. وبقاء إلى أجل غير مسمى.. وحق مكتسب لا يجوز التنازل عنه.

  السفير الأمريكي في نيوزيلندا.. كتب في رسالة عبر ”تويتر”: ”سأغادر منصبي يوم 20 جانفي.. الأمر صدر ”دون استثناءات”.. أي يوم تنصيب الوافد الجديد على البيت الأبيض  دونالد ترامب”.. مسؤول في إدارة ترامب الانتقالية.. صرح بأنه ”لا توجد نية سيئة وراء هذه الخطوة، هي مسألة بسيطة تتعلق بضمان أن يغادر مبعوثو أوباما في الخارج الحكومة في الوقت المحدد”.

  سلاسة فرضتها ممارسة ديمقراطية حقيقية.. وتقاليد راسخة في مغادرة المنصب.. وتأكيد على الدولة غير مرتهنة لدى بعض الأشخاص.. يديرونها فيما بينهم.. كأنها مما آل إليهم بالوراثة أو الغلبة.عندنا يتراكم مئات الوزراء والسفراء والموظفين السامين السابقين.. ممن أحيلوا على التقاعد.. الذين يحوزون امتيازات المنصب إلى يوم مغادرتهم هذه الدنيا الفانية.. وهكذا يثقل كاهل الخزينة العمومية.. برواتب ومعاشات لا آخر لها.. في حين تحرم الأجيال الشابة من حقها في إدارة الدولة.. ليقع التنافر بين المخلدين في مناصبهم.. والذين لا مناصب لهم.. وتضيع مصالح ضخمة على الدولة.. وتترسب ممارسات سلبية في ذهنيات قديمة تأبى المغادرة أو التخلي.. وتتشبث بمواقعها إلى أن يأتي من يكنسها بقوة الأمر الواقع.

أما النتيجة المباشرة للتداول الفعلي على السلطة.. أن أجهزة ومصالح الدولة لا تبقى رهينة شخص أو فئة تعطلها أو تتحكم فيها بتعسف.. بل العكس.. فكل شيء يعمل ولا يتوقف.. هم يتقدمون إلى الأمام.. ونحن نرتد إلى الخلف.. وفي أحسن الأحوال.. نبقى حيث نحن.. نراوح مكاننا القديم.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  2. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  3. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  4. الإصابة تنهي موسم "رامي بن سبعيني" مع دورتموند

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  6. القرض الشعبي الجزائري يطلق قرضًا لفائدة الحجاج

  7. بيان من وزارة الخارجية حول مسابقة التوظيف

  8. الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل وتفتيش إلى قيادة الدرك الوطني

  9. "SNTF".. برمجة رحلات ليلية على خطوط ضاحية الجزائر

  10. الفنانة سمية الخشاب تقاضي رامز جلال.. ما القصة؟