رئيس الجمهورية يوجه رسالة للمواطنين بمناسبة عيد النصر

جرائم المستعمر لن يطالها النسيان ولن تسقط بالتقادم ولا مناص من المعالجة المسؤولة المنصفة والنزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أجواء المصارحة والثقة

بعث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رسالة للمواطنين بمناسبة إحياء الذكرى الستين لعيد النصر، أكد فيها أنه لا مناص من المعالجة المسؤولة المنصفة والنزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أجواء المصارحة والثقة، وأن هذه المسألة ستظل في صلب الإهتمامات.

هذا نصها :

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

أيتها المواطنات .. أيها المواطنون،

نحتفل غدًا بمرور ستين سنة على يوم وطنيٍّ تاريخيٍّ، خَلّدتْه تضحياتُ الشعب الجزائري وقوافل الشهداء الأبرار رمزًا للنَّصرِ، وللخَلاصِ مِن هيمنةِ الاستعمارِ البغيض .. فَلقدْ كان إعلانُ وقفِ إطلاقِ النار، بعد مفاوضاتِ إيفيان، نَصْرًا وإيذانًا بدَحْر ظُلْمِ وظَلاَمِ المُعتدين على أَرْضِنا الطاهرة، الذين رَاوَدَهم وَهْمُ مَسْخِ هُويتِنا، وطَمْسِ حضارتِنا وثقافتِنا وتُراثِنا، فَخَابُوا أمامَ إرادةِ شعبٍ حُرٍّ ومُصمِّمٍ على البقاء حرًا أصيلا ..

إن هذه اللحظةَ التاريخيةَ في مسيرةِ الأُمَّةِ المُظفَّرة، ما كانتْ لتكون بذلك الصدى الـمُدَوِّي العظيم الـممتدِّ إلى أصقاع الدنيا، لَوْ لم تَكُن تَتْوِيجًا سَاطعًا، لثورةٍ ملحميةٍ مجيدة، ومُحصِّلةً حتميةً، لِتَضحياتٍ سَخيَّةٍ مريرةٍ، تَوالتْ مُنذ أنْ وطأَتْ أقدامُ المستعمر أَدِيمَ وطننا المفدى، عَبْر مقاوماتٍ شعبيةٍ بطولية، ترسَّختْ في سِجِّلاتِ الذَّاكِرة والتاريخ، لتَسْتلهِمَ منها الأجيالُ - اليومَ وغدًا - الوفاءَ للشهداء، وتَبْعثَ في نُفُوسِ شَبَابِنا الهِمَّةَ والنَّخْوةَ، وإرادةَ البِنَاءِ والنماء.

لقد أَشْرَقَتْ في سماءِ الجزائر المجاهدة في ذلك اليوم تَباشيرُ النَّصر..واسْتمد منها الشعبُ الجزائري القوةَ والعزيمةَ، لمجابهةِ آثارِ دَمارٍ وَاسِعٍ مَهُول..وخَرابٍ شَامِلٍ فَظِيعْ، يَشْهدُ على جرائمِ الاستعمارِ البشعةِ، التي لن يَطــــالَهـــــا النسيـــــانُ، ولن تَسقُـــــطَ بالتقـــــــادم، إذ لا مناص من المعالجةِ المسؤولةِ المُنصفةِ والنزيهة، لملف الذاكرة والتاريخ في أَجْواءِ المصارحةِ والثِّقةِ، وفي هذا المنحى أُجدِّدُ التأكيد أن هذه المَسألةٌ ستظلُّ في صُلب اهتماماتِنا.. وسَنُواصِل بدون هوادة، وبِلا تفريطٍ، استكمالَ مساعينا بالإصرار على حقِّ بلادنا في استرجاعِ الأرشيف، واستجلاءِ مصير الـمفقودين أثناء حرب التحرير الـمجيدة، وتعويضِ ضحايا التجارب النووية وغيرها من القضايا الـمتعلقة بهذا الملف .. صَوْنًا للأمانة، وحِفْظًا لوديعةِ الشهداء الأبرار.

أيتها المواطنات .. أيها المواطنون،

إن الاحتفاءَ بهذه الـمناسبةِ التاريخيةِ الـمُتجدِّدة وغيرها من أعيادنا الوطنية، يُعيد إلى أَذْهانِنا تضحيات الشجعان الأبطال الذين تَدَافَعُوا إلى جَبـَهاتِ القتال، في الجبال والأحراش والأودية.. فَعَانَوْا وتحمَّلوا - بِعزَّةٍ ومَجْدٍ - مَشاقَّ طريقِ الحُرِّيةِ والكرامة ..ولأنَّ لِلْجزائرياتِ والجزائريين صلةَ الأبناءِ والأحفاد بأولئك الأمجاد الأفذاذ، وبالإرثَ التاريخيّ العظيم للجزائر، فإنهم أَحْرَزُوا بذلك أَسَاسًا صَلبًا، تَقُومُ عليه اليوم الدَّولةُ الوطنيةُ المستقلة، التي صَمَدَتْ وانْتَصرتْ بمرجعيةِ نوفمبر، أمام الهزَّاتِ والمِحَنِ، وهي اليومَ مُدْرِكةٌ للتحوُّلاتِ العميقةِ على الصَّعيدِ الإقليمي والدولي، وتَتَّجِهُ في كَنَفِ الأمنِ للعمل عَلَى تَهْيِئَةِ الأسبابِ الْتِي تَحْفظُ للجزائرِ مكانتَها وموقعها في سياقٍ عالميٍّ، تَطبعُه التقلُّبات والاضطرابات، وفي عالمٍ لَنْ يَكونَ في المستقبل، بِنَفْسِ التأثيــــرات التي تَحكَّمَتْ منذ عُقُودٍ فـي العلاقـــــاتِ الدوليـــــــة، ولا بِنَفْسِ مُرتكزات التوازناتِ السِّياسية والاقتصادية العالـمية. إنَّنا ونحنُ نعيش مع العالم في هذه الظُّروف الخاصة الـمعقَّدة مُتغيِّـراتٍ إقليميــــةٍ ودوليــــة حاسمــــة، نُؤكِّدُ أَنَّ تَطلُّعَنا إلـى بنــــاءِ جزائرَ صاعدةٍ، يَسْتوجِبُ إعادةَ الاعتبارِ لقيمة الجهد والعمل، والحرصَ على تعزيز أمنِنا القومي بتَعَدُّدِ جوانبه وفي كُلَ أبعاده، من العوارضِ والطواريء المحتمَلَة، والسَّهرَ على وحدة صَفِّنا، وتكاتُفِ جُهودنا، وتعميق الشُّعُور بالواجِبِ الوطني، والاضطلاع بالـمسؤوليـــــات على أتمِّ وجـــــه، فـي مختلف القطاعــــــات، وفي كُل المواقع تجاه الأمة والوطن.

وفي الأخير، نترحَّمُ في عيد النصر هذا، بخشوعٍ وإجلالٍ على أرواحِ الشهداء الأبرار، مُجَدِّدين العهدَ على الوفاء لتضحياتهم ..ونتوجه بتحيةِ التَّقديرِ والإكبار لرفاقِهم المجاهدين أطال الله في أعمارهم.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار رعديــة ورياح قوية بعدة ولايــــات

  2. بريد الجـــزائر يحـذر زبائنه

  3. هذه أبرز الملفات التي درستها الحكومة

  4. دولة عربية تتجه لحجب "تيك توك"

  5. تحسباً لعيد الفطر.. بريد الجزائر يصدر بيـانا هاما

  6. توقعات أكثر الدول عرضة لنقص المياه بحلول 2050.. والجزائر في هذه المرتبة

  7. هذه حالة الطقس لنهار اليوم الخميس

  8. أول مشروع إستثماري ضخم في النعامة لخلق 1500 منصب شغل

  9. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 32552 شهيد

  10. "الفيفا" تثني على تألق بن زية