هل حلّت اللعنة بنُخب الجزائر؟

باحثون سافروا إلى تركيا من أجل عيون "مهنّد"!

يثير الحديث عن نخب الجزائر الكثير من الجدل بحكم ما ظلّ يعتري هذه الشريحة من تخبطات بين الاستعلاء والانعزال والتشرنق، مما أفرز أسئلة صادمة حول راهنية تترنح وتجعل من الحقيقة الماثلة في جزائر 2018 "قاتلة".  

يرى متابعون أنّ الجزائر تعاني حاليا من هيمنة ما يسمونها "النخب المغشوشة"، ويشدّد هؤلاء على حساسية إعادة الاعتبار للإنسان في هذا الوطن عبر التعليم الصحيح والحرية الفاعلة والخدمات المناسبة حتى نتخلص من مستوى الشخص ونجسد مستوى الإنسان.

ويعتقد الباحث "فتحي مصطفاوي" أنّ "استقالة النخب" كبّد الجزائر خسائر تاريخية فادحة، لذا تتبدى أهمية إيقاظ الضمير الوطني وإعادة المؤسسة المعرفية الجزائرية الجامعة إلى مهمتها ودورها التاريخي، بما يرفع مستوى النقاشات الوطنية حول كبرى القضايا، باعتبار أنّ المجتمعات الحديثة تبحث عن الفعالية والجودة ونطمح أن تتجسد هذه المعايير والقيم في مختلف مستوياتنا الاجتماعية.

من جانبه، يبرز الكاتب "سيد علي عزوني" أنّه ما كان يتمنى أن يسمع ما سمع، أو أن يكتب ما يكتب، لولا أن الأمر يحز في نفسه وجعله يستاء أكثر فأكثر مما يصرّ على نعته بـ"الحقيقة القاتلة".

غثيان الضحالة

يستهجن "عزوني" الضحالة الحاصلة، محيلا على ما قالته باحثة تركية في الطب وسبّب له الغثيان، إثر خوضها في "ظاهرة" الرحلات الصيفية التي تنظمها الجامعات الجزائرية تحت مسمى (تربصات) لفائدة أساتذة وباحثين إلى إسطنبول وأنطاليا ليس للاستزادة العلمية، بل لزيارة بيت الممثل "مهند" كأنه متحف أو مزار.

ويتساءل "عزوني": "أن يفعل ذلك معجبون من الشباب والشابات الذين يتابعون المسلسلات التركية فأمر عادٍ، أما أن يفعل ذلك جامعيون يستفيدون من الخدمات الجامعية باسم العلم فأمر غير مقبول ومدعاة للمقت والخجل، وعليه يقدّر "عزوني" أنّ تلك "لعنة أصابتنا، وتفسّر ما آلت إليه البلاد".

تراجعات 53 سنة

في تشخيصه لما هو كائن، يلفت الأديب "أمين الزاوي"، إلى أنّ المشهد النخبوي شهد تراجعا كبيرا بعد الذي حدث فجر 19 جوان 1965 الذي أدى إلى "تفكك النخب وهجرة الأدباء إلى الخارج والتزام الحياد لمن بقي"، منوّها بتحقيق المشهد الثقافي إقلاعا حقيقيا سنة 1962 حين تضافرت جهود كل من إتحاد الكتاب الجزائريين ومجلة أول نوفمبر 45 ، مجسدة في أعمال الراحل "مولود معمري" لتأتي بعده أعمال كل من "عبد الله ركيبي"، "مفدي زكريا"، "مالك حداد" و"مالك بن نبي"، حيث كللت هذه الأعمال بتنظيم أول جائزة دولة في الآداب منحت لــ "محمد ديب" و"محمد العيد آل خليفة" مناصفة بينهم.

الحاجة إلى نخب قوية

يتصور السوسيولوجي "عمار يزلي" بحاجة الجزائر أكثر من أي وقت مضى إلى نخب قوية كي تصلح وتتطور، وذلك متاح عبر مسارات التجديد الوظيفي ومنح الأولوية لاذكاء الفكر، عبر استقطاب كبير يمهّد لثورة فكر، ويلفت إلى أنّه يتعين على النخب الجزائرية أن تتعود على العمل السياسي الحقيقي بعيدا عن اللوبيات وعقلية الارتكان في أبراج عاجية.

بدوره، يؤكد الأديب البارز "كمال قرور" أنّ تبديد الاحتباسات تكون عبر جعل خمسينية الاستقلال منعطفا لميلاد جيل المواطنة الذي يساهم في بناء وطنه بفعالية ومسؤولية، ويتكئ قرور على سبعين اقتراحا رفعها رفقة كوكبة من المثقفين للمساهمة في بناء الدولة الجزائرية الجديدة التي يحلم بها الشباب.

من جانبه، يؤكد "الزاوي" أنّ الجزائر في حاجة إلى تضافر الجهود وتعميم الحوار بين النخب الوطنية من أجل نشوء صناعة ثقافية واسترجاع مكانة البلاد في المحافل الدولية، وزرع الروح الفكرية في المنظومة الاجتماعية.

إقلاع ثانٍ

يدعو "الزاوي" إلى تثمين الجهود الرامية إلى إحداث إقلاع ثاني من خلال تضافر الجهود بين كل من الإعلام والوزارات وحتى الجامعات التي ينبغي لها أن تزرع تقاليد المطالعة وتوفير المنابر الأدبية، رغم وجود تفكك بين رواد النخبة الوطنية وهذا بسبب غياب فضاءات الحوار بين المثقفين الذي يخلق نوعا من العزلة وعدم سماع أفكار الغير وأخبارهم، هذا بالإضافة إلى أزمة اللغة التي تفرق بين الأدباء الناطقين باللغتين الفرنسية والعربية وهو ما يولد شبه القطيعة بين أبناء هذا الوطن من النخبة.

وأعاب الدكتور على المثقفين تحججهم بهيمنة النخب المغشوشة على المشهد الوطني، حيث اعتبر أن المثقف الحقيقي هو من يفتك مكانته من الذين يفرضون أبجدياتهم، رغم أن هيمنة الدولة على القطاع الثقافي يفرغ  حقلها من التنوع، فحضورها في كل المحافل الوطنية وحتى المحلية يقصي الحضور المدني ممثل في الجمعيات الثقافية، حيث يجعل هذه المناسبات رسمية في نظر المواطنين الذين يرفضون أغلب النشاطات التي تقوم بتنظيمها الجهات الرسمية.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. طقس الأربعاء.. أمطار ورياح قوية على هذه الولايات

  2. إطلاق خدمة رقمية جديدة وهامة تتعلق ببطاقة الشفاء

  3. تسهيلات النقل الجوي وإنجاز أطروحة الدكتوراه في الوسط المهني على طاولة الحكومة

  4. مجلس الأمة يفتح باب التوظيف

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 33899 شهيد

  6. الصحفي والمعلق الرياضي محمد مرزوقي في ذمـــة الله

  7. أمطار رعدية غزيرة على هذه الولايات

  8. غدًا الخميس.. مجلس الأمن يصوّت على عضوية فلسطين

  9. ارتفاع مصابي عرب العرامشة إلى 18 إسرائيليا

  10. منح دراسية في اليابان للطلبة الجزائريين