مــدارس الأساتــذة حلــم صعــب المنـــال!
يواصل الطلبة المتحصلون على شهادة البكالوريا، تسجيلاتهم الجامعية، وسط إقبال كبير على بعض التخصصات خاصة العلمية والطبية منها، كما تعرف المدارس العليا طلبا كبيرا، ويفسر أغلب المختصين هذا التهافت بتوجه الشباب الجزائري للتفكير بمنطق “منصب عمل مستقبلي” أكثر من تركيزهم على البحث العلمي، بينما يحذر آخرون من اكتظاظ المعاهد و المدارس العليا في مقابل النقص الفادح في بعض التخصصات والتي من المنتظر أن يحتاج إليها سوق العمل في الجزائر في السنوات القادمة.
«البلاد” زارت بعض الجامعات الجزائرية، ووقفت على سير عملية التسجيلات الجامعية، كما رصدت انطباعات الطلبة الجدد وأهم التخصصات التي تلقى إقبالا من طرف الحائزين على شهادة البكالوريا.
تقليص عدد الرغبات من 6 إلى 4 يضيق دائرة الاختيارات على الطلبة
عبر العديد من الطلبة الذين التقينا بهم في جامعة بوزريعة، عن استيائهم من تقليص عدد الرغبات من 6 العام المنصرم إلى 4 هذا العام، مع وجود فرصة ثانية لكل طالب يخفق في الاختيار، من 14 الى 16 أوت، وهو التعديل الجديد الذي أعلنت عنه وزارة التعليم العالي، حيث وضع هذا التعديل معظم الطلبة في “دائرة ضيقة “، حسب وصف بعضهم خاصة أولئك المتحصلين على معدلات ضعيفة أو متوسطة، وهو حال عبد الرحيم الذي قال “لم أجد تخصصا يتناسب مع رغباتي بمعدل 10.30، لذلك أصبحت أفكر في أي تخصص يضمن لي فرصة عمل، أو مستوى اتمكن من خلاله دخول تكوين في أي مجال”.
يحبذ الكثير من الطلبة الجامعيين الدخول للمدارس العليا، كونها توفر لهم منصب عمل اكيد، حيث يتم توقيع عقد مع وزارة التربية على ضمان العمل فيما بعد، كما يمكن للمتخرج فيما بعد إكمال التعليم أو التوجه إلى عمل آخر حسب رغبته، التقينا كمال الذي قال إنه سجل في المدرسة العليا للأساتذة، واضاف “على الاقل اضمن منصب عمل لائق، وللمتخرج من المدرسة العليا للأساتذة الحق في إكمال الدراسات العليا في الجامعة، هذا هو هدفي مستقبلا”.
الإنجليزية و باقي اللغات الأجنبية تحوز على عقول الطلبة
صرح محمد، التقني السامي في الإعلام الآلي، مكلف بمساعدة الطلبة على في عملية اختيار التخصصات، بجامعة بوزريعة، أن اللغة الانجليزية حازت على اكثر الطلبات من قبل المتحصلين على شهادة البكالوريا، بعد الطب والصيدلة، حيث أ رجع المتحدث الاسباب إلى حاجة السوق الى مثل هذه التخصصات كما أن خريجي اللغات الاجنبية وخاصة الانجليزية بإمكانهم العمل بأكثر من مجال، بما في ذلك فرصة العمل في الشركات الاجنبية و بمجال الترجمة، وهو ما يفتح شهية هؤلاء لاختيار لغة التخاطب الاولى في العالم كمجال للدراسة.
اللغة التركية تجذب عشاق الأفلام التركية
لم تكن الطالبة زينب حائرة مثل باقي الطلبة، في اختيار تخصصها، فقد حسمت امرها منذ وقت طويل، حيث اكدت لنا انها ترغب في دراسة اللغة التركية، واحبتها من خلال متابعتها للأفلام و المسلسلات التركية ، حتى ءنها تعلمت منها بعض الكلمات و الجمل، وتضيف زينب “أرى أنها لغة جميلة وبسيطة، كما أن تعلمها سهل بالنسبة لي، لا افكر في منصب العمل، المهم أن ادرس مجالا احبه”.
ويبقى “الطب” حلم كل جامعي جزائري
التقينا بالكثير من الشباب الذين عبروا عن تأسفهم لأن معدلاتهم لا تؤهلهم لاختيار إحدى التخصصات الطبية، حيث تبقى مهنة الطبيب أو الصيدلي تتزعم قائمة التخصصات المطلوبة، وتتعدد الدوافع فالبعض يفكر في هذه المهنة كونها تضمن له منصب عمل مستقر، والبعض الآخر يفكر في الحصول على مكانة اجتماعية من خلال هذه المهنة، بينما يركز البعض على الدور الإنساني الذي يقدمه الطبيب خلال أدائه لمهامه.
نائب مدير جامعة الجزائر 2 مكلف بالبيداغوجيا، لـ”البلاد” :اختيارات الطلبة لا تراعي سوق العمل في الجزائر
صرح بدريبة محمد العربي، نائب مدير جامعة الجزائر 2، ببوزريعة، مكلف بالبيداغوجيا، لـ«البلاد”، أن عملية التسجيل الجامعي للطلبة الجدد تتم بطريقة حسنة، وأضاف المتحدث “التخصصات الجامعية تتم دون دراسة لعالم الشغل، حيث نجد تشبعا في بعض التخصصات ونقصا في البعض الآخر، دون مراعاة لاحتياجات سوق العمل، نحتاج إلى خارطة شغل، تتم من خلالها عملية التخطيط والإسقاط على الواقع من 5 إلى 10 سنوات القادمة”. وأكد المتحدث الإقبال الكثيف للطلبة الجدد، والذين يأتون في بعض الاحيان رفقة اوليائهم، لكنه عاب على اغلبهم الجهل بطريقة التسجيل، وذلك رغم فتح موقع التسجيلات الجامعية الذي يبقى متاحا في كل الأوقات، ووجود تطبيق على الهواتف الذكية يمكن خلاله للمترشحين استكمال عملية التسجيل، إلا أن الكثير منهم لا يملكون أي فكرة عن التخصصات وطريقة التسجيل.
وعن الامكانيات المسطرة لاستقبال الطلبة، ذكر المكلف بالبيداغوجيا أن الجامعة جندت 30 عونا من بينهم 15 مهندسا في الاعلام الآلي، إضافة الى أعوان الأمن، من أجل استقبال اكثر من ألف طالب على الأقل، ومساعدتهم لاختيار رغباتهم، حيث من المنتظر أن تنتهي التسجيلات الاولية اليوم. أما التخصصات الجديدة هذا العام، فصرح المتحدث أن الجامعة فتحت فرع فنون ومسرح تابع لكلية للغة العربية، وهو الفرع الذي يلقي إقبالا من طرف المترشحين الجدد.
المختص النفسي: محمد فرجاني لــ”البلاد”: الخوف من المستقبل و”لقمة العيش” يحددان توجهات الطلبة
صرح الأخصائي النفساني العيادي” فرجاني محمد”، لـ«البلاد”، أن سر تهافت الطلاب على بعض التخصصات، هو ضمان منصب عمل في المستقبل ليحقق لقمة عيش تضمن له حياة كريمة، و قال المتحدث “أغلب الطلاب يتحكم بهم الخوف من المستقبل وعامل المقارنة في اختيار التخصصات الجامعية، فرغم ميولات هؤلاء لبعض التخصصات، إلا أنهم يحسون أنهم مجبرين على اختيار مهن تتوافق مع حالتهم الاجتماعية ويمكن أن توفر لهم مناصب في المستقبل”
وعاب المتحدث على منظومتنا التعليمية التي تفرض عامل المعدل في اختيار التخصصات، مما يؤدي إلى اكتظاظ في المعاهد و إحباط نفسي للطلبة الذين يجبرون على دخول تخصصات لا تتوافق مع رغباتهم وطموحاتهم، وأضاف المختص النفسي” البلدان المتقدمة في المجال التعليمي تؤمن بالإمكانيات والقدرات أكثر من المعدل، فمثلا تؤخذ النقاط المتحصل عليها في مادة ما بعين الاعتبار في حال اختار الطالب تخصصا بعيدا عن المعدل، لكنه قريب من رغباته ونقاطه التي تحصل عليها”.