تفاصيل الصفقة .. الأكراد هرّبوا مئات الدواعش من الرقة محملين بأسلحتهم وطائرات التحالف تنير لهم الطريق

هافنغتون بوست

كشفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن تفاصيل صفقةٍ سريةٍ سمحت للمئات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأسرهم بالخروج من الرقة على مرأى من قوات التحالف الخاضعة لقيادة أميركية - بريطانية، والقوات التي يقودها الأكراد الذين يسيطرون على المدينة.

وشملت قافلة المُرحَّلين من المدينة بعض أشهر أعضاء التنظيم، وعشرات المقاتلين الأجانب بالرغم من تأكيد الأطراف المعنية سلفاً على عدم السماح لهم بالمغادرة أحياء.

وانتشر بعض المُرحَّلين في جميع أنحاء سوريا، حتى أنهم وصلوا إلى أبعد من ذلك وذهبوا إلى تركيا.

كيف كشف السر؟

أبو فوزي، سائق الشاحنة التي حملت المُرحَّلين، أحد الذين اطلعوا على هذه الصفقة القذرة، حسب وصف "بي بي سي"، بعد كان يظن أنَّ المهمة التي. طلبت منه لقيادة شاحنة ستكون مجرِّد مهمةٍ تقليدية سينتهي منها.

ويقود أبو فوزي شاحنةً تسير على 18 عجلة عبر بعض أخطر الأراضي في شمال سوريا المُتَمَثِّلة في جسورٍ مُدمَّرة، ورمال صحراوية عميقة، حتى أنَّ القوات الحكومية وما يسمى بمقاتلي تنظيم داعش لا يقفون في طريق توصيل الشحنات لخطورته.

ولكن في هذه المرة، كان من المُقرَّر أن تكون شحنته حمولةً بشرية. إذ أراد تحالف قوات سوريا الديمقراطية، الذي يضم مقاتلين أكراداً وعرباً معارضين لتنظيم داعش، منه أن يقود شاحنةً من المنتظر أنَّ تحمل مئات الأسر النازحة بسبب القتال من بلدة الطبقة المُطلَّة على نهر الفرات إلى مخيمٍ آخر أبعد في ناحية الشمال.

وكان من المُقرَّر أن تستغرق هذه المهمة ست ساعات، كحدٍ أقصى، أو على الأقل هذا ما قيل له.

ولكن حين جهَّز هو وزملاؤه السائقون قافلة الشاحنات في وقتٍ مبكر من يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أدركوا أنَّهم تعرَّضوا للكذب، واكتشفوا أن المهمة لن تستغرق 6 ساعات، بل 3 أيام من القيادة الشاقة، وشحن حمولةٍ قاتلة تضم مئات من مقاتلي تنظيم داعش وأسرهم وأطناناً من الأسلحة والذخائر.

ووُعِد أبو فوزي وعشرات السائقين الآخرين بالحصول على آلاف الدولارات لأداء هذه المهمة، شريطة أن تظل سراً.

وتمَّت الصفقة التي تقتضي السماح لمقاتلي تنظيم داعش بالخروج من الرقة، التي أعلنوها عاصمةً للخلافة بحكم الأمر الواقع، بترتيبٍ من مسؤولين محليين.

وجاء ذلك بعد 4 أشهر من القتال الذي ترك المدينة مُدمَّرةً تماماً وشبه خالية من الناس. ومن شأن ذلك أن يُنقذ أرواحاً، ويُنهي القتال. إذ ستُنقَذ حياة المقاتلين العرب والأكراد والمقاتلين الآخرين المعارضين لداعش.

ولكنَّ ذلك مكَّنَ أيضاً مئات من تنظيم داعش من الفرار من المدينة. وفي الوقت نفسه، لم يكن التحالف الخاضع لقيادةٍ أميركية - بريطانية، ولا قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف، يريدان الاعتراف بدورهما في الصفقة.

فهل أطلقت الصفقة، التي كانت بمثابة سر الرقة القذر، تهديداً على العالم الخارجي في ظل تمكين مُسلَّحين من الانتشار في جميع أنحاء سوريا وخارجها؟

صحيحٌ أنَّ جهوداً كبيرة بُذلت لإخفاء هذا السر عن العالم. ولكنَّ هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي تحدَّثت إلى عشراتٍ من الأشخاص الذين كانوا على متن الشاحنات، أو لاحظوها، وإلى الرجال الذين تفاوضوا على الصفقة.

 

خارج المدينة

 

في ساحةٍ مُشحَّمة بمدينة الطبقة، وتحت نخلة تمرٍ، كان هناك ثلاثة صبية مشغولون بالعمل في إصلاح مُحرِّك شاحنة، ومُغطون ببقعٍ من زيت المحركات. فيما انتصب شعرُهم الأسود المُشحَّم.

وكانت مجموعةٌ من السائقين توجد بالقرب منهم يتوسطهم أبوفوزي الذي كان يرتدي معطفاً أحمر ساطعاً يطابق لون شاحنته المُحبَّبة إليه ذات الـ18 عجلة.

كان من الواضح أنَّه شيخ السائقين، وسرعان ما عَرَضَ علينا شاياً وسجائر. وفي البداية، قال إنَّه لا يريد التحدُّث ولكن سرعان ما غيَّر رأيه.

لقد كان غاضباً هو وبقية السائقين. إذ مرَّت أسابيع منذ أن عرَّضوا حياتهم للخطر في رحلةٍ أتلفت بعض المحركات وكسرت بعض محاور السيارات، ولم يتقاضوا أجورهم إلى الآن. وقال إنَّها كانت بمثابة رحلةٍ إلى الحجيم.

وأضاف: "كنَّا خائفين منذ لحظة دخولنا الرقة. كان من المفترض أن ندخلها مع قوات سوريا الديمقراطية، ولكننا ذهبنا وحدنا. وفور دخولنا، شاهدنا مقاتلين من تنظيم داعش حاملين أسلحتهم ومرتدين أحزمتهم الانتحارية. لقد نصبوا كميناً مفخخاً حول شاحناتنا. وإذا حدث أي خطأ في الصفقة، لفجَّروا القافلة بأكملها. حتى أطفالهم ونساءهم كانوا يرتدون أحزمة انتحارية".

وكانت قوات سوريا الديمقراطية الخاضعة لقيادة كردية قد طهَّرت الرقة من وسائل الإعلام كي لا يُبثَّ هروب تنظيم داعش عبر التليفزيون.

 

عددهم

 

وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنَّه لم يتمكَّن سوى بضعة عشراتٍ من المقاتلين من مغادرة المدينة، وجميعهم من السكان المحليين.

ولكنَّ أحد سائقي الشاحنات أخبرنا أنَّ ذلك ليس صحيحاً.

وقال: "اصطحبنا نحو 4 آلاف شخصٍ من بينهم نساءٌ وأطفال في سياراتنا وسيارات التنظيم. حين دخلنا الرقة، كنَّا نظن أن عدد الأشخاص الذين سنحملهم يبلغ 200 شخص، ولكنني حملت في شاحنتي وحدها 112 شخصاً".

وقال سائقٌ آخر إنَّ طول القافلة كان يتراوح بين ستة كيلومتراتٍ وسبعة كيلومترات، وكانت تضم نحو 50 شاحنة، و13 حافلة، وأكثر من 100 سيارة تابعة لتنظيم داعش. وكان بعض مقاتلي داعش المُلثَّمين يجلسون بتبجُّحٍ على أسطح بعض السيارات.

 

أسلحتهم

 

وأظهرت لقطاتٌ مُصوَّرة سراً أُرسِلَت إلينا شاحناتٍ تسحب مقطوراتٍ مكتظة برجالٍ مُسلَّحين. ومع أنَّ الاتفاق كان يسمح باصطحاب الأسلحة الشخصية فقط، أخذ مقاتلو داعش كل ما يمكنهم حمله. إذ كان هناك عشر شاحناتٍ محمَّلة بأسلحة وذخائر.

وأشار السائقون إلى شاحنة بيضاء قيد الصيانة في زاوية الساحة. وقال أبوفوزي: "كُسِر محورها بسبب وزن الذخيرة".

لم يكن ذلك مجرد إجلاء بل كان هجرةً لما يُسمَّى بتنظيم داعش.

ولم تكن قوات سوريا الديمقراطية تريد أن يبدو الانسحاب من الرقة وكأنه هروبٌ إلى النصر. إذ نَصَّ الاتفاق على عدم إشهار راياتٍ أو لافتاتٍ من القافلة في أثناء مغادرتها المدينة.

وكان من المفهوم كذلك أنه لن يُسمح للمقاتلين الأجانب بمغادرة الرقة أحياء.

فبالعودة إلى ماي2017، نجد أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس وصف محاربة تنظيم داعش بأنها حرب "إبادة".

وقال عبر محطة تلفزيونية أميركية آنذاك: "هدفنا هو ألا ينجو المقاتلين الأجانب من القتال للعودة إلى ديارهم في شمال إفريقيا وأوروبا وأميركا وآسيا وإفريقيا. لن نسمح لهم بذلك".

بيد أن مقاتلين أجانب، ليسوا من سوريا أو العراق، تمكَّنوا كذلك من الانضمام إلى القافلة، وفقاً لما ذكره السائقون. وفسَّر أحدهم ذلك قائلاً: "كان هناك عددٌ كبيرٌ من الأجانب من فرنسا وتركيا وأذربيجان وباكستان واليمن والسعودية والصين وتونس ومصر".

 

كشفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن تفاصيل صفقةٍ سريةٍ سمحت للمئات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأسرهم بالخروج من الرقة على مرأى من قوات التحالف الخاضعة لقيادة أميركية - بريطانية، والقوات التي يقودها الأكراد الذين يسيطرون على المدينة.

وشملت قافلة المُرحَّلين من المدينة بعض أشهر أعضاء التنظيم، وعشرات المقاتلين الأجانب بالرغم من تأكيد الأطراف المعنية سلفاً على عدم السماح لهم بالمغادرة أحياء.

وانتشر بعض المُرحَّلين في جميع أنحاء سوريا، حتى أنهم وصلوا إلى أبعد من ذلك وذهبوا إلى تركيا.

 

كيف كشف السر؟

 

أبو فوزي، سائق الشاحنة التي حملت المُرحَّلين، أحد الذين اطلعوا على هذه الصفقة القذرة، حسب وصف "بي بي سي"، بعد كان يظن أنَّ المهمة التي. طلبت منه لقيادة شاحنة ستكون مجرِّد مهمةٍ تقليدية سينتهي منها.

ويقود أبو فوزي شاحنةً تسير على 18 عجلة عبر بعض أخطر الأراضي في شمال سوريا المُتَمَثِّلة في جسورٍ مُدمَّرة، ورمال صحراوية عميقة، حتى أنَّ القوات الحكومية وما يسمى بمقاتلي تنظيم داعش لا يقفون في طريق توصيل الشحنات لخطورته.

ولكن في هذه المرة، كان من المُقرَّر أن تكون شحنته حمولةً بشرية. إذ أراد تحالف قوات سوريا الديمقراطية، الذي يضم مقاتلين أكراداً وعرباً معارضين لتنظيم داعش، منه أن يقود شاحنةً من المنتظر أنَّ تحمل مئات الأسر النازحة بسبب القتال من بلدة الطبقة المُطلَّة على نهر الفرات إلى مخيمٍ آخر أبعد في ناحية الشمال.

وكان من المُقرَّر أن تستغرق هذه المهمة ست ساعات، كحدٍ أقصى، أو على الأقل هذا ما قيل له.

ولكن حين جهَّز هو وزملاؤه السائقون قافلة الشاحنات في وقتٍ مبكر من يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أدركوا أنَّهم تعرَّضوا للكذب، واكتشفوا أن المهمة لن تستغرق 6 ساعات، بل 3 أيام من القيادة الشاقة، وشحن حمولةٍ قاتلة تضم مئات من مقاتلي تنظيم داعش وأسرهم وأطناناً من الأسلحة والذخائر.

ووُعِد أبو فوزي وعشرات السائقين الآخرين بالحصول على آلاف الدولارات لأداء هذه المهمة، شريطة أن تظل سراً.

وتمَّت الصفقة التي تقتضي السماح لمقاتلي تنظيم داعش بالخروج من الرقة، التي أعلنوها عاصمةً للخلافة بحكم الأمر الواقع، بترتيبٍ من مسؤولين محليين.

وجاء ذلك بعد 4 أشهر من القتال الذي ترك المدينة مُدمَّرةً تماماً وشبه خالية من الناس. ومن شأن ذلك أن يُنقذ أرواحاً، ويُنهي القتال. إذ ستُنقَذ حياة المقاتلين العرب والأكراد والمقاتلين الآخرين المعارضين لداعش.

ولكنَّ ذلك مكَّنَ أيضاً مئات من تنظيم داعش من الفرار من المدينة. وفي الوقت نفسه، لم يكن التحالف الخاضع لقيادةٍ أميركية - بريطانية، ولا قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف، يريدان الاعتراف بدورهما في الصفقة.

فهل أطلقت الصفقة، التي كانت بمثابة سر الرقة القذر، تهديداً على العالم الخارجي في ظل تمكين مُسلَّحين من الانتشار في جميع أنحاء سوريا وخارجها؟

صحيحٌ أنَّ جهوداً كبيرة بُذلت لإخفاء هذا السر عن العالم. ولكنَّ هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي تحدَّثت إلى عشراتٍ من الأشخاص الذين كانوا على متن الشاحنات، أو لاحظوها، وإلى الرجال الذين تفاوضوا على الصفقة.

 

خارج المدينة

 

في ساحةٍ مُشحَّمة بمدينة الطبقة، وتحت نخلة تمرٍ، كان هناك ثلاثة صبية مشغولون بالعمل في إصلاح مُحرِّك شاحنة، ومُغطون ببقعٍ من زيت المحركات. فيما انتصب شعرُهم الأسود المُشحَّم.

وكانت مجموعةٌ من السائقين توجد بالقرب منهم يتوسطهم أبوفوزي الذي كان يرتدي معطفاً أحمر ساطعاً يطابق لون شاحنته المُحبَّبة إليه ذات الـ18 عجلة.

كان من الواضح أنَّه شيخ السائقين، وسرعان ما عَرَضَ علينا شاياً وسجائر. وفي البداية، قال إنَّه لا يريد التحدُّث ولكن سرعان ما غيَّر رأيه.

لقد كان غاضباً هو وبقية السائقين. إذ مرَّت أسابيع منذ أن عرَّضوا حياتهم للخطر في رحلةٍ أتلفت بعض المحركات وكسرت بعض محاور السيارات، ولم يتقاضوا أجورهم إلى الآن. وقال إنَّها كانت بمثابة رحلةٍ إلى الحجيم.

وأضاف: "كنَّا خائفين منذ لحظة دخولنا الرقة. كان من المفترض أن ندخلها مع قوات سوريا الديمقراطية، ولكننا ذهبنا وحدنا. وفور دخولنا، شاهدنا مقاتلين من تنظيم داعش حاملين أسلحتهم ومرتدين أحزمتهم الانتحارية. لقد نصبوا كميناً مفخخاً حول شاحناتنا. وإذا حدث أي خطأ في الصفقة، لفجَّروا القافلة بأكملها. حتى أطفالهم ونساءهم كانوا يرتدون أحزمة انتحارية".

وكانت قوات سوريا الديمقراطية الخاضعة لقيادة كردية قد طهَّرت الرقة من وسائل الإعلام كي لا يُبثَّ هروب تنظيم داعش عبر التليفزيون.

 

عددهم

 

وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنَّه لم يتمكَّن سوى بضعة عشراتٍ من المقاتلين من مغادرة المدينة، وجميعهم من السكان المحليين.

ولكنَّ أحد سائقي الشاحنات أخبرنا أنَّ ذلك ليس صحيحاً.

وقال: "اصطحبنا نحو 4 آلاف شخصٍ من بينهم نساءٌ وأطفال في سياراتنا وسيارات التنظيم. حين دخلنا الرقة، كنَّا نظن أن عدد الأشخاص الذين سنحملهم يبلغ 200 شخص، ولكنني حملت في شاحنتي وحدها 112 شخصاً".

وقال سائقٌ آخر إنَّ طول القافلة كان يتراوح بين ستة كيلومتراتٍ وسبعة كيلومترات، وكانت تضم نحو 50 شاحنة، و13 حافلة، وأكثر من 100 سيارة تابعة لتنظيم داعش. وكان بعض مقاتلي داعش المُلثَّمين يجلسون بتبجُّحٍ على أسطح بعض السيارات.

 

أسلحتهم

 

وأظهرت لقطاتٌ مُصوَّرة سراً أُرسِلَت إلينا شاحناتٍ تسحب مقطوراتٍ مكتظة برجالٍ مُسلَّحين. ومع أنَّ الاتفاق كان يسمح باصطحاب الأسلحة الشخصية فقط، أخذ مقاتلو داعش كل ما يمكنهم حمله. إذ كان هناك عشر شاحناتٍ محمَّلة بأسلحة وذخائر.

وأشار السائقون إلى شاحنة بيضاء قيد الصيانة في زاوية الساحة. وقال أبوفوزي: "كُسِر محورها بسبب وزن الذخيرة".

لم يكن ذلك مجرد إجلاء بل كان هجرةً لما يُسمَّى بتنظيم داعش.

ولم تكن قوات سوريا الديمقراطية تريد أن يبدو الانسحاب من الرقة وكأنه هروبٌ إلى النصر. إذ نَصَّ الاتفاق على عدم إشهار راياتٍ أو لافتاتٍ من القافلة في أثناء مغادرتها المدينة.

وكان من المفهوم كذلك أنه لن يُسمح للمقاتلين الأجانب بمغادرة الرقة أحياء.

فبالعودة إلى مايو/أيار 2017، نجد أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس وصف محاربة تنظيم داعش بأنها حرب "إبادة".

وقال عبر محطة تلفزيونية أميركية آنذاك: "هدفنا هو ألا ينجو المقاتلين الأجانب من القتال للعودة إلى ديارهم في شمال إفريقيا وأوروبا وأميركا وآسيا وإفريقيا. لن نسمح لهم بذلك".

بيد أن مقاتلين أجانب، ليسوا من سوريا أو العراق، تمكَّنوا كذلك من الانضمام إلى القافلة، وفقاً لما ذكره السائقون. وفسَّر أحدهم ذلك قائلاً: "كان هناك عددٌ كبيرٌ من الأجانب من فرنسا وتركيا وأذربيجان وباكستان واليمن والسعودية والصين وتونس ومصر".

 

 

وعلى طول الطريق، قال الكثيرون ممن تحدَّثنا إليهم إنَّهم كانوا يسمعون أصوات طائرات تابعة لقوات التحالف، وطائرات بدون طيار في بعض الأحيان، بعد مرور القافلة عليهم.

ومن مقصورةِ شاحنته، شاهد أبو فوزي طائرةً حربيةً تابعة لقوات التحالف تُحلِّق وتُلقي بقنابل إنارة لإضاءة الطريق أمام القافلة.

وقال: "حين كان آخر أجزاء القافلة على وشك العبور، حلَّقت طائرة نفاثة أميركية على ارتفاع منخفضٍ جداً، ونشرت قنابل إنارة لإضاءة المنطقة، وبلل بعض مقاتلي داعش سراويلهم من الخوف".

ويؤكِّد التحالف الآن أنه رغم عدم تواجد عناصره على الأرض، فقد رصد القافلة من الجو.

ووصل أبو فوزي إلى وجهته بعد مرور آخر نقطة تفتيش تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، داخل إقليم داعش - وهي قرية بين بلدتي مركدة والصور. وكانت شاحنته مليئةً بالذخائر وأراد مقاتلو داعش أن يخفوها عن الأنظار.

وعندما عاد بأمان أخيراً، سألته قوات سوريا الديمقراطية عن المكان الذي ألقى حمولة السيارات فيه.

فقال: "أظهرنا لهم الموقع على الخريطة ووضعنا عنده علامة كي يستطيع ترامب قصفه في وقتٍ لاحق".

انتُزِعت حرية الرقة بالدم والتضحية والتسوية. وبناءً على تلك الصفقة، أُطلِقَ سراح مدنيين محاصرين وانتهى الصراع على المدينة. ولن يكون على قوات سوريا الديمقراطية أن تواجه الموت لاقتحام مخبأ آخر لداعش.

لكن تنظيم داعش لم يبق على وضعه طويلاً. فبعد أن تحرَّروا من الرقة، حيث كانوا مُحاصَرين، انتشر بعض أعضاء الجماعة المطلوبين الآن في جميع أنحاء سوريا وخارجها.

 

المُهرِّبون سعداء

 

يُنبئ عدد الرجال الذين قطعوا الأسوار وتسلّقوا الجدران ومرُّوا عبر الأنفاق خارج سوريا بزيادة كبيرة في عدد الفارّين. فانهيار الخلافة مفيدٌ لإدارة بعض الأعمال.

يقول عماد، وهو مُهرِّب على الحدود التركية السورية: "في الأسبوعين الماضيين، وصلتنا الكثير من العائلات التي تركت الرقة راغبةً في المغادرة إلى تركيا. وقد أشرفت شخصياً هذا الأسبوع وحده على تهريب 20 عائلة".

وأضاف: "معظمهم أجانب ولكن هناك سوريون أيضاً".

ويتقاضى عماد الآن 600 دولار للشخص الواحد و1500 دولار كحدٍ أدنى للأسرة.

في هذا العمل، لا يملك العملاء رفاهية الاستفسارات. لكن عماد يقول إنَّه قد تعامل مع "فرنسيين وأوروبيين شيشانيين وأوزباكستانيين".

ويتابع: "كان البعض يتحدَّثون الفرنسية، وبعضهم الإنكليزية، والبعض الآخر لغات أجنبية أخرى".

ويروي وليد، وهو مهرب آخر على امتداد مختلف من الحدود التركية، القصة نفسها.

فيقول: "تدفَّقَت علينا الأسر التي تريد عبور الحدود خلال الأسابيع القليلة الماضية ومن بينهم بعض الأسر الكبيرة، فمهمتنا هي تهريبهم. وقد لجأت إلينا الكثير من العائلات الأجنبية للهرب".

ومع ازدياد أمن الحدود في تركيا، أصبح العمل أصعب.

ويضيف: "في بعض المناطق نستخدم السلالم، وفي مناطق أخرى نعبر من خلال النهر، في مناطق أخرى نسلك طرقاً جبلية شديدة الانحدار. الوضع بائس".

يقول وليد مع ذلك إنَّ الأمر مختلفٌ بالنسبةِ إلى كبار الشخصيات في تنظيمِ داعش.

ويضيف: "إنَّ هؤلاء الأجانب رفيعي المستوى لديهم شبكات التهريب الخاصة بهم، وعادةً ما يُهرَّبون بواسطة نفس الأشخاص الذين نظموا وصولهم إلى سوريا، فهم يتعاونون مع بعضهم البعض".

خبايا المفاوضات

لم ينجح التهريب مع الجميع. فقد كان أبو مصعب حذيفة من الشخصيات الأسوأ صيتاً في الرقة، وكان قائداً للاستخبارات وكان ضمن القافلة التي خرجت من المدينة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

لكنه يقبع الآن وراء القضبان، إذ تعكس قصته الأيام الأخيرة للخلافة المتداعية.

لا يتفاوض تنظيم داعش أبداً، فهم قتلة بلا رحمة - فهم ذلك العدو الذي يلعب طبقاً لمجموعة مختلفة من القواعد.

على الأقل هذا ما تُبلغنا به الأسطورة.

ولكن في الرقة تعامل تنظيم داعش بطريقةٍ يتعامل بها أي فريق خاسر. فقد اضطُر مقاتلوه للجلوس على طاولة المفاوضات في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ويقول أبو مصعب حذيفة: "باغتتنا الضربات الجوية لمدة 10 ساعات تقريباً، وقتلوا من 500 إلى 600 شخص، من مقاتلين وأسر".

 

أين ذهبوا؟

 

وتُظهر لقطات من الغارة الجوية التي شنَّتها قوات التحالف على أحد أحياء الرقة في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2017 كارثةً إنسانية خلف خطوط العدو. ووسط صرخات النساء والأطفال، هناك فوضى بين مقاتلي داعش، كما تبدو القنابل قوية وفعّالة على نحوٍ خاص. ويزعم الناشطون أنَّ هناك مبنى كان يضم 35 امرأة وطفلاً قد دُمِّر، وكان هذا كافياً لكسر مقاومتهم.

ويتابع أبو مصعب قائلاً: "بدأت المفاوضات مرة أخرى، بعد 10 ساعات، فأولئك الذين رفضوا الهدنة في البداية عدلوا عن آرائهم، وهكذا غادرنا الرقة".

وكانت هناك ثلاث محاولات سابقة للتفاوض على اتفاق سلمي، فيما يقود المحادثات الآن فريق من أربعة أشخاص، من بينهم مسؤولون محليون من الرقة. فروح واحدة شجاعة من شأنها أن تعبر الخطوط الأمامية على دراجةٍ نارية لتوصيل الرسائل.

وأضاف: "غادرنا بأسلحتنا الشخصية فقط وطُلِبَ منَّا أن نترك كل الأسلحة الثقيلة وراءنا، لكننا لم نكن نمتلك أسلحة ثقيلة على أي حال".

والآن، في السجن على الحدود التركية السورية، كشف أبو مصعب عن تفاصيل ما حدث للقافلة بعد مرورها الآمن لأراضي تنظيم داعش.

يقول إنَّ القافلة ذهبت إلى ريف شرقي سوريا بالقرب من الحدود مع العراق، وإنَّ الآلاف قد هربوا.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. طقس الخميس.. امطار غزيــرة على هذه الولايات

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34305 شهيد

  3. حول طلبات التقاعد.. بيان هام من "كاسنــوس"

  4. حج 2024.. بيان هام من الديوان الوطني للحج والعمرة

  5. وفد صيني يحل بتندوف لإنجاز محطة إنتاج الكهرباء بغار جبيلات

  6. إصابة 10 أشخاص في حادث مرور بالأغواط

  7. لأول مرة في الجزائر.. بناء 11 سفينة صيد بطول 42 متر

  8. فؤاد الثاني.. أخر ملوك مصر يعود الى قصره بالاسكندرية

  9. الجرعات الزائدة من البطيخ قد تكون مميتة في حالات معينة.. ماهي؟

  10. للمستفيدين من سكنات عدل.. جلسة عمل تقنية لمراقبة العملية التجريبية للمنصة الالكترونية