48 ساعة بعد اللقاح الصيني ضد كورونا.. تجربة واقعية

15 ساعة قبل اللَّقاح:  كان عليّ أن أنام باكرًا من أجل المداومة الصباحية في الموقع ، لكنني  سهرت إلى ما بعد الساعة التي كان يفترض أن تكون ميعاد خلودي إلى النوم ، ليس لأنني كنت متحمّسا أو قلقًا بشأن يوم الغد الذي سيكون يوم تقديم اللّقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 في مقر العمل ، إلى تلك الدرجة التي تمنع عنّي النوم ، كلّ ما في الأمر أنّ مباراة نهائي اليورو بين إيطاليا وإنجلترا امتدّت لوقت أطول.

في الواقع ، لم تعُد لقاحات كورونا مدعاة للقلق أو للتحمّس بالنسبة لي ، بعد أن واجهت ماهو أكثر خطورة وأهمية من أي شيء آخر عندما يتعلّق الأمر بموضوع الوباء : وهو المرض نفسه ، فقد أصبت بعدوى الفيروس مرّتين ، كانت الأولى في ربيع العام الماضي على الأرجح ، وكانت بدون أعراض واضحة باستثناء قشعريرة غريبة كانت تنتابني من حين لآخر في تلك الفترة  ، ولم أكتشف أمر هذه الإصابة الخجولة إلا بعد إجراء تحليل سيرولوجي بشكل عرضي أظهر وجود أجسام مضادة للفيروس أو لفيروس آخر من نفس عائلة الفيروسات في دمي.

 في المرة الثانية كانت الأعراض أكثر وضوحا وقسوة ، بدأت بصداع مفاجئ ثم جاءت الحمّى والإرهاق ثم فقدان حاسة الشمّ والسعال وضيق التنفّس ، واستمرّ ذلك معي طيلة شهر كامل بداية من منتصف نوفمبر من العام الماضي ، لكن الأقسى من ذلك كلّه كان خوفي الدائم على والداي إلى درجة أنني أصبحت أكتم السعال دون أن أشعر ، من فرط الخشية من أن أتسبّب في انتقال العدوى إلى أقرب الناس على الرغم من أنني كنت أقضي معظم الوقت منعزلا عن بقية أفراد أسرتي ، ما عدا قطّي ''الروجي'' الذي لم يكُن يفارقني.

كان ما عايشتُه مع المرض أول الأسباب التي ستجعلني أتّخذ قرار تلقّي اللقاح المضاد للفيروس فور توفّره من دون تردّد ، بالإضافة إلى اعتقادي بأن التحديّات الجماعية تتطلب قرارات جماعية يمتثل لها جميع الأفراد من أجل مصلحة الجماعة ، أو بتعبير أكثر عِلميّة : من أجل مناعة الجماعة ، ولا أخفي أنّني فكّرت أيضا في بطاقة التلقيح التي ستكون شرطًا للسفر ولدخول الأماكن العامّة في داخل البلاد وفي خارجها.

ساعة اللقاح

الإثنين 12 جويلية ، في تمام العاشرة صباحا ، وصلت الطبيبة التي ستشرف على تلقيح صحفيّي وموظفي مجمّع "البلاد" في إطار مساعي وزارة الصحة لتسريع الحملة الوطنية للتلقيح ضد وباء كورونا بعد عودة حالات الإصابة الجديدة بالفيروس إلى الارتفاع ، وأنا قلق بشأن أمر واحد ، وهو احتمال أن تذهب جرعة اللقاح سدًى إذا قامت الممرضة التي كانت ترافق الطبيبة بحقنها تحت الجلد بدلا من وجهتها الصحيحة : نحو العضلة.

فالحُقن قد تكون عضلية ، وهو الحال بالنسبة لمعظم حُقن اللقاحات ، أي أنها تُحقن مباشرة في العضلات ، وقد تكون وريدية تُحقن مباشرة في الدم ، كما قد تكون حُقنًا تعطى تحت الجلد ، وقد حذّر طبيب أعصاب أمريكي يدعى توم بيتس من أن بعض مقدّمي اللقاحات المضادة للوباء يفعلون ذلك بطريقة غير صحيحة ، تتسبب عادة في حَقن اللقاح في الطبقة الدهنية الموجودة تحت الجلد ، بدلا من العضلة.

يحدث ذلك ، حسب ما أوضحه الطبيب الأمريكي في حديثه لـ"NBC Miami" ، عندما يتمّ إمساك جزء من جلد متلقّي اللقاح والضغط عليه بنفس الطريقة التي تؤخذ بها حقنة الأنسولين ، فتذهب جرعة اللقاح الثمينة هباء، ويقول الطبيب إن هذا الخطأ قد يؤثر سلبًا على فعالية اللقاحات ، بل من شأنه أن يفاقم حالة تفشّي الوباء بسبب الإحساس الزائف بالأمان الذي سيحصل عليه الأشخاص الذين تلقوا التطعيم بشكل غير صحيح ، قبل أن يتخلوا عن التدابير الوقائية الأخرى وهم غير محميّين من العدوى بالمرّة.

كان الإقبال على اللقاح فوق ما كنت أتوقّع ، وكُنت بسبب ذلك ، إلى جانب التزاماتي الأخرى في الدوام ، بين العشرة الأخيرين من بين 50 زميلا تلقوّا الجرعة الأولى من لقاح "سينوفاك" الصيني المضادّ لكوفيد-19 في ذلك اليوم.

عندما حان دوري ، جلست أمام مكتب الطبيبة ، وفي الوقت التي كانت تسألني فيه عن اسمي ولقبي وعنوان إقامتي لملأ بطاقة تلقّي اللقاح ، كانت الممرضة قد أحاطت ذراعي بأداة قياس ضغط الدمّ ، قبل أن تخبر الطبيبة بالنتيجة ، لتأذن لها بإعطائي الحقنة في أعلى كتفي الأيسر، وقد حدث كلّ ذلك بسرعة ، حتى إنني لم أكد أنتبه إن كانت الممرضة قد أمسكت بجلدي عند الحقن.

الأثر الجانبي "الأول"

الساعة الأولى بعد اللّقاح :شعرت أنني مدينٌ بالشكر والامتنان إلى الطبيبة والممرضة ، وعبرهما إلى جميع الأطباء والممرضين على كلّ ما بذلوه وما لايزالون يبذلونه منذ ظهور الوباء ، فشكرتهما قبل الخروج من القاعة ، ثم مضيتُ في سبيلي عائدًا إلى المنزل بعد نهاية الدوام ، وفي الطريق قطعت الأمتار التي اعتدت على قطعها مشيًا على الأقدام من دون صعوبات تُذكر ، بل إنني انتظرت الحافلة طويلا تحت حرّ شمس تلك الظهيرة دون أن أشكو صداعًا أو إعياء بسبب تلقّي اللقاح.

كان كلّ شيء طبيعيا على العموم ، باستثناء أمر واحد يمكن أن أعتبره أول تأثير جانبي سريع وغير مرغوب للّقاح ، وهو ذلك الشعور النفسي بالأمان الزائف من أي احتمال للإصابة بالعدوى بعد التطعيم ، وقد تحدّث عنه الطبيب الأمريكي في سياق تحذيره من حقن اللقاح تحت الجلد بدلا من العضل ، لكنّ شعور المناعة السريعة الذي يمنحه التلقيح يمكن أن يكون ضارّا حتى بالنسبة لمن يتلقى اللقاح بالشكل الصحيح.

تقول منظمة الصحة العالمية إن فعالية اللقاح في الحماية من العدوى ، أو الحماية من الإصابة بمضاعفات خطيرة عند العدوى ، قد لا تظهر قبل مرور أسبوعين على الأقل على تلقّي الجرعة الثانية التي تؤخذ بعد حوالي 3 أسابيع من الجرعة الأولى ( 20 يوما بالنسبة للقاح سينوفاك) ، ولذلك توصي منظمة الصحة العالمية بالاستمرار في الالتزام بالتباعد وارتداء الكمامة وغسل اليدين بالماء والصابون قبل الأكل وقبل لمس الفم والأنف والعينين ، حتى بعد تلقّي جرعتين من أي لقاح كان.

هذا الشعور بالأمان الزائف وبالمناعة السريعة سينتابُك مباشرة بعد أن تتلقى جُرعتك الأولى التي لن تتجاوز كميَّتُها نصف الميليمتر الواحد من اللقاح ، وسيجعلك تظن -متوهّما طبعا- بأنك ستفتك بالفيروس لو صادفته في طريقك ، أو ''تَعْطِيه طْرِيحَة'' مثلما عبّر لي صديق صاحب نكتة تلقّى اللقاح في نفس اليوم هو الآخر..إنه يشبه شعور أيّ رياضي مبتدئ بالنموّ السريع لعضلاته بعد الفراغ من تمرين بسيط ، شعورٌ مريح لكن لا ينبغي له أن يكون سببا للتكاسل عن المواظبة على التمارين والحمية الغذائية ، وعلى الكمامة والماء والصابون بالنسبة للحماية من الوباء ، وذلك ما فعلت لحسن الحظ.

''العَافْيَة''

3 ساعات بعد اللّقاح: بدأت أشعر بألم طفيف في العضلة محلّ الحقن ، يشبه الألم بعد التمرين أو بذل الجهد أو التعرّض لإصابة خفيفة في الموضع ، لكن عند تحريك الذراع فقط ، أما ماعدا ذلك فلا بأس ، بل إن ذلك الإحساس بالألم كان مطمئنا بالنسبة لي حِيال وصول اللقاح إلى المكان الصحيح.

تقول الصحفية العلمية أريا بنديكس ، التي سبق لها أن أصيبت هي الأخرى بالوباء ، في مقال نشره موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي، إنه من الطبيعي أن يشعر متلقّي اللقاح المضاد لفيروس كورونا ببعض الألم أو الانزعاج على مستوى عضلات الذراع ، فبمجرد حقن اللقاح ، يزداد تدفق الدمّ إلى مكان التطعيم حاملا معه الخلايا المناعية التي تندفع لمواجهة هذا الوافد الغريب عن الجسم ، وهو ما يؤدي غالبا إلى الشعور بألم في موضع الحقن.

مع العلم أنّ لقاح سينوفاك الصيني على وجه التحديد ، والذي لم يكُن اللقاح الذي حصلت عليه الصحفية الأمريكية في وقت لاحق بطبيعة الحال ، ماهو إلا فيروس معطّل كيميائيا يُحقن في الجسم لمساعدة المناعة على تطوير دفاعاتها ضد الفيروسات الحيّة.

8 ساعات بعد اللقاح: ‏لا شيء ، باستثناء بعض البلغم في الحلق بشكل طفيف وغير مزعج وبدون صعوبة عند البلع.

 17 ساعة بعد اللقاح : لا حمى ولا أي آثار جانبية للّقاح في الليل ولا عند الاستيقاظ في صباح اليوم المُوالي ، غير أنني تناولت حبّة ''باراسيتامول'' واحدة قبل النوم (بارالغان 500 ملغ محلّي الصنع) استجابة لنصيحة أسدتها لي طبيبة من معارفي ، تحسّبا لاحتمال إصابتي بالحمى ليلا من باب الوقاية لا غير.

24 ساعة بعد اللقاح: لا شيء دائما ، مع استمرار بلغم الحلق ، وخفّة حدّته من حين لآخر ، خاصة بعد شرب منقوع الزعتر الساخن.

48 ساعة بعد اللقاح: تراجع بلغم الحلق بشكل ملحوظ ، واختفاء الألم العضلي الخفيف في مكان الحقن عند تحريك الذراع الأيسر ، مع عدم ظهور أي آثار جانبية أخرى.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. هزة أرضية تضرب ولاية المسيلة

  2. رياح وزوابع رملية على هذه الولايات اليوم

  3. الدرك الوطني بسعيدة يُحبط محاولة تهريب أكثر من 30 كلغ من الكيف المعالج ويوقف مشتبهين

  4. تحضيرات لإنشاء شركة وطنية للنقل الجوي الداخلي للمسافرين

  5. الفريق أول السعيد شنقريحة: تمرين سلام شمال إفريقيا يأتي تفعيلا لالتزامات الجزائر لدعم آليات السلم والأمن القاري

  6. شركة "الريان" القطرية تبدي استعدادها للاستثمار في المجال الفلاحي بالجزائر

  7. صناعة جزائرية 100% .. تدشين سفينتين بطول 42 متراً لصيد التونة في أعالي البحار

  8. وزارة الشؤون الدينية : عيد الأضحى سيكون يوم الجمعة 6 جوان 2025

  9. الفريق أول شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي بالذخيرة الحية "صمود 2025"

  10. تسليم أول دفعة من مركبات “فيات” لفائدة سائقي سيارات الأجرة