قد يكون ما قاله وزير الشؤون الدينية والأوقاف صحيحا.. فيما يتعلق بانتفاء أي دور “مباشر” في نشر التشيع في الجزائر.. من طرف السفارة الإيرانية.. هو لم يلاحظ ذلك.. ولجان تحقيقه.. لم تبصر أي قرينة تدين هذه السفارة.. وأظن أن أي سفارة ـ إلا ما كان منها وقحا أومتهورا ـ.. لا تغامر بالاشتباك مع دين البلد وهويته على المباشر.. حتى وإن كانت تحمل مشروعا أيديولوجيا أو طائفيا أو عرقيا تسعى لإشاعته.
فلا تتوقعوا من السفارة الإيرانية أن تنشر إعلانا تدعو فيه الشباب الجزائري إلى التشيع.. ومن ثم تهيجهم لسب الصحابة الكرام.. أو ترغبهم في زواج المتعة.. أو الدفاع عن بشار الأسد.. أو بناء الحسينيات.. أو فتح أبواب الهجرة إلى قم.. لتعميد أتباع جدد لأهل البيت كما يدعون.. وما شابه ذلك.
سيكون ساذجا أو حتى مغفلا من الدرجة الأولى.. من اعتقد أن السفارة ستُقدم على نشاط من هذا اللون في وضح النهار.. لتنكشف أوراقها الخفية.. هذا فعل غوغائي لا يقدم عليه إلا الحمقى والمستهترون.. وإيران التي استطاعت استغفال ملايين المسلمين ثلاثين عاما... ليست غبية لتتصرف على هذا النحو.
إيران.. لمن لا يعلم.. دولة طائفية بامتياز.. وهي أيضا دولة ذات أهداف معبأة في قالب أيديولوجي طائفي مقيت للغاية.. فلك أن تبحث في طهران عن مسجد للسنة.. وستكون بطلا لو عثـرت عليه.. لكنهم يريدون حسينيات في بلاد أهل السنة والجماعة.. ويريدون احترام حقوق الأقليات ـ بحسب فهمهم طبعا ـ.. لكنهم لا يعلمون شيئا عن حقوق الأكثـرية المضطهدة في العراق وسوريا واليمن.
الجزائريون الذين ثاروا على تعيين السيد “أمير موسوي” ملحقا ثقافيا في السفارة الإيرانية في الجزائر.. وهو المطرود من السودان بسبب مساهمته في نشر التشيّع ـ الخبر بحاجة إلى تأكيد ـ.. لا يدركون أن المشكلة ليست في هذا الشخص.. ولا في غيره من أعضاء السفارة.. حتى وإن كانوا جميعا وكلاء للولي الفقيه.. فإيران المفضوحة في سوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين.. لا تفتقر إلى أدلة إدانة إضافية.. بل هي بحاجة إلى دولة سنية ثابتة الأركان.. تواجهها وتسقط مشروعها التوسعي.. وتقبر حلمها الفارسي القديم.. أما أن يقال إن سفارة إيران بريئة.. فمن الفاعل إذن؟