الدستور.. امتحـان النـوايا بين السلطـة والمعارضة

بعدما رتّب بوتفليقة البيت الداخلي وحدّد قواعد اللعبة السياسية

الرئيس هو من يشرف على استكمال مراحل المشروع التمهيدي لتعديل القانون الأول في البلاد، هي خلاصة بيان رئاسة الجمهورية الذي أعلنت فيه عن لقاء مصغر بين الرئيس بوتفليقة من جهة والوزير الأول عبد المالك سلال ووزير الدولة مدير الديوان لدى رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، ووزير الدولة المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية الطيب بلعيز، ونائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق احمد ڤايد صالح، ووزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح وبوعلام بسايح مستشار لدى رئيس الجمهورية، من جهة ثانية.  

إخراج ورقة التعديل الدستوري في هذ الوقت بالذات يتزامن مع الترتيبات التي أنهتها السلطة ”بنجاح” وشكل فيها عنصر المفاجأة اللاعب الرئيسي، فقد أنهت ترتيبات البيت الداخلي، مثلما أنهت الازدواجية في مراكز القرار التي شكلت مصدر همز ولمز لعقود طويلة في الجزائر، مثلما عكست قوة في القرارات الصادرة عن رئاسة الجمهورية رغم اللغط الذي صاحبها، والتحاليل المتضاربة بشأن خلفياتها وأسبابها، وسط كل هذا باشرت السلطة تنفيذ أجندتها خارج الانزلاق نحو الجدل نفسه الذي تعرفه الطبقة السياسية، وكانت خرجات أحزاب الموالاة في مقدمتها الندوات الصحفية التي نشطها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، مؤشرا يمنح المحللين بعض ملامح توجهات السلطة، ويكشف عن مواقفها ونواياها في أحيان أخرى، وباستثناء ذلك، أظهرت السلطة صلابة أعصاب سياسية في التعاطي مع لانتقادات والمستجدات التي كانت عبارة عن ردة فعل عن القرارات التي مست أجهزة ومؤسسات مختلفة.

وبدا واضحا أن السلطة تجاوزت هذه المرحلة بعدما حدّدت قواعد اللعبة السياسية بينها وبين المعارضة أو مع القوى التي كانت تحاول فتح منفذ لتشكيل قوة سياسية وإدارية تؤثر في صناعة القرار السياسي وتحدد مستقبل المراحل القادمة، مثلما هو واضح أيضا أن ملف التعديل الدستوري لن يخرج عن دائرة الرئاسة والرئيس، الجهة الوحيدة التي تشرف عليه مثلما جاء في البيان الرسمي، لذلك يمكن اعتبار المرحلة القادمة التي تتضمن التعديل الدستوري امتحان للنوايا بين السلطة والمعارضة، المعارضة التي تطالب بقواعد ديمقراطية أكثر شفافية تسعى إلى الضغط من أجل دستور ديمقراطي شفاف واضح المعالم. أما الجناح الآخر الذي يرى أن الحل يكمن في مقاطعة التعديلات الدستورية، فإن مسؤوليته التاريخية والسياسية والأخلاقية تبقى قائمة مادام الأمر يتعلق بالقانون الأول للبلاد، ومن شأن إفصاح السلطة عن محتوى المشروع التمهيدي للتعديل الدستوري أن يضع نواياها واضحة أمام المعارضة التي قد يدفعها إحراج السياسي إلى الانخراط في المسعى إن كان يصب فيما تطالب به اليوم، وهو ما يرتقب أن يتطابق وتطلعاتها، حيث سبق للرئيس بوتفليقة أن أعلن عن مكانة واسعة للمعارضة في التعديل الدستوري القادم.

لقد ظل تعدد مراكز القوى والقرارات في أعلى هرم السلطة عاملا قويا من عوامل التأثير في التعديلات الدستورية، لكن من الواضح جدا أن هذا العامل لا وجود له هذه المرة، بعدما نجحت السلطة في ترتيب بيتها

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. طقس الخميس.. امطار غزيــرة على هذه الولايات

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34305 شهيد

  3. حول طلبات التقاعد.. بيان هام من "كاسنــوس"

  4. حج 2024.. بيان هام من الديوان الوطني للحج والعمرة

  5. وفد صيني يحل بتندوف لإنجاز محطة إنتاج الكهرباء بغار جبيلات

  6. إصابة 10 أشخاص في حادث مرور بالأغواط

  7. لأول مرة في الجزائر.. بناء 11 سفينة صيد بطول 42 متر

  8. للمستفيدين من سكنات عدل.. جلسة عمل تقنية لمراقبة العملية التجريبية للمنصة الالكترونية

  9. الجرعات الزائدة من البطيخ قد تكون مميتة في حالات معينة.. ماهي؟

  10. فؤاد الثاني.. أخر ملوك مصر يعود الى قصره بالاسكندرية