لكل مسؤول جزائري مشروع ما في رأسه.. ما إن يستوي جالسا على كرسيه.. حتى يسحبه من جيبه ويضعه على الطاولة.. ويشرع في تنفيذ بنوده.. وكقاطرة بخارية.. يسحب من خلفه عربة القطاع برمتها.. بحمولتها من البشر والأشياء والنصوص والكثير من الإشهار الشخصي.. ويشرع في اقتحام الممنوعات.. دون اعتبار لمقومات المجتمع والدولة.
وزيرة التربية تتصرف على هذا النحو تماما.. في حين كان أسلافها من الوزراء أكثـر تحفظا.. أما هي فقد اختارت سباق السرعة القصوى.. واختارت عدم التفكير في العواقب.. لاعتقادها ـ وهذا صحيح ـ أن منصب الوزير كالظل.. قد يتلاشى في أية لحظة.
لا ندري لمَ تتهم الوزيرة “النظام التربوي السابق”.. كما لا ندري أين ينتهي هذا السابق.. ومن أين تبدأ هي؟ بل هي تدينه من غير محاكمة عادلة.. فهي الخصم والحكم.. وتدعي في حيثيات الحكم أن “النظام التربوي السابق القائم على الاستيعاب والاستنساخ وراء النتائج السلبية التي سجلها القطاع والسبب الرئيسي وراء التسرب المدرسي على مدار السنوات الأخيرة”!!
أما البديل لديها فهو نظام “يستخدم المهارات والمهارات التحليلية”.. فبشرى لكم المهارات التحليلية.. وإن كانت لا تشرح لنا على السبورة ـ وبالطبشور طبعا وليس بالقلم الكيماوي ـ ماهية هذه المهارات التحليلية.. ولا كيف تُكتسب.. ولا نوع الكائن الذي تنتجه.. ولا كيف ستتحسن النتائج.. ولا ما المقصود بالنتائج؟
ما يحزننا.. أن الوزيرة تنسى أو تتناسى أنها كانت عضوا في اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية.. وأنها من الأغلبية التي أعدت تقريرا انقلابيا.. استهدفت به مقومات المدرسة القائمة إلى غاية 2001.. تاريخ الشروع في تسويق المدرسة البديلة.. فكيف تثور على نفسها.. وهي الفاعل الحقيقي.. مع غيرها من رواد التغريب؟!
ستدرك الوزيرة ـ إن لم تدرك بعد ـ أن النتائج هي الحبل الذي يضعه كل وزير تربية في عنقه.. ويمشي به إلى المشنقة.. ومن ثم لها أن تختار كيف تموت.. كما مات بن بوزيد من قبلها.. بعد عشرين سنة من المقايضة.
فإلى أن تولد مدرسة الكفاءات التحليلية..لابأس أن نسلم بأحلام الوزيرة.. فكثيرون توهموا قبلها.. ومضوا دون أثر.
