ثـورة تتجدد أم انقلاب على تجربة تتمدد؟

تونس في مواجهة أخطر امتحان بعد 5 سنوات على فرار بن علي

 

تجدّدت ثورة الياسمين بتونس عقب 5 سنوات من فرار الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي إلى السعودية، تحت ضغط الشارع الثائر على نظام حكمه الذي  امتد من 7 نوفمبر 1987 إلى 14 جانفي 2011. الاحتجاجات القوية التي تهز تونس منذ أن أقدم رضا اليحياوي على الانتحار صعقا يوم 16 جانفي 2015 أمام مقر ولاية القصرين احتجاجا على حذف اسمه من قائمة التشغيل، صورة لنفس المشهد الذي هز العالم يوم 17 ديسمبر 2010، عندما أقدم البوعزيزي على الانتحار حرقا احتجاج على البطالة والظلم، ورغم  تكرار مشاهد الانتحار حرقا في عدة بلدان عربية، إلا أن التجربة لها سحر خاص في الشارع التونسي الذي حركت حادثة اليحياوي مشاعره للانتفاضة ضد البطالة والتهميش، الثورة المتجددة زحفت على أهم المدن، ووصلت شارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة تونس مما دفع الحكومة إلى إعلان حظر التجوال بدءا من مساء يوم أمس الجمعة، وسط حالة من الغضب الذي أعاد العالم إلى مشاهد جانفي 2011، عندا خرج أحد التوانسة وسط حظر التجوال صارخا “بن علي هرب، بن علي هرب”، في جانفي 2015 لا وجود لبن علي، بل ليس هنالك من يهرب إلى خارج تونس، لأن الوضع الاقتصادي الذي  يعيشه هذا البلد هو جزء من تراكمات حكم بائد، والسنوات الخمس الماضية  لم تكن كافية لتغيير حال “التوانسة” إلى الأحسن، بل إن أعباء الملف الأمني والإرهاب والمخاطر الأمنية والهجمات المسجلة من حين لآخر ضد المواقع السياحية، أثقلت كاهل تونس الرسمية والشعبية، ومع عودة القمع وتحرك دولة البوليس بدا وكأن آليات نظام بن علي هي التي تتحرك في الساحة التونسية، لذلك يرى البعض أن ما يحدث في تونس هو ثورة تتجدد، من أجل استرجاع زمام المبادرة إلى يد المواطن التونسي المكافح الذي يطالب بالخبز والكرامة والعدالة. هذا التوصيف يعتبر غير دقيق في نظر فريق الموالاة للجبهة المدافعة عن الخيارات الديموقراطية والشرعية  لتونس حتى لو كانت بقيادة الرئيس الحالي قايد السيبسي، باعتباره أحد وجود الماضي. التجربة التونسية تعتبر في العرف السياسي لشركائها خصوصا في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما استثنائية باعتبار أنها “الناجي الوحيد” من تحطم مركب الربيع العربي الذي أودى بليبيا وسوريا واليمن، وأوقع مصر في متاهات قد تؤدي بها إلى تكرار انتفاضتها ضد نظام العسكر بقياد الجنرال عبد الفتاح السيسي. تونس في العرف الأمريكي ولدى الكثير من دول الاتحاد الأوروبي حليف إستراتيجي بتجربته التي أثبتت إمكانية نجاحها، إن رافقها قليل من المساعدات المالية والفنية في القضاء على البطالة ومحاربة الإرهاب، وقد أثبتت أنها شريك هام للجارة الجزائر في ملفات أمنية نجح الطرفان في التعاطي معهما بإيجابية، كما أثبتت نتائج ثورة الياسمين أن ما بعد نظام بن علي، كان جيلا سياسيا واعيا ومسؤولا بالرهانات وبعلاقاته مع الآخرين، لدرجة أن العلاقات التونسية الجزائرية عرفت تطورا يضاهي ما كانت عليه العلاقات إبان حكم بن علي، كما أن الحركات الإسلامية وفي مقدمتها حركة النهضة حسمت خياراتها بذكاء وتعاملت مع كافة التطورات والأحداث بمسؤولية . فهل الأمر يتعلق بتحريك ذكي من قوى عربية ضد تجربة تونس الديموقراطية كما يشاع، أم أن الأمر يتعلق بنبض الشارع الذي لم يلمس ثمار ثورة الياسمين التي كان يحلم بأن تتحول بتونس بعدها إلى جنة على ضفاف المتوسط؟ إلى غاية الآن الأمر لايزال مقتصرا على الحراك الداخلي بين التونسيين، ومن شأن ذلك الكشف عن باقي أوراق تحريك الثورة المضادة.. 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. رياح قوية وزوابع رملية على 5 ولايــات

  2. انفجارات في أصفهان وتقارير عن هجوم إسرائيلي

  3. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني

  4. بلعريبي يتفقد مشروع مقر وزارة السكن الجديد

  5. إيران تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد هجوم بمسيرات

  6. وكالة “إرنا” الإيرانية: المنشآت النووية في أصفهان تتمتع بأمن تام

  7. منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار متعلق بانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة