لا ندري عن أي جدار يتحدث سعداني وغول ومن على شاكلتهما.. وما نوع الطوب “البلدي” التي سيختارونه لبناء معلمهم التاريخي العظيم .. فقد كـثـرت الجدران الفاصلة بين الجزائريين.. وجوار كل جدار محب يتغزل به ويضمه إليه.. وتحول الوطن إلى محميات مستقلة.. تحوطها جدران شتى.. تعلوها أبراج وقلاع ومتاريس عاتية.
كما لا أدري إن كان سعداني قد أصيب بفيروس الجدران العالمي.. فاستنسخ التجربة.. وشرع في تطبيقها ضد جيوش “هيئة التشاور والمتابعة”.. التي تتأهب لغزوه من “ماز فران”.. فهناك إسرائيل التي تبني جدران الفصل العنصري.. لتعزل الفلسطينيين في “أ “ و«ب” و«ج”.. بحسب تقسيمات أوسلو.. وهناك أيضا.. استلهامات العبادي لحماية قطاعات من بغداد بجدران تصد المفخخات.. والجدار الرملي الذي بناه الحسن الثاني.. لصد ثوار البوليساريو.. وجدار برلين.. وسور الصين العظيم.. والجدار المائي الذي ابتكره السيسي لخنق غزة.. وجدار السبسي لصد “الدواعش” القادمين من ليبيا.. قبل أن يكتشف أنهم يتخندقون خلف جدارهم الخاص في بن قردان.. وجدار يأجوج ومأجوج.. وهلم جرا.
لقد أصبح لكل دولة جدارها.. ولكل تنظيم سوره العظيم.. فلم لا يكون سعداني صاحب السبق.. الذي يضع حجر الأساس لبناء أعظم جدار جزائري على الإطلاق.. جدار يحمي الجزائر من السقوط.. فتسقط “شمال إفريقيا كلها” بتعبير غول.. صاحب جدار القرن الذي انهار في عامه الأول.
لقد فكر سعداني وقدر.. فأدرك أن أعظم مشروع يهديه للجزائر الحبيبة ـ قبل أن يعتزل السياسة في باريس أو لوزان كما يفعل أقرانه ـ.. ويسمح بمواجهة الإرهاب الأعمى.. ويخدم به برنامج الرئيس.. هو جدار وطني.. يشيده بطريقته الخاصة في القاعة البيضاوية.. يحيط به الجزائر من جهاتها الأربع.. ويعلو على أكتاف عشرة آلاف مناضل.. من مفتولي العضلات.
هل الجزائر مضطرة إلى بناء جدار إضافي.. وهي المتخمة أصلا بالجدران والعوازل والفواصل.. والكانتونات الحزبية والمالية والإدارية والنفسية.. التي لا تتيح لأربعين مليون جزائري أن يلتقوا في الشارع.. ليرقصوا إن شاؤوا.. إلا بترخيص إداري مسبق ـ أم العكس.. الجزائر هي بحاجة ماسة لإزالة الجدران القائمة ـ كما أزال الألمان جدارهم ـ.. وإتاحة الفرصة لأوكسجين الحرية أن ينطلق بغير عائق.
الإجابة واضحة.. لكن نخشى أن يؤسس كل جزائري جداره الخاص.. فتكـثـر الجدران.. وتتعذر إزالتها.
