الأرقام التي أفصحت عنها ”المديرية العامة للجمارك” نذير شؤم حقيقي.. لا للحكومة فقط.. بل لنا جميعا.. فهي أرقام تفزع الجميع.. ولا تمنح الحكومة ـ تحديدا ـ فرصة كافية لتلتقط أنفاسها.. وهي مؤشر على التراجع.. وعلى هشاشة الوضع الاقتصادي للدولة.. وتبرز إلى أي مدى تصبح وعود الحكومة.. مجرد كلام فارغ.. لا صلة له بالواقع.
عجز الميزان التجاري في السداسي الأول من 2016.. يحطم رقما قياسيا بـ 11 مليار دولار.. ولا تزال عائدات المحروقات هي السيدة بنسبة 93٪.. مع تراجع الصادرات خارج المحروقات بـ 23٪.. فإلى أين؟
إجابة عن هذا السؤال.. ثمة عشر نقاط.. أثيرها في هذا السياق: الأولى.. هذه الحكومة عاجزة عن المواجهة.. فهي لا تمتلك الأدوات ولا الأفكار ولا الإرادة السياسية اللازمة لإنجاز إصلاحات فعلية لا شكلية. الثانية.. إن ما أضعناه في عشر سنوات من الوفرة النفطية.. يستحيل استدراكه في عام أو عامين.. البناء ليس كالهدم.. والزمن الذي لا تستغله يستغلك هو. الثالثة.. الحكومة لا تملك تصورا عما يجب فعله.. إنها كمن يسير في ليلة حالكة الظلمة.. فلا يتبين وجهته.. يسير وأمامه ألف هوة سحيقة. الرابعة.. الحكومة لا تستمع لمن ينصحها.. هي تنصت لصوتها فقط.. لأنها لا تؤمن بغيرها.. ولا بشرعية غير شرعيتها.. فهي الكل وما عداها مجرد زوائد. الخامسة.. تدعي الحكومة أنها رشيدة وتقاوم التبذير.. فماذا عن المهرجانات الفلكلورية التي تبتلع الملايير ”تيمقاد، وهران،...”.. والظاهر أنها لا تريد إعطاء القدوة من نفسها. السادسة.. في بلادنا تركض السياسة في الاتجاه المضاد للاقتصاد.. وبينهما يتربص الوضع الاجتماعي شديد التوتر.. فمن عودناهم البذخ والسرف في عشر سنين.. كيف نقنعهم بشد الأحزمة في عشرة أشهر!
السابعة.. لقد تلاشت أوهام الرخاء والوفرة.. تلك التي نمت في عقول أناس ميتين عمليا.. لا يدرون أصلا ما يخرج من عقولهم ـ بتعبير أحدهم ـ.
الثامنة.. لا أثر لجامعي الثروات الطائلة في عشرية الوفرة.. نتساءل: أين هم؟ وأين هي تلك الأموال التي كنزوها بغير جهد يذكر؟
التاسعة.. ينصب جهد الحكومة على تحصيل الموارد مهما كان مصدرها.. لتغذي خزينتها المرهقة.. وليس أمامها سوى وزير الداخلية يتوعد الولاة.. إنها الإدارة في مواجهة نفسها هذه المرة.
العاشرة.. الحكومة تواجه كابوسا لم تختبره من قبل.. فهل من أحد يوقظها؟
