هل نحتاج لحماية أخلاق المجتمع إلى نص قانوني صريح؟ وهل يفتقر المجتمع أصلا إلى أعراف أخلاقية قد تسمو أحيانا على القانون؟ وهل السياسة فوق القانون؟ وهل تصح “البزنسة” في أخلاق الناس وتحديدا الشباب؟
غريب هذا الرد الذي قابلت به الوزيرة “فرعون” من سألها عن حجب المواقع الإباحية في الإنترنت.. فادعت أن ذلك من حرية التعبير.. وإن وزارتها لا تملك الحق في حجب هذه المواقع السافلة.. وبهذا الفهم.. لا ندري كيف يفكر بعض المسؤولين الكبار.. ولا كيف يقدرون مصلحة المجتمع الذي يتعرض لهجوم إباحي.. يوشك أن يدمره.. ويجعل عاليه سافله.
إذا كانت الوزيرة تنكر وجود نص قانوني يمنع المواقع الإباحية.. فربما بسبب جهلها وجود دستور جزائري أصلا.. والراجح أنها لم تقرأ كلمة منه إلى اليوم.. ومن ثم تصبح مطالبة بإعادة النظر في ثقافتها القانونية.. على الأقل من زاوية أنها وزيرة.. تشغل موقعا ضخما.. وتبوء بعبء حماية شريحة واسعة من المجتمع.. من طوفان الإباحية.
أحيل الوزيرة إلى المادة 9 ـ الفقرة الرابعة ـ من الدستور.. التي تنص صراحة على ما يلي: “لا يجوز للمؤسّسات أن تقوم بما يأتي:.... السّلوك المخالف للخُلُق الإسلاميّ..”.. فما معنى الخلق الإسلامي.. إذا لم يكن الالتزام بمعاني العفة والطهارة.
ألا ينهى الإسلام عن إشاعة الفاحشة بنص الآية الكريمة.. (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ـ النور19).. وهل ترك المواقع الإباحية.. تخرب أخلاق الشباب.. وتدمر عقولهم.. إلا سعي في نشر الفاحشة.. بوسائل الدولة.. وعلى سمعها وبصرها.
في هذا البلد ثمة شيء مفقود.. ولا نكاد نعثـر عليه إلا نادرا.. إنه الإرادة السياسية.. التي غُيبت في أشد الموضوعات والقضايا حساسية.. فقد أضحى القانون بحاجة إلى تزكية سياسية.. ليجد طريقه إلى التنفيذ!
نحن بحاجة إلى إعادة قراءة شاملة.. بما في ذلك.. من نحن؟ أين تقف صلاحيات كل واحد منا؟ ماذا يعني الدستور بالنسبة إلينا؟
والحاصل أن القانون موجود.. لكن الإرادة الوطنية والأخلاقية غائبة تماما.. فمتى تعود؟
