تعتزم إطلاق الدينار الرقمي.. الجزائر تدخل سباق العملات المركزية المشفرة

تستعد الجزائر لإطلاق عملتها الوطنية الرقمية للتداول في إطار سعي الحكومة لرقمنة المدفوعات و مواكبة الحركية الاقتصادية المتنامية للتعاملات المالية الإلكترونية. ويمثل إصدار "الدينار الجزائري الرقمي" خطوة عملاقة إلى الأمام في بلد يسارع الخطى للانضمام إلى "مجموعة بريكس" التي تضم أقوى الاقتصاديات العالمية الصاعدة.و يرى خبراء أن تعجيل الجزائر بطرح عملتها الرقمية المركزية في أوج سباق عالمي للسيطرة على ظاهرة العملات الافتراضية تأكيد لسيادتها في إصدار النقود ومواجهة الاحتيال وتبييض الأموال كما يعد فرصة سانحة لتطوير الاقتصاد وتسهيل المعاملات واستحداث الثروة،مشدّدين على ضرورة "تعزيز الأمن ومراقبة أنظمة الدفع".

الدينار الرقمي 

وأوضح الوزير الأول،أيمن بن عبد الرحمان في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال الندوة حول التحديات المستقبلية للبنوك المركزية والتي ينظمها بنك الجزائر بمناسبة الذكرى ال60 لتأسيسه, أنه "من بين أهم الورشات المفتوحة أمام بنك الجزائر, يجدر ذكر ورشة رقمنة المدفوعات, والسعي إلى اعتماد الشكل الرقمي للعملة النقدية التي سيتولى تطويرها وإصدارها وتسييرها ومراقبتها, تحت مسمى الدينار الرقمي الجزائري".وأضاف أن "الدينار الرقمي الجزائري" سيشكل في نهاية المطاف دعما للشكل المادي للعملة النقدية.وفي هذا السياق, لفت إلى أنه "في ظل الأعمال الرقمية, ستزداد الحاجة بلا شك إلى تعزيز الأمن ومراقبة أنظمة الدفع, وهي قضايا جديدة يعكف بنك الجزائر على التكفل بها". وتابع الوزير الأول أن "مراجعة قانون النقد والقرض جاءت مواكبة للمستجدات واستجابة لمقتضيات الإصلاح الاقتصادي المنشود".و أفاد أن "الادراك بأهمية بنك الجزائر, باعتباره رأس النظام المصرفي والقائم بالإشراف عليه, هو الذي دفع الحكومة, بتوجيه من رئيس الجمهورية, إلى العمل على تحيين الإطار القانوني لعمل بنك الجزائر, من خلال مراجعة الأمر رقم 03-11 المؤرخ في 26 أغسطس 2003 والمتعلق بالنقد والقرض, المعدل والمتمم, بما يسمح بمواكبة المستجدات والاستجابة لمقتضيات الإصلاح الاقتصادي المنشود الذي يعزز أداء المؤسسات الاقتصادية ويضمن إطارا معيشيا كريما للمواطن".

كما تهدف هذه المراجعة إلى تعزيز حوكمة النظام المصرفي وعلى رأسه بنك الجزائر, وتحسين شفافيته, مع منح مجلس النقد والقرض صلاحيات جديدة تمكنه من مرافقة التحولات التي تشهدها البيئة المصرفية, إلى جانب توسيع صلاحياته في مجال اعتماد البنوك الاستثمارية, والبنوك الرقمية ومقدمي خدمات الدفع, والوسطاء المستقلين, والترخيص بفتح مكاتب الصرف, فضلا عن تعزيز دور اللجنة المصرفية كسلطة إشراف وباعتبارها هيئة قضائية إدارية, يضيف الوزير الأول.

وفي هذا السياق, سيتم, من أجل تمكين بنك الجزائر من إرساء مهمته المتمثلة في الاستقرار المالي, استحداث لجنة الاستقرار المالي وتكليفها بالمراقبة الاحترازية الكلية وإدارة الأزمات, وفقا للوزير الأول.ومن شأن هذا التعديل كذلك أن "يسمح باستخدام أدوات جديدة للسياسة النقدية لتكون أكثر نجاعة وأكثر قدرة على الانتقال عبر قنواتها المعروفة, ويتيح, في ذات الوقت, تكييف أدوات التدخل على مستوى السوق النقدية مع خصوصيات العمليات المصرفية, لاسيما تلك المتعلقة بالصيرفة الإسلامية والتمويل الأخضر", يضيف الوزير الأول.

شفافية التعاملات

من جهته أكّد محافظ بنك الجزائر ،صلاح الدين طالب،أن الإصدار المرتقب للدينار الجزائري الرقمي "جاء استجابة لمقتضيات الإصلاح المالي لمواكبة التطورات التكنولوجية العصرية للأنظمة المالية العالمية".وأوضح السيد طالب, خلال أشغال الندوة حول التحديات المستقبلية للبنوك المركزية أن "قانون النقد والقرض الجديد سيسمح للبنك بالسير قدما نحو عصرنة النظام المصرفي لمواكبة التطورات الراهنة والمستقبلية, لاسيما في شقها التكنولوجي والابتكاري, قصد توفير المناخ الملائم للمتعاملين الاقتصاديين للولوج إلى كل الأدوات المصرفية الحديثة وإقرار قواعد التنمية الاقتصادية مستدامة".وإذ أكد أن بنك الجزائر "أدى جميع المهام السيادية الموكلة اليه خلال ال60 سنة الفارطة ورفع جميع التحديات التي ميزت أمة غيورة على استقلالها وسيادتها", أبرز المحافظ حرص البنك على مواصلة تأدية مهامه في تعزيز سلامة ومتانة النظام المصرفي.وبهذا الخصوص, أفاد السيد طالب بأن مؤشر ملاءة النظام المصرفي الجزائري قد تعزز مسجلا نسبة 22 بالمائة, لافتا الى أن البنك وضمن مواجهة الانعكاسات الاقتصادية والمالية التي ترتبت عن جائحة كورونا قرر في يوليو 2021 اطلاق برنامج خاص لإعادة تمويل البنوك بقيمة 2100 مليار دج بغرض توفير المزيد من السيولة وتعزيزا النشاط الاقتصادي للبلاد.

لا فرق بين العملة الرقمية والورقية

من جانبه أوضح الخبير المالي،محمد رابحي، أنه "لا فرق بين العملة الرقمية والعملة الورقية التقليدية المتوفر حاليا بين أيدي الناس، مؤكدا أن "الدينار الرقمي سيتم استخدامه في التداولات العامة على غرار تداوله رقميا عبر بطاقات الائتمان وأجهزة الصرف الآلي".ورأى أن "العملة الرقمية خطوة متطورة سوف تسهم في زيادة الشفافية المالية بالبلاد"، مؤكدا "أنها سوف تسهل المبادلات المالية بين العملة الوطنية المشفرة وسائر العملات الرقمية التي تعتمد تكنولوجيا البلوك تشين".وفي رده على سؤال حول انعكاسات العملة الرقمية على مستوى التضخم قال رابحي إن "قيمة الدينار الرقمي لا تتجاوز نظيرتها الورقية، وإن العملة الرقمية سوف تسهل المبادلات المالية بين الناس من دون الحاجة إلى دور الوساطة الذي تلعبه المصارف حاليا". وأشار الخبير المالي إلى تحليلات موقع "أتلانتيك كاونسل" المتخصص و الذي أكد أن أكثر من 100 دولة تمثل 95% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تدرس موضوع إصدار العملات الرقمية. ومع تصعيد الولايات المتحدة نشاطها؛ ستسأل جميع هذه البلدان تقريبا عما ستأتي به واشنطن وتتأكد من عمل عملاتها مع العملة الاحتياطية العالمية. كما أن روسيا تلعب دورا في هذا أيضا، ففي أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا وعقوبات مجموعة السبع، بدأت العديد من الدول استكشاف طرق للتغلب على نظام التحويل المالي الدولي القائم على الدولار.

أرباح متوقعة

وعلى صعيد متصل يرى الخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش، أن التعامل بالعملة الرقمية يعتبر فرصة لخلق الثروة والمال وليس تهديدا للاقتصاد، رغم بعض المخاطر التي قد تنجم عن تدهور قيمة هذه العملة مقارنة بالعملات الرسمية، مؤكدا أنه في حال اعتمادها رسميا ببلادنا ستوفر لبنك الجزائر أرباحا تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات فقط. تتجه العديد من دول العالم إلى اعتماد عملات رقمية للالتحاق بركب 100 بلد يتعامل بهذه العملات كان آخرها توقيع الرئيس الأمريكي جون بايدن، على مرسوم فيدرالي لاعتماد عملة الدولار الرقمي، في وقت مازالت فيه بعض الدول تمنع الخوض في هذه التجربة بسبب المخاطر التي قد تنجر عنها وخاصة تذبذب قيمتها القابلة للصعود أو الانهيار في السوق، وكذا مخاوف من عمليات التحايل والمعاملات الإلكترونية المشبوهة وغير المحمية.وأكد الخبير الاقتصادي أن العملات الرقمية مثل "البيتكون" تعد فرصا لتطوير الاقتصاد واستحداث الثروة، ولا يجب النظر إليها على أنها تحمل مخاطر جمة ودليل ذلك – كما قال - إن كبرى الاقتصادات العالمية اعتمدتها مثل روسيا والمملكة العربية السعودية.

مخاطر وتحديات

ويجمع الخبراء أن الدينار الرقمي لم يكن الأول من نوعه في العالم، حيث هناك دول أخرى سبق أن طرحت عملتها الوطنية بشكل رقمي، مؤكدين أن طرح العملة المشفرة محفوف بالمخاطر والتحديات وأن نتيجة تطبيق التجربة في الدول الأخرى تفاوتت بين النجاح والإخفاق.و ترتبط نسبة نجاح المشروع ارتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي لدى الدول. وفي هذا الإطار تسارع الجزائر لسد الفجوات التكنولوجية في المنظومة المصرفية سواء من خلال الترسانة التشريعية أو بدراسة كل ما تحتاجه لضمان عملتها الرقمية ومنع الجهات الخارجية من التلاعب بها. وفي هذا السياق, شدد الوزير الأول أنه "في ظل الأعمال الرقمية, ستزداد الحاجة بلا شك إلى تعزيز الأمن ومراقبة أنظمة الدفع و تأمين التعاملات, وهي قضايا جديدة يعكف بنك الجزائر على التكفل بها".

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. وزارة السكن.. جديد عدل 3

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34683 شهيد

  3. أمطار رعدية على هذه الولايات

  4. وزارة التربية: "هذه مواعيد سحب استدعاءات امتحاني البيام والبكالوريا"

  5. بيراف مديرا تنفيذيا لشباب بلوزداد

  6. بـ 4 ولايات.. الإطلاق الرسمي للنظام المعلوماتي الجبائي "جبايتك"

  7. ملعب الدويرة.. تعليمات جديدة من وزير السكن

  8. بيان من المؤسسة الوطنية للنقل البحري حول رحلة وهران اليكانتي

  9. بلعابد يدشن أوّل حاضنة أعمال في قطاع التربية

  10. الإطاحة بشبكة إجرامية دولية تتاجر بالمخدرات