
جيّش المخزن منذ يوم أمس تاريخ بدء أشغال القمة الـ 28 للاتحاد الإفريقي انضمامه لهذه المؤسسة الإفريقية الهامة، حيث شرع في شحن الرأي العام ضد الجزائر وجنوب إفريقيا وعدة بلدان من القارة السمراء تعتبر من أكثر الدول تأثيرا ووزنا في الاتحاد الإفريقي وباقي الهيئات الدولية والأممية، إذ هاجم مواقف عدة عواصم إفريقية تمسكت بدعمها السياسي للقضية الصحراوية باعتبارها مسألة تصفية استعمار في القارة التي مازالت تعاني من تبعات عقود من الهيمنة والاحتلال والنزاعات والحروب. انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لم يضعه المخزن في سياقه العام الذي يجعل منه خطوة نحو انفراج الأزمات وبداية التأسيس لحل عادل ونهائي للقضية الصحراوية، بل اعتبره انتصارا في معركة طويلة يسعى من خلالها لإحداث تغييرات في قوانين الاتحاد، أي قيادة انقلاب سياسي في هياكل ومؤسسات الهيئة الإفريقية التي ناضلت عشرات الدول الإفريقية من أجل أن يكتسب الأفارقة كل هذا الثقل والاحترام من قوة ما رسموه من مؤسسات في مقدمتها مفوضية الأمن والسلم، وبنيات مؤسساتية أخرى تتفاوض مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من موقع القوة. وعليه فقد بدا واضحا أن المغرب يخطط من خلال قراءة أولية للأصداء والتحاليل التي يقدمها مغاربة، لانقلاب على المبادئ الأساسية الاتحاد الذي تم إنشاؤه من أجل الدفاع عن القيم والحريات، وتحرر الشعوب من هيمنة القوى الاستعمارية المتسلطة، وبالنظر على مقدار التأثير السياسي لقوة مثل الجزائر وبلدان إفريقية أخرى فإن انضمام المغرب هو بحد ذاته اعتراف وفق قوانين الاتحاد الإفريقي بالجمهورية العربية الصحراوية، لكنه في الوقت نفسه باب يحاول المغرب ولوجه للطعن في شرعية وحق الصحراويين في تقرير مصيرهم. فنظام المخزن يحاول المس بعدة مواد من القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي حيث يرى منظروا مخطط الانقلاب على مبادئ الاتحاد أنه يجب تغيير المادة الثانية التي تنص على الالتزام بالدفاع عن سيادة وسلامة الدول الأعضاء، بالإضافة إلى المادة الرابعة التي تنص على ”احترام الحدود القائمة وقت الحصول على الاستقلال”، في حين إن المغرب لا يعترف بحدوده الشرقية مع الجزائر، بالإضافة إلى اقتراح العمل على استحداث مادة تتحدث عن طرد عضو من الاتحاد، وتعويضها بالمادة 30 التي تتحدث عن تعليق العضوية في حالة انقلابات عسكرية. وتكشف هذه المناورات الباكرة مدى تجذر الفكر الاستعماري في فلسفة المخزن السياسية ومفهومها للمشاركة في الهيئات والمؤسسات الإفريقية والأممية، الأمر الذي يتطلب حزما وتكتلا إفريقيا لمواجهة أطماع المغرب التوسعية التي يهدف من ورائها محاولة استبدال واقع إقليمي وقاري بآخر يرسخ مبادئ استعمارية طالما قاومت وناضلت من أجل إزالتها المجموعة الإفريقية. ولأن المغرب عضو جديد بالنسبة لهياكل الاتحاد فهو يعتقد أنه من السهل جدا العبث بكل المكتسبات التي حققها الأفارقة على مدار عقودة طويله من النضال.