سيكون قطاع التربية بالجلفة، هذا الأربعاء، على موعد متجدد من المناقشات بمقر المجلس الشعبي الولائي، في خطوة أخرى، للبحث عن مواضع ومواقع الخلل التربوي وعقود من النكسات المتواصلة. وقد برمج المجلس الولائي قطاع التربية للتشريح مرة أخرى في دورة خصصت لهذا الملف، لكون الجلفة وعلى مدار سنوات عدة، ظلت متربعة في ذيل الترتيب الوطني ولم ينفع معها شيء، حتى لجان تحقيق وزارة التربية، فشلت في تحديد الخلل في أكثر من مرة، سواء في عهد بن بوزيد أو بابا أحمد أو الوزير الحالية نورية بن غبريت.
"البلاد" وتزامنا مع إعادة فتح ملف قطاع التربية بالمجلس الشعبي الولائي، أعادت بدورها تشريح الملف من كل الجوانب، فالحديث عن قطاع التربية، حديث عن تجارب تمخضت وولدت فئران ميتة، لكون أن الأسئلة نفسها تطرح في كل موسم، ماذا يحدث؟ وأين موضع الحلقة المفقودة؟ فلا نظام الإصلاحات نجح في إخراج الجلفة من هذه الوضعية ولا لجان تحقيق الوزاربة استطاعت أن تحدد مكامن الفشل التربوي، فحيث خلل القطاع بولاية الجلفة؟ هل هو في مديرية التربية أم في التلميذ أم في المدرسة أم في الأستاذ أم فيهم جميعا؟
ترى الأمانة الولائية للنقابة الوطنية لعمال التربية بالجلفة "الأسانتيو"، أن النتائج المحققة في كل موسم تربوي تُعبر عن واقع القطاع، مشددة على تحقيق جملة من الأمور، أولها صدق مسؤولي القطاع في نقل الواقع بكل شفافية وشجاعة إلى وزارة التربية، العمل على إعداد خارطة تربوية واحدة خلال الموسم الدراسي مما يحفظ استقرار التأطير التربوي والإداري وخلق تكافؤ الفرص في إعداد الخارطة التربوية دون تمييز بين مؤسسة وأخرى، زيادة على ضمان التأطير التربوي لجميع التلاميذ وفي جميع المواد عبر جميع المؤسسات لكون أن القطاع في كل موسم يعرف أقسام امتحان لم تدرس خلال فصل وأكثر، مشيرة إلى ضرورة معاملة ولايات الجنوب ومنها ولاية الجلفة من طرف وزارة التربية كباقي ولايات الوطن وذلك بتجهيز المؤسسات التربوية بشكل لائق خاصة الطاولات وأجهزة الإعلام الآلي وفتح مناصب مالية جديدة لفك الاكتظاظ والضغط عن الأقسام وضمان المعدل الوطني لكل قسم دراسي.
وتحدث أهل اختصاص بالقول "إن الوضعية الكارثية التي يعيشها قطاع التربية بالجلفة، للوزارة ضلع فيها، خاصة ما تعلق بقضية عدم استقرار مدراء التربية وعدم استقرار المنظومة التسييرية وتعيين مسؤولين أثبتوا فشلهم في ولايات أخرى"، حيث تداول على منصب المدير التربية 10 مدراء في 9 سنوات الأخيرة، وهو ما يعني أن كل مدير "لا يسخن" كرسيه حتى يأتيه قرار التحويل أو الإقالة، مضيفين أن لجان التحقيق التي شكلتها الوزارة نفسها لم تثمر شيئا. وتحدث أهل الاختصاص بالقول "إن الكلام نفسه يعاد مرة ومرتين وثلاث مرات على منبر المجلس الشعبي الولائي، وأن الوضعية تم تشريحها وإعادة تشريحها، إلا أنه لا شيء تغير، مؤكدين أن الجلفة لم تبرح المراتب الأخيرة منذ 2002، على الرغم من الزيادة في الهياكل التربوية.
وقال بعض أولياء التلاميذ إن إشكال التربية بالجلفة هو تحصيل حاصل عن تسيير سابق، مرجعين السبب إلى الاكتظاظ ونقص المناصب المالية، فعدد التلاميذ في القسم الواحد في كثير من البلديات في حدود 50 تلميذا، وأن الولاية تحولت إلى حقل تجارب "مدير يجي ومدير يروح". وكان نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ السابق قد تحدث عن أن اللغات الأجنبية سبب تقهقر النتائج النهائية، مشيرا إلى أن التقييم الحالي لايعكس ما هو موجود في الواقع والميدان.
والي ولاية الجلفة الحالي وفي أول خرجة إعلامية له، قال إن قطاع التربية هو أول الأولويات وأنه سيعمل على إخراج القطاع من عنق الزجاجة وإصلاح الاختلالات وإرجاع الأمور إلى نصابها، وهو الرهان الذي حملة جميع الولاة السابقين الذين بدورهم تحدثوا عن إصلاح حال قطاع التربية، إلا أن الثابت أن جميع الولاة السابقين رحلوا وبقي حال التربية على حاله، ليبقى السؤال مطروحا: هل ينجح والي الولاية الحالي قنفاف حمانة في تحديد مكان الورم التربوي؟ وبالتالي تحديد وصفة العلاج، خاصة وأن الوالي الحالي فتح النار على مدير التربية في وقت سابق بشكل مباشر ووصف القطاع بالكارثي والمزري وحتى بـ"النكبة" وفي نهاية هذه الورقة يبقى السؤال الآخر: هل تنجح هذه الدورة فيما فشلت فيه بقية دورات المجالس الولائية السابقة والتي بقيت كل توصياتها حبرا على ورق؟