البلاد - خ.رياض - بدأت السلطات الجزائرية التحرك الرسمي لاسترجاع أموال وممتلكات رجال أعمال ووزراء سابقين موقوفين في سجون مختلفة في التراب الوطني، على ذمة قضايا فساد، متجاوزة بذلك المرحلة الإدارية أو ما كان يعرف بحصر عائدات المتورطين وتحديد مكان وجودها، الذي غالبا ما يأخذ وقتا قد يزيد عن ثلاث سنوات، حيث تكشف مصادرنا، عن أن الجزائر دخلت بشكل رسمي معركة قضائية دولية عن طريق إرسال إنابات قضائية دولية تحت مسمى “الانابات القضائية من الجزائر للعالم”، محاكاة لتجارب دول خاضت مثل هذه الحروب ضد الفساد العابر للحدود وحقق نتائج إيجابية.
وحسب مصدر عليم، فإن فريق من قضاة المحكمة العليا يعكف على إرسال مزيد من الانابات القضائية الدولية إلى بلدان أجنبية قد تشمل عدة بلدان عربية وخليجية، بعد إرسال إنابات قضائية في شهر ديسمبر الماضي إلى كل من تونس والمغرب واسبانيا، فرنسا ومالطا. ويضيف المصدر أن مشاريع الإنابات الدولية التي تعول الجزائر عليها كثيرا لإرباك المهربين واستعادة ثرواتهم المشبوهة، ستدعم بخاصية الربط الذكي في المراسلات القضائية لدول تجمعها بالجزائر اتفاقيات ثنائية في المجالين القضائي والأمني، باعتبار أن الجزائر وفرت عدة مقترحات سابقا للأمم المتحدة في محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة دفع الفدية للإرهابيين وهو ما يساعدها في مسعاها لاسترداد الأموال المنهوبة.
وحسب معلومات حصلت عليها “البلاد”، فإن العدالة الجزائرية ستطرق أبواب هذه الدول التي يشتبه لجوء رجال أعمال أو ما يعرف بـ “الكارتل المالي” المساند للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في تهريب أمواله إلى الخارج وضخها في بنوك لا توفر معلومات عن أصحابها، وسيراهن القضاء الجزائري على مراسلة “انتربول الأموال” وهو فرع تابع لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية، موازاة مع تكييف هذه الانابات القضائية الدولية التي سترسل إلى ما يربو عن 11 دولة، حسب المصدر نفسه، على أساس أنها جرائم تبييض أموال وعائدات لأنشطة مالية مشبوهة متاحة لشبكات إجرامية تحاربها الهياكل الأممية المختصة المرتبطة بمنع تبييض الأموال وتمويل الأنشطة الإجرامية، إذ تهدف هذه الإجراءات الرسمية عالية المستوى، إلى إشراك الشرطة الجنائية الدولية والهياكل الأممية لإدراج طلبات الجزائر ضمن “القضايا الاستعجالية” لمحاصرة رؤوس أموال مهربة في عديد من الدول لجأ إليها جزائريون بطرق ملتوية لضخ أموال معتبرة بالعملة الصعبة مقابل ضمان التكتم عن هذه الأرصدة المشبوهة.
وتعزف الجزائر على هذا الوتر الحساس، من منطلق موقعها الوازن في المنظومة الدولية لمحاربة تبييض الأموال، لأنها نجحت في وقت سابق في تجميد عدة أرصدة بنكية في إسبانيا على سبيل المثال لرجال أعمال هاربين مطلوبين من السلطات القضائية الجزائرية، كانت خلية معالجة الاستعلام المالي وضعت عدة أشخاص ضمن لائحة أسماء لجنة العقوبات المالية الخاصة بالمتورطين في جريمة التهرب الضريبي”.
وبرأي مراقبين مختصين في القضاء الدولي، فإنه بالرغم من الإجراءات المعقدة في ما يتعلق باسترجاع الأموال المهربة، خصوصا في بعض الدول التي توصف بـ “الجنات الضريبية”، بسبب عدم وجود اتفاقات ثنائية مع الجزائر في مجال تسليم المطلوبين واسترجاع هذه الودائع المشبوهة، إلا أن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجزائر في مجال محاربة الفساد قد تسهل عملية استرجاع كل مال منهوب ومهرب، بدليل أن العودة القوية للشرعية الدستورية في الجزائر، مكنتها في ظرف وجيز من التوصل إلى حصر عائدات “أحد الأذرع الفاسدة” للعصابة الحاكمة في الفترة السابقة وتحديد مكان ممتلكاته في دبي، جزر بيليار بإسبانيا وفرنسا.