سجلت المُبادلات التجارية بين الجزائر وموريتانيا دينامية غير مسبوقة سنة 2024 ، إذ ناهزت قيمتها 414 مليون دولار أمريكي، محققة بذلك نسبة نمو بلغت 82 في المائة بالمقارنة مع سنة 2022 ، و يأتي هذا الإنتعاش البارز في حجم وقيمة المعاملات التجارية الآخذة في التطور ، ليعزّز موقع ومكانة الجزائر كأول مُورد للسوق الموريتانية على المستوى الإفريقي.
وبلغت قيمة الصادرات خارج المحروقات نحو موريتانيا، أكثر من 62 مليون دولار في 2023 ، بزيادة قدرها 51 % مقارنة بسنة 2022، فيما بلغت الواردات نحو 349 مليون دولار، بإرتفاع فاق 91 % عن نفس الفترة من السنة التي قبلها.
وجاءت أرقام الطيب زيتوني وزير التجارة و ترقية الصادرات خلال إفتتاح رجال الأعمال الجزائري الموريتاني في ولاية تندوف ، لتؤكد الدينامية القوية بين البلدين و تصاعد آفاق التعاون الإقتصادي في شقيه التجاري و الإستثماري .
وعزا الكثير من رجال الأعمال الموريتانيين في هذا المعرض الدولي " الموقار" في نسخته ال 12 ، هذا النمو اللافت في المبادلات التجارية و إرتفاع حركية البضائع بين البلدين ، إلى عدة عوامل، منها الجوار الجغرافي بين الجزائر وموريتانيا ، وكذا سلاسة التعاملات بين الموردين الجزائريين ونظرائهم الموريتانيين، وجودة السلاسل اللوجستية، بالإضافة إلى السمعة الطيبة والجودة العالية التي تتميز بها المُنتجات الجزائرية في السوق الموريتانية.
ويعكف الجانبان الجزائري و الموريتاني في هذا الإطار ، على تحديد قائمة المُنتجات ، التي ستكون معفية من التعريفات الجمركية من أجل تسهيل المبادلات التجارية بين البلدين.
و وبرأي المُختصين الجزائريين في الإقتصاد ، فإن المعبر الحدودي الجزائري الموريتاني الشهيد مصطفى بن بولعيد في شقه الجزائري ، الذي دخل حيز الإستغلال الفعلي في الأيام الأخيرة ، سيؤدي دورا كبيرا بين الجزائر وموريتانيا في انسيابية التبادل التجاري بين البلدين، على إعتبار أن النقل الطرقي يظل الوسيلة الأهم في تنشيط هذه المبادلات، وتكثيف الصادرات الجزائرية إلى الأسواق الموريتانية من خلال معبرين بريين إضافة إلى إنطلاق مشروع إنجاز طريق تربط مدينة تندوف الجزائرية بمدينة الزويرات الموريتانية، على مسافة 840 كيلومتراً ، وهو المشروع الذي ستنفذه 10 شركات جزائرية، فضلا عن منطقة حرة للتبادل التجاري ، ستكون بمثابة " بوابة تجارية" للجزائر نحو دول غرب أفريقيا .
التوجه الجزائري نحو السوق الموريتانية خلال الأعوام الأخيرة، رافقته رغبة واضحة في الانفتاح على أسواق دول غرب أفريقيا، وذلك ضمن مشروع طريق " تندوف - الزويرات " ، الذي سيكون رابطاً بين عدد من الدول الإفريقية ، لكونه في هذذه الظرفية تحديداً ، يعتبر المسلك الأكثر إستقرارا لبلوغ أسواق غرب إفريقيا، لتربطها بالجزائر وتونس، وبالتالي تكون موريتانيا بوابة لعودة الجزائر إلى عمقها الإفريقي أو وولوج ما بات يُعرف ب أسواق غرب إفريقيا ، خاصة أن ميناء نواكشوط يعدّ اليوم منفذاً رئيساً للبضائع نحو دول إفريقية ، وفي ظل وجود عدة موانئ حديثة في موريتانيا كميناءي انجاكو وتانيت ، يمكن للسلع الجزائرية أن تصل إلى دول الجوار كمالي ، السنيغال و كوت ديفوار ، نيجيريا و غينيا تحديداً.
وفي نظر كثيرين ، فإن الجزائر تعتبر للمُستثمر الأول في موريتانيا على المستوى الإفريقي ، وهو حاضر عبر قطاعات مهمة مثل مواد الصيدلة ، البناء و الأشغال ، المُنتجات الزراعية ومختلف المواد البيترو كيميائية.
كما افتتحت الجزائر ، فرعا لبنك في العاصمة الموريتانية نواكشوط بوصفه أول بنك تفتحه الجزائر في الخارج.
وتهدف من خلال هذه الخطوة إلى تسهيل الحركة التجارية بين المؤسسات النشطة بين البلدين حتى تتجاوز عقبة التحويلات المالية.
و معلوم أن تظاهرة " الموقار" في تندوف ، في نسختها (12) لمعرض "الموڤار" الدولي بولاية تندوف، التي تمتد من 5 إلى 9 مارس 2024 ، تعتبر موعدا هاما بمنطقة الجنوب الغربي للجزائر باعتبارها تظاهرة إقتصادية ضمن سلسلة من الإجراءات التي أقرتها الحكومة في إطار إستراتيجية القطاع لرفع حجم الصادرات خارج المحروقات.
وتتنوع النشاطات الإقتصادية والقطاعية للمؤسسات العارضة في هذه الطبعة بين القطاع الصناعي، الصناعات الغذائية والتغذية، الفلاحة، قطاع الخدمات، النقل واللوجستيك، البناء والأشغال العمومية، كما يشهد المعرض مشاركة أزيد من 100 مؤسسة عارضة، بتأطير وإشراف وزارة التجارة وترقية الصادرات ، من خلال الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير " صافاكس" ، الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة ، الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية " آلجيكس " بالإضافة إلى حضور الهيئات والمؤسسات الفاعلة في المجال.
