الدروس الخصوصية تستنزف العائلات الجزائرية!

أصبحت مهنة لمن لا مهنة له

الدروس الخصوصية
الدروس الخصوصية

الأولياء: نحن مضطرون فالمدارس الخاصة باهظة الثمن 

 

يعاني الأولياء طيلة السنة من هاجس تراجع المستوى الدراسي لأبنائهم وبالتالي إعادة السنة خاصة مع اقتراب نهاية السنة الدراسية، حيث يلجأ الكثير من الأولياء إلى دروس التدعيم أو ما يصطلح عليه  بـ«الدروس الخصوصية”، ويعد التهافت الكبير خاصة لدى الأولياء الأميين الذين لا يستطيعون متابعة دروس أبنائهم مما يجعلهم يلجأون إلى مدرّسين لا يحملون شهادة المعلم بل أغلبهم اعتبروا هذه المهنة تحسينا لدخلهم المادي. “البلاد” وقفت على تفاصيل الوضع ورصدت انطباعات بعض المدرسين في بيوتهم وانشغالات أولياء التلاميذ.

سامية... ممرضة تقدم دروسا في غرفة النوم! 

تقول “سامية” التي تقطن بضواحي بوزريعة وهي ممرضة بأحد المستشفيات العمومية “دخلي لم يعد يكفي لذلك أقدم دروسا خصوصية للأطفال في المرحلة الابتدائية، وأتقاضى مبلغا شهريا لا يتعدى 1000 دج عن كل تلميذ”. تدرس سامية حوالي 15 تلميذا لا تستقبلهم في وقت واحد، ورغم ذلك تضيف محدثتنا “ بيتي ضيق لذلك أحيانا أضطر لاستعمال المطبخ أو غرفة نومي الخاصة لتدريسهم !”.

غير بعيد عن بيت سامية، التقينا السيدة فطيمة التي كانت ملامح القلق بادية على وجهها، حيث حدثتنا قائلة “لدي 4 أبناء، كلهم يحتاجون إلى دروس دعم في مواد كثيرة، لا يمكنني تدريسهم لأنني عاملة وليس لدي الوقت الكافي، كما لا يمكنني تغطية نفقات المدارس الخاصة، لذلك كلفت جارتي وهي ماكثة بالبيت بعدما تقاعدت من عملها في منصب إداري بتدريسهم، لكنني لم ألاحظ أي تحسن في مستوى أبنائي، كما اكتشفت أنها كانت تستعمل العنف معهم، وهو الأمر الذي لا أقبله بتاتا”، هذا الوضع  تعاني منه أغلب الأمهات فبسبب الخوف على أبنائهم والتكلفة الباهظة التي تفرضها المدارس الخاصة، حيث تدرس المادة الواحدة بـحوالي 1500 دج للشهر وخلال ساعتين في الأسبوع فقط، وهو ما يضطر الكثير من الأمهات خاصة العاملات إلى الشروع في رحلة البحث عن مدرسات لأبنائهم، خاصة مع اقتراب الامتحانات.

مدرّسات البيوت تعتمدن على دروس الأنترنت فقط!

تقول عائشة وهي أم لـثلاث بنات تقوم بمتابعة دروسهم بنفسها “أغلب من يمتهنون التدريس في البيوت، نساء ماكثات بالبيت، لذلك هن لا تعتمدن على المقررات السنوية بل على دروس وتمارين مستوحاة من منتديات التعليم الموجودة على شبكة الأنترنت، لهذا لا أثق في أحد غيري ليدرس بناتي، فرغم أنني عاملة إلا أنني أخصص وقتا كل مساء لهن”.

هدى: ابنتي تحصلت على علامات جيدة بفضل الدروس الخصوصية

تخبرنا هدى ذات الـ45 سنة أنها كانت تدرس ابنتها لدى معلمة في بيتها، لكنها لاحظت أن مستوى ابنتها تدنى في مادتي اللغة العربية والفرنسية، فنقلتها إلى مدرسة خاصة لتعليم الدروس الخصوصية، حيث تحسن مستواها الدراسي، تضيف محدثتنا “ما يهمني هو أن تتحصل ابنتي على مستوى دراسي جيد، أنا استطعت توفير ذلك لأولادي لكن الكثير من الأولياء لا يمكنهم ذلك”.

جميلة: أتمنى أن يقدموا دروس تدعيم لأبنائنا لأننا أميين ...

إن كان الكثير من الأولياء المتعلمين يمكنهم متابعة دروس أبنائهم ولا يحتاجون إلى الدروس الخصوصية إلا في بعض المواد، فإن الكثير من الأمهات والآباء الأميين لا يجدون حلا غير الاستنجاد بدروس الدعم التي  تقدمها الجارات حتى وإن استعملن العنف تقول جميلة “ليس لدي حل  لتدريس أبنائي غير جارتي، وأحيانا أستنجد ببعض الأقارب عندما يزورونني، أتمنى أن يقدم أساتذة المدرسة دروسا إضافية لأبنائنا لأننا لا نستطيع متابعتهم”. 

أساتذة يدرّسون تلاميذهم خارج أسوار المدرسة! 

أرجع الأستاذ “فضيل رمالي” الذي يعمل بسلك التعليم منذ أكثر من 15 سنة، انتشار الدروس الخصوصية إلى نقص تكوين المعلمين وذلك نتيجة غلق المعاهد التي كان الأساتذة يأخذون بها أحســن تكوين في مجال التدريـــس والتعامل مع التلاميذ.

وقال الأستاذ رمالي متحدثـــا لـ”البلاد” “ما يؤسفني ويحز في نفسي أن أرى بعض الأولياء يبحثون عن مدرسين لأبنائهم في السنة الأولى والثانية ابتدائي!، وهذا ما يبين أن هناك خللا في المنظومة التعليمية”، كما استنكر ذات المتحدث تفشــي ظاهرة خطيرة وهي تهـرب بعــض الأساتذة من ساعات عملهــم الرسمية لتعليم دروس إضافيــة مقابل مبالغ مالية بحجة تحسين الدخل المادي، والغريب في الأمر أن بعض الأساتذة يعطون دروسا خصوصية كل مساء لنفس التلاميذ الذين يدرسون لديهم في الأقسام النظامية!

أحمد خالد: أماكن التدريس غير صحية وعلى الأولياء تحمل المسؤولية

قال الأستاذ “احمد خالد” رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ لـ"البلاد”، إن الخطأ الذي يرتكبه بعض الأولياء هو عدم مراقبتهم للأماكن التي يتلقى فيها أبناؤهم الدروس الخصوصية، حيث تجرى في بعض الحالات في مستودعات غير خاضعة للرقابة ولأدنى الظروف الصحية وهو ما يعرض حياة التلاميذ للخطر، وأضاف ذات المتحدث قائلا “نسعى في مناسبات كثيرة إلى توعية الأولياء بخطورة دفع أطفالهم إلى أشخاص دون كفاءة مهنية ولا أخلاق، كما نحذرهم مما قد تسببه ساعات الدراسة الكثيرة على صحة أبنائنا”. وأعرب الأستاذ “احمد خالد” رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ لـ “البلاد”عن قلقه من استغلال بعض الأطراف للظروف المادية لبعض الأولياء وامتهان صفة المعلم دون أن يكون لهم أي مستوى دراسي أو خبرة في الميدان، حيث أرجع ذات المتحدث سبب الظاهرة إلى تهافت الأولياء على مداومة الدروس الخصوصية لأولادهم بغية تعويض النقص في مستوى التلاميذ، الذي يرجع أساسا إلى اكتظاظ في الأقسام، حيث يصل العدد في بعض الأحيان إلى 45 تلميذا. 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. هكذا يتم تحويل الأموال من حساب لآخر عبر بريدي موب

  2. أمطـــار رعديــة وريــاح على هذه الولايـات

  3. الرئيس تبون: طرد المغاربة من الجزائر كلام فارغ .. ومرحبا بهم في بلادنا

  4. عمورة يتألق ويفوز مع فولفسبورغ في"البوندسليغا"

  5. بداري يعاين أول كاشف جزائري لحرائق الغابات عن بُعد

  6. "أديداس" تكشف قميص “الخضر” الجديد

  7. حجز كمية معتبرة من المؤثرات العقلية بقسنطينة

  8. الرئيس تبون: الحوار الوطني سيكون نهاية 2025 وبداية 2026

  9. إصابة 38 جنديا إسرائيليا في 24 ساعة

  10. وزير المالية: 794 مليار دينار ودائع الصيرفة الإسلامية في الجزائر