البلاد - زهية رافع - تحركت الحكومة المرفوضة شعبيا في اتجاه البحث عن طوق نجاة من الغضب الشعبي الذي حاصرها وذلك بإطلاق قرارات تهدئة جاءت في الوقت بدل الضائع، سواء من خلال السماح باستيراد السيارات المستعملة، او بتحريك ملف السكن وتحديدا صيغة الترقوي المدعم كجرعة ثانية للتقرب من الحراك.
وباشرت حكومة نور الدين بدوي خطة بديلة عن المواجهة المباشرة التي جعلتها في عزلة تامة، بعد ان حاصرها الحراك الشعبي، وسط استمرار الرفض الشعبي لهذه الحكومة، حيث تناور حكومة الوزير الأول لامتصاص غضب الشارع عبر قرارات ”عشوائية” وظرفية، بنظر المختصين، حيث إن الجهاز التنفيذي الذي يواجه رفضا شعبيا حادا ومن المعارضة السياسية التي تضع حلّ هذه الحكومة ضمن أبرز شروطها، تحرك في اتجاه عكسي، خاصة بعد الصدمة الأخيرة التي مني بها عبر مقاطعة نواب المجلس الشعبي لجلسة الأسئلة، وذلك بتفادي المواجهة مع الغاضبين، لكن في مقابل ذلك عمد إلى إطلاق قرارات تهدئة ويتجلى هذا التوجه من خلال اللعب على ورقة سوق السيارات، ومحاولة كسر الجمود الذي يعيشه القطاع وسط ارتفاع مستمر في أسعار السيارات، وذلك بالإعلان عن العودة لاستيراد السيارات المستعملة، من خلال تكليف كل من وزيري المالية والتجارة بوضع تصور حول الآليات القانونية الكفيلة بالسماح بذلك.
ويبدو أن قرار الحكومة الذي تبناه وزير التجارة سعيد جلاب بترخيص من الوزير الأول شبيها بالمغامرة، حيث إنه بدل إقدام وزارة الصناعة على فتح تحقيقات بشأن مصانع التركيب ”أو نفخ العجلات” التي كانت الواجهة لنهب ملايير الدولارات والتي طالب الحراك بمحاسبة أصحابها ووضع حد لهذا النهب المقنن”، جاء قرار وزارة التجارة بفتح الباب على استيراد السيارات في وقت متأخر، حسب مختصين، لا سيما أن هذا القرار يبدو أنه ظرفي وارتجالي يندرج في إطار سياسة السلم الاجتماعي أكثر منه قرار اقتصادي، على الرغم من أن هذا المطلب كان مطروحا منذ سنوات وذلك لكبح تحكم مصانع السيارات في السوق بفرض منطقها لغياب أي خيارات بديلة.
وعلى الرغم من أن قرار العودة لاستيراد السيارات، سيساهم في التحكم في الأسعار والتقليل من فاتورة استيراد لواحق ومجموعات تركيب السيارات التي وصلت إلى أكثر من 3 ملايير دولار، إلا أنه فتح على حكومة بدوي جبهة جديدة وذلك بالنظر للانتقادات التي طالت هذا الخيار من قبل المواطنين الذين تهكموا على هذا القرار الذي يبقى ـ حسبهم ـ لصالح فئة معينة يمكنها الحصول على التأشيرات وليس لصالح ”الزوالي”.
حقن الحكومة الجديدة لم تتوقف عند قطاع السيارات، بل حاولت اللعب على ورقة السكن وذلك برفع التجميد عن برنامج السكن الترقوي المدعم LP بالعاصمة والذي كان مجمدا منذ 2017، حيث وجهت ولاية الجزائر، تعليمات لرؤساء المجالس الشعبية البلدية، تقضي بالشروع في التحضير لاستقبال ملفات الراغبين في التسجيل واستقبال ملفات المواطنين بعد أقل من ثلاثة أشهر.
ورغم أن القرار ولائي وجاء بأمر من والي العاصمة الجديد الذي يحاول استدراك فضائح الوالي السابق عبد القادر زوخ، إلا أنه لا يمكن قراءة هذا القرار بمعزل عن الجو السياسي العام، حيث إن ملف السكن ظل على مدار الحكومات المتعاقبة وقود عديد الاحتجاجات والوقفات لمكتتبين في مختلف صيغ السكنات، خاصة صيغة عدل الملف الأهم بالنسبة لغالبية الجزائريين. كما جاء هذا القرار بعد تحريك ملف عدل، حيث سارعت الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره بداية الشهر المنقضي في إطلاق عملية واسعة لتسليم أوامر دفع الشطر الرابع والأخير للمكتتبين في برنامج عدل 1 وكذا فتح الباب أمام مكتتبي عدل 2 لاختيار مواقع سكناتهم.