بدوي : المخول بالحديث عن المهاجرين هو وزير الخارجية
باشرت لجان أمنية مشتركة حملة تمشيط واسعة للفضاءات التي يقيم فيها المهاجرون الأفارقة عبر ولايات الوطن. وأفادت مصادر مطّلعة لـ«البلاد” أن المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني كلّفت فرقا متخصصة بتفتيش المناطق التي يقيم بها المهاجرون السريون لإجراء عمليات إحصاء شاملة والتحقق من هوية كل المقيمين الأجانب من جنسيات إفريقية.
وجاء تحرك المصالح الأمنية عقب اجتماع موسّع ضم مدراء مركزيين وإطارات من وزارتي الداخلية والجماعات المحلية والدفاع الوطني مطلع الأسبوع الجاري لبحث تدابير جديدة للتعامل مع ملف المهاجرين الأفارقة تحسبا لاستئناف عمليات الطرد والترحيل إلى بلدانهم الأصلية.
وبدأت مصالح الأمن المشتركة عبر الولايات منذ يومين في مراقبة التجمّعات العشوائية ومواقع إقامة وعمل المهاجرين السريين، حيث ينتشر المقيمون الأفارقة للتحقق من هوية آلاف المهاجرين من دول إفريقية، بعضهم يقيم ويعمل بصفة غير شرعية في مدن الجنوب والشمال بما فيها الجزائر العاصمة.
وكشف مصدر على صلة بالملف أن الدرك الوطني والشرطة خصصا وحدات دائمة للعمل على مراقبة الوافدين إلى عواصم الولايات والمدن الكبرى والتنقل عبر الأحياء في إطار برنامج عمل لمكافحة التهريب والجريمة والهجرة السرية. وتتضمن الحملة الأمنية القيام بعمليات تفتيش دورية لأحياء ينتشر بها المهاجرون والمقيمون الأفارقة، بالإضافة إلى الأسواق الشعبية ومراكز العبور.
وسخرت مديريات الأمن الولائية والمجموعات الإقليمية للدرك الوطني، حسب المصدر نفسه، عشرات الأعوان تتم الاستعانة بهم في كل حملة مرفوقين بأجهزة كمبيوتر لتدوين هوية وصفات الخاضعين للمراقبة، ثم التحقق من هوية كل شخص بعد تدوين المعلومات حوله إن كان قد خضع للمراقبة أم لا. وتهدف الحملة، التي ستتواصل لعدة أشهر، للحد قدر الإمكان من عدد المهاجرين السريين المقيمين بطريقة غير شرعية ومنع عودة المهاجرين السريين المطرودين، حيث يمكن كشف هويتهم بسرعة.
وفي سؤال لـ«البلاد” عن المسالك المستعملة عادة من طرف المهاجرين غير القانونيين، أجاب مصدر مسؤول من المديرية العامة للأمن الوطني، أن الشبكات تسلك طرقا ملتوية لتضليل الأمن والرقابة، بحيث يستخدم الرعايا الأفارقة عنصر الشبه في الملامح، للمرور إلى الأراضي الجزائرية، ويستغلون التشابه المورفولوجي الكبير بينهم ما يسمى بالمصطلح البوليسي بـ«البروفايلينغ”، وهذا باستخدام جواز سفر ملك للغير تكون درجة التشابه بين صاحب صورة الجواز والمهاجر كبيرة جدا.
وقال المصدر إن رحلة الرعايا الأفارقة تنطلق من أقصى الجنوب، حيث تعتبر مدينة تمنراست أول نقطة إسقاط، خاصة الوافدين من الحدود المالية خاصة بالمكان المسمى “تين زواتين”، ويستقرون بها لتجميع الأموال التي تكفي لمواصلة الرحلة، وقد يلجأ آخرون إلى التخفي في كهوف المنطقة من يقظة مصالح الأمن، ثم يواصلون الهجرة، نحو غرداية التي تعتبر المركز الثاني، عابرين مدينة عين صالح والمنيعة وخاصة منطقة المنيعة وذلك على متن سيارات رباعية الدفع، قد يصل عددها من 2 إلى4 سيارات تكون مجهزة بهاتف رقمي، خاصة عندما يتعلق الأمر بتورطهم في أعمال مشبوهة كتهريب المخدرات والآثار وما إلى ذلك من الجرائم “الثقيلة”.
ويكمل هؤلاء رحلتهم من غرداية، متوجهين إلى المدن الكبرى، قصد الاختفاء بين الحشود، في حين أنه في السنوات الماضية كان المهاجرون الأفارقة يتوجهون نحو غرب البلاد لمواصلة الرحلة نحو إسبانيا وفرنسا، أو إلى شرق الوطن عبر ليبيا إلى إيطاليا.
أما الطريق الثاني الذي يسلكه المهاجرون، حسب ما أفاد به المتحدث، فينطلق من أقصى الجنوب الغربي بدءا من منطقة برج باجي مختار إلى أدرار ثم غرداية، مرورا بالمنيعة ثم إلى وهران ومغنية ووجدة المغربية في حال إذا نجحت الرحلة. أما الطريق الثالث الذي يستغله المهاجرون فهو وادي “تفساست” بتمنراست إلى أقصى الجنوب الشرقي بجانت ثم إيليزي وورڤلة وغرداية، ثم المدن الشرقية أو تكون الوجهة إلى التراب الليبي للوصول إلى أوروبا عبر البحر نحو إيطاليا وجزيرتي لمبيدوزا و«مالطا”.
من جهته رد أمس، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، على تصريحات أمين عام الأرندي أحمد أويحيى، التي تحدث فيها عن المهاجرين واللاجئين من دول الساحل الإفريقي، مؤكدا أن “المخول الوحيد بالحديث عن هذا الملف هو وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل”.
وأوضح الوزير نور الدين بدوي، أن المجلس الوزاري المشترك المنعقد مؤخرا، كلف المعنيين بدراسة كل المناحي المتعلقة بالمهاجرين، مؤكدا أن “الإجراءات التي صادق عليها المجلس الوزاري المشترك ستلمسونها وتلاحظونها ميدانيا”، وأضاف معلقا “بهذا الخصوص أن المكلف الوحيد بالحديث عن هذا الملف هو وزير الخارجية”، وبرر ذلك قائلا “لأنه مطلع جيدا على هذا الملف”.
وتأتي تصريحات بدوي، بعد اللغط الذي أحدثته تصريحات المسؤولين، والتضارب الذي بدا بين كل من الوزير الأول عبد المجيد تبون الذي أكد أن الحكومة ستعمل على تقنين تواجد المهاجرين على أراضيها، وأنها لن تتخلى عن الجانب الإنساني في التعامل مع هذه الفئة”، في حين خالفه في التصريحات أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، ووزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل بالحديث عن أن المهاجرين يشكلون خطرا على أمن البلد، الأمر الذي دفع الوزير الأول في أول زيارة قادته إلى ولاية الجزائر العاصمة، لتصحيح المسار ويؤكد أن “موقف الجزائر واضح بخصوص هذا الملف”.