إجراءات مشددة لفرملة مهربي الأموال إلى أوروبا والشرق الأوسط
البلاد - خ.رياض - قالت مصادر مطلعة لـ«البلاد”، إن فصائل التحري والبحث للدرك عبر التراب الوطني، شرعت في جمع معلومات وتقصي حقائق حول تحويل الأموال إلى الخارج لرجال مال وأعمال ورؤساء شركات عمومية وخاصة ومقربين من النظام السابق، حيث تم توجيه فرق خاصة للتحري الدقيق في عمليات واسعة تخص هذه الحركات التحويلية للأموال من وإلى الخارج، وذلك عبر المؤسسات المصرفية الجزائرية على رأسها بنك الجزائر، بالإضافة إلى تعميم العملية لتشمل المديرية العامة للجمارك والمديرية العامة للضرائب، للوقوف عن قرب على تعاملات مشبوهة وردت مؤخرا، في تقارير استعلاماتية تؤكد قيام رجال أعمال متهمين بتهريب رؤوس أموالهم إلى الخارج في أوروبا، والشرق الأوسط على وجه التحديد.
وبحسب المصدر نفسه، فإن فرقة الدرك المختصة في التحري والبحث حملت مذكرات خاصة شبيهة بأوامر مهمة، للتحقيق في مراقبة تحويل الأموال ومراقبة العقود والوثائق التي كانت مصدر طلبات تحويل الأموال وحتى أسعار التحويل، إذ جاءت العملية الأمنية بعدما لمست الضبطية القضائية للدرك الوطني تجاوبا محتشما للجهات الرسمية مع مراسلتها الموجهة منذ 3 أشهر بخصوص التعاون الثنائي حول هذه العملية المهمة، التي مكنت العشرات من رجال أعمال من تهريب أموال طائلة صوب الخارج بأساليب غير مشروعة.
وتفيد المعطيات المتوفرة لدينا، بأن العملية تمس المديريات الجهوية للضرائب، المفتشيات الجهوية لمصالح الجباية، مديري البنوك العمومية وبنك الجزائر، المفتشيات الجهوية للجمارك ومؤسسات الموانئ والمطارات. وتكشف المصادر عن أن الأبحاث الحالية في عملية الحال، تهدف أساسا إلى التحقق من العدد الحقيقي لطلبات شهادات تحويل الأموال إلى الخارج، وتمس شركات التصدير والاستيراد التي تحوّل ثروات هائلة نحو شركات أجنبية مقارها في الخارج بطريقة أو بأخرى، ومختلف الشركات الخدماتية التي تعنيها هذه الشهادات على وجه التحديد.
هذه العملية الجديدة في وضع حد لظاهرة تهريب الأموال من وإلى الخارج التي تعنيها الضبطية القضائية للدرك الوطني، تشترك فيها أيضا المديرية العامة للضرائب، التي كانت وجهت مذكرة في غاية الأهمية لكافة المديرين الولائيين عبر 48 ولاية، تحثهم بالرقابة على عمليات تحويل أموال الشركات الخدماتية صوب بلدان العالم، وذلك قبل حصول أصحابها على وثيقة شهادة تحويل الأموال إلى الخارج، باعتبارها ضمانة مهمة تشترطها المؤسسات المصرفية التي تقوم بعمليات توطين عمليات استيراد بضائع هذه الشركات، في سياق إتمام ملف تحويل الأموال نحو البلدان التي توجد عليها مقار الشركات الموردة للسلع.
وبحسب المصدر ذاته، فإن المذكرة التي تتقاسمها الضبطية القضائية للدرك ومديرية الضرائب من حيث تكثيف الرقابة على تحويل الأموال نحو الخارج، ترمي أيضا إلى الوقوف على حقائق الشركات التي تلجأ إلى تحويل العملات نظير الخدمات غير المادية التي تؤديها المؤسسات التي تربطها علاقات مع شركات أجنبية مستفيدة من عمليات التحويل المالي، وينظر بعض المراقبين لهذه العمليات بغير العادية أو إجراءات روتينية، بل جاءت في أعقاب ورود تقارير رسمية أظهرت ”خروقا” في تجاوز مبالغ التحويلات المالية نحو الخارج المعتاد تحويلها أو الرقم المدون للتحويلات، حيث وقعت شبهات فساد في هذا المجال لاستفادة رجال أعمال من تسهيلات مريبة في تحويل الأموال إلى الخارج وضخها في مصارف خاصة في بلدان أوروبا والشرق الأوسط، لاسيما دبي التي تضمن سرية الأرصدة البنكية لعدم وجود مذكرات تعاون بين الجزائر وهذه البلدان.
وتكشف المعطيات عن أن عدة شكوك حامت بشأن ثغرات قانونية وجدها أصحاب شركات خدماتية تتعامل مع موانئ الجزائر، وهران، بجاية وعنابة في تهريب مبالغ مالية معتبرة من اليورو والدولار، وذلك في استغلال الوضع المتأزم للجزائر، في وقت كان مشهد التهريب يختزل في شركات استيراد سلع وهمية أو غيرها من الخارج إلى الجزائر، وكبار المقاولين الذين يضطرون إلى اقتناء عتاد من الخارج لتوظيفه في مشاريعهم الكبرى التي حصلوا عليها في الجزائر.
هذه التدابير الصارمة الردعية في مجال تهريب الأموال إلى الخارج، التي عمقت جراح الاقتصاد الوطني، تتقاطع هذه الإجراءات المشددة وتصريحات المسؤولين الحاليين للدولة، في السعي الحثيث لاحتواء ظاهرة تهريب العملة عبر القنوات غير الشرعية، واسترجاع الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج.
وكانت أرقام المديرية العامة للجمارك وحدها، كشفت عن إحباط محاولة تهريب ما يزيد على 4.5 مليون يورو خلال الأشهر الأخيرة من عام 2018، كما تمكنت الفرق الأمنية المكلفة بمراقبة الحدود من إحباط محاولات تهريب 76 مليون دولار منذ مطلع العام الجاري، خلال ما لا يقل عن 317 عملية.
