
خطف ، وُلاّة الجمهورية ، في الفترة الأخيرة ، الأضواء في الزيارات الميدانية للإطلاع على الشأن التنموي و الكشف عن تقاعس الشركات المحلية المُنجزة لمشاريع التنمية و الوقوف على إختلالات المسؤولين المحليين ، تنفيذا للصلاحيّات الواسعة التي منحها إياهم الرئيس عبد المجيد تبون لمواكبة النموذج التنموي الجديد ، والقضاء على الفساد من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة و الإحتكاك مع المواطنين لإعادة روابط الثقة و خلق مناخ إقتصادي جديد يسمح بخلق الثروة و توفير اليد العاملة.
“الصرامة والجدية” ...
وشدَّت خرجات وُلاّة مستغانم ، تيارت ، وهران ، ميلة ، تيبازة ، عنابة ، النعامة ، البويرة ، أدرار ، باتنة وسيدي بلعباس على وجه التحديد ، اهتمام الجزائريين على منصات التواصل الإجتماعي ، لخروج الوُلاّة عن الزيارات الإِعتِياديّة ، التي كانت تتم في العهد الماضي بالتسيير من الصالونات المُكيفة" ، من خلال القيام بتكثّيف النزول الميداني المُباغت خدمة للمواطن و إنجاز مشاريع الدولة بحسب ما تقتضيه المقاييس التقنية المعتمدة.
وكسب " فيديو والي النعامة لوناس بوزقزة ، آلاف المتابعين ، عبر " السّوشل ميديا " ، الذي عاين مشروعا سكنيا إجتماعيا في عاصمة الولاية ، ليقرّر هذا الأخير ، تَشدِيد الحِصار على المشروع المغشوش ، بإصدار أمر فوري بإجراء تحقيقات تقنية في انجاز أعمدة أساسات لمشروع 80 سكن عمومي ايجاري ببلدية النعامة .
وخلصت الخبرة التقنية في ظرف 24 ساعة ، إلى هدم 82 من أعمدة الأساسات غير مطابقة للمعايير التقنية لهذا المشروع السكني مع إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المقاول .
“القضاء على الفساد” ....
ولم يكتف الوالي بهذا الحد ، بل قرّر مُتابعة الشركة المُنجزة قضائيا ، لتحديد المسؤوليات في هذا الغش ، في سياق " حملة تطهيريّة حاسمة " ، تجاه الشركات التي لا تحترم القانون في كل ولايات الوطن .
و من ضمن المواقف الميدانية الصارمة ، التي لقيت إشادة واسعة ، ما قام به أحمد بودوح والي مستغانم ، بتجريد سيدة من مسكن " سوسيال" كانت قامت بإيجاره بطريقة "الإيجار الباطني" إلى إمرأة أخرى بمبلغ مالي معتبر ، و منحه لهذه الأخيرة مع إعلانه عن تشكيل لجنة ولائية تقوم بتفتيش الأحياء السكنية الجديدة ، الغاية منها تجريد كل من لم يشغل مسكنه لأكثر من 6 أشهر ، من منطلق المسكن لمن يسكنه وليس لمن يؤجّره " .
شطب المُرقين المُتقاعِسِين ..
و يقف الكثير من الوُلاّة على " فضائح " المُرقين العقاريين في المدن الكبرى تحديداً ، خاصة السكنات التي لم يتم تسليمها إلى أصحابها منذ 5 إلى 10 سنوات ، بالإعلان الفوري عن شطب المُرقين المتقاعسين من مشاريع الترقية العقارية ووضع أسماؤهم ضمن البطاقية الوطنية السوداء التي تمنع كل مُرق يخل بالتدابير التعاقدية من الحصول على مشاريع .
و ساهمت التقارير الحاسمة للوُلاّة المرسلة إلى وزارة السكن ، عن تقاعس المُرقين و تراخيهم عن الإلتزام بمواقيت الإنجاز ،
في إقصاء 173 مُرقيا عقاريا بمعدل تأخر 12 ألف وحدة سكنية ترقوية عن التسليم في الوقت المحدد قانونا مع إحالة 92 مُرقيا على أروقة المحاكم ، بحسب الأرقام الرسمية التي قدمها في وقت سابق وزير السكن و العمران أمام البرلمان.
أما والي آخر في ولاية بشرق الوطن ، فخطف الأضواء و ثناء سكان ولايته، عندما قال لرئيس بلدية: “احشموا شوية تمدّو السكنة للّي لاباس بيهم.. وراني تفطنت للتلاعبات”، وتمّ وصفه بالوالي الخلوق ، لحرصه على مُتابعة كل كبيرة و صغيرة خاصة المطاعم المدرسية و ديار العجزة وظروف إقامة هذه الفئات الهشَّة .
و تشهد الكثير من المدن الجزائرية الكبرى خاصة الساحلية ، حملة هدم واسعة لفيلات و مساكن موسمية أقيمت في المناطق الشاطئية ، شيدت في وقت سابق بمعزل عن القانون و أعين الرقابة ، بحيث سمحت الإجراءات الأخيرة في وهران ، بهدم أكثر من 120 بناية في عين الترك ، بوسفر الأندلسيات بوهران.
كما شَنَّت ولاية بجاية ، حملة مُكثَّفة لتطهير المدن الساحلية من أشكال التعدي على الأملاك العمومية بهدم العشرات من " الفيلات" و " بنغالوهات" في عدد من الشواطئ ، لإعادة الملك العمومي إلى موضعه الأصلي ، في موقف يعكس حرص الوالي على تطبيق القانون بدون استثناء في حق كل من قام بالتعدي على عقارات الدولة تحديداً .
ويصف رواد " السّوشل ميديا " العديد من الوُلاّة ، ب " بالمسؤولين الذين لا يتكررون" في ولاياتهم و ب " الرجال النزهاء " ، لقيامهم بكسر الجُمُود التنموي في المداشر النائية و مناطق " الظل" ، دون الحاجة إلى " عدسات الكاميرات " و ثناء المسؤولين المحليين ، من منطلق أن المسؤولية تكليف وليس تشريفا ، وليست وجاهة ولا قوّة ، بل هي أمانة وضمان ممارسة إدارية تَتّسِم بالجدية والصدق والإخلاص للوطن .