إنشاء بنك الزكاة والأوقاف لتخليص الدولة من عبء التحويلات الاجتماعية

الوزير المنتدب للتخطيط والاستشراف السابق، مصيطفى بشير لـ “البلاد”:

الدكتور بشير مصيطفى
الدكتور بشير مصيطفى

كشف الخبير الاقتصادي والوزير المنتدب للتخطيط والاستشراف لدى الوزارة الأولى السابق، مصيطفى بشير، عن حلول سهلة وممكنة لم يتضمنها قانون المالية لسنة 2017، من شأنها أن توسع الجباية دون إلحاق ضرر أكبر بالقدرة الشرائية للمواطن. كما يحرص المتحدث في حوار لـ “البلاد”، على ضرورة اعتماد بنك الزكاة في أقرب وقت ممكن لتحصيل جباية جديدة ناجمة عن استثمارات لصالح الفقراء وهو ما سيسهم، حسبه، في التكفل بمصاريف كبيرة تتحملها حاليا خزينة الدولة لضمان السياسة الاجتماعية.

 

حاوره/ بلقاسم عجاج 

 

- الحكومة أغفلت الجباية المنسية والجباية القديــــــمة وتوسيع الوعاء الجبــــــائي

- قانــــون المالية تجاهل “البرجـــــوازية” واكتفى برســـــــوم وضرائب تقليدية

 

 

هل بإمكانكم تقديم قراءة ملخصة لأهم ما جاء في قانون المالية لسنة 2017؟

أولا، يعتبر قانون المالية لسنة 2017، قانونا استشرافيا لأول مرة في تاريخ الجزائر وسيغطي ثلاث سنوات القادمة من خلال تبني أهداف لنموذج النمو الجدي في المرحلة ما بين 2016 و2019. وثانيا، كنتيجة للأولى: تضمن القانون تصحيح السعر الرجعي للنفط بالتحول من السعر الافتراضي (37 دولار) إلى السعر الحقيقي (50 دولار). وثالثا، كنتيجة للثانية: اعتماد 50 دولارا كسعر مرجعي للنفط، ولكن بالمقابل هناك ضغط على النفقات بنية لامست 23 بالمائة في ميزانية التجهيز وضغط على التحويلات الاجتماعية بـ 2 مليار دولار وتقليص النفقات بـ 9.5 ملايير دولار وهو اتجاه لترشيد النفقات وبمعنى آخر نوع من التقشف. وهناك ميزة أخرى مهمة تتمثل في عدم المساس بالتحويلات الاجتماعية مقارنة بالنفقات، حيث لم يسجل إلا نسبة 10 بالمائة كتضحية من مجمل قيمة التحويلات الاجتماعية، تأكيدا على سياسة الدولة في شقها الاجتماعي.  ولا توجد ضرائب على الأعمال والأرباح مما يدل على تحفيز الاستثمار، بينما كانت هناك رسوم على الاستهلاك.

إذن، تعترف هنا أن الضغط كان على المواطن البسيط؟

لا يوجد في الاقتصاد شيء اسمه المواطن، إنما الضغط على الاستهلاك وتحفيز الاستثمار بهدف تنويع الاقتصاد لتحقيق معادلة السوق المتوازنة المتمثلة في وجود العرض أكثر من الطلب للتحكم في الأسعار.

ربما توجد حلول أخرى بديلة عن فرض إجراءات تمس مباشرة بالقدرة الشرائية للمواطن؟

ليست هذه هي الحلول النهائية بحصر العملية في الجباية فقط، بل هناك حلول أخرى تقنية لم يتضمنها مشروع قانون المالية، وتتعلق أساسا بتحصيل الدين الجبائي (20 مليار دولار)، فبدل فرض جباية جديدة يجب تحصيل الجباية القديمة. ثانيا، توسيع الوعاء الجبائي بدل رفع النسب في الرسوم (TVA) ويتجسد توسيع هذا الوعاء من خلال إنشاء مؤسسات صغيرة تابعة للدولة (PME) بدل انتظار الخواص فقط. ثالثا، هناك الجباية المنسية وتنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بالزكاة والآخر بالأوقاف، وتحويل الزكاة والأوقاف إلى ركز تجاري بإطلاق بنك الزكاة وبنك الأوقاف.

ألا تعتقدون أن أولوية الحكومة في استرجاع ملايير التهرب الضريبي أولى من تسليط إجراءات أكثر حدّة على المواطنين بفرض رسوم تنعكس سلبا على القدرة الشرائية؟

الحصيلة الضريبية غير المحصلة تساوي 87 بالمائة من الضريبة الإجمالية، مما يعني أنها كلها مهربة، مع بقاء 13 بالمائة فقط من ما هو محصل سنويا، وهنا يجب أن نوضح بأن وزير المالية يستحيل عليه تحصيلها بسبب الاعتماد على نمط التحصيل القديم عن طريق مديرية الضرائب، هذه الأخيرة، غير معصرنة فلا توجد بها رقمنة أو متابعة فلا توجد متابعة للغشاشين إلا عن طريق العدالة، ونقترح وزارة منتدبة للجباية تتمتع بنظام يقظة للجباية وصلاحيات أوسع للمتابعة، فوجود وزارة منتدبة سيسمح بتحصيل الضريبة ووقف عمليات الاحتيال والتهرب. وهناك حل آخر لم يذهبوا إليه يتعلق بالثروات الكبرى، فالحكومة اتجهت فقط نحو الأجور والأرباح في حين هناك ثروات هائلة يمكن التوجه إليها، مثل السيولة المالية المتواجدة في السوق الموازية والبنايات الفخمة (العقارات)، والأراضي الفلاحية غير المستغلة، بالإضافة إلى الأصول في الخارج، على سبيل المثال أموال الجالية، حيث يوجد مليون و600 ألف شخص جزائري من المسجلين رسميا عبر السفارات في الخارج، يدفعون الضرائب هناك في عدة دول.

كيف يمكن تحصيل ضرائب لأشخاص يمارسون نشاطهم على تراب بلد أجنبي؟

يتطلب الأمر التفاوض لتحقيق ذلك خلال المفاوضات التجارية الثنائية التي تقوم بها الجزائر بالنسبة للراغبين في الحصول على استثمارات فوق التراب الجزائري، مقابل فرض نسبة من الجباية على المستثمرين الجزائريين في الخارج، كما أن هناك طريقة مباشرة تتجسد في فتح الاستثمار للمغتربين وإغرائهم بالأرباح هنا أحسن من الخارج. وكما ذكرت سالفا، هناك حل عملي ومربح جدا ويسمح بتخفيف العبء على الدولة بخصوص التحويلات الاجتماعية، باستغلال أموال الزكاة وتحويلها إلى جباية عن طريق بنك الزكاة، واستحداث مشاريع للفقراء مقابل أن تحصل منها جباية. كما يوجد 10500 وقف تحصيه الجزائر، يشكل مخزون الأصول الاستثمارية التي يمكن تحويلها إلى جباية. للأسف، هذه الحلول السهلة لم يتضمنها قانون المالية الذي تجاهل البرجوازية الصغيرة التي ظهرت مؤخرا، وبقينا نتحدث عن رسوم وضرائب تقليدية.

كيف تلقيتم تصريحات أمين عام الأرندي وزير الدولة أحمد أويحيى، بخصوص سماسرة الغش الضريبي والجمركي؟

حقيقة هناك سلوكات غير شريفة، وصحيح هناك غش في الجمارك والضرائب وما تكتشفه السلطات غيض من فيض، وعليه نحتاج إلى إدارة ضريبية وجمركية معاصرة، من خلال استحداث نظام جمركي إلكتروني، حيث يكون تدخل الإنسان ضعيفا جدا، لتفادي الحيل إلكترونيا، فالآلة لا تسمح بالمرور، وكلام أويحيى صحيح لأن هناك أرقام مهولة للاقتصاد الموازي.  هناك سلع تدخل مقلدة وتباع بشكل عادي، واكتشاف هذه الأمور يحتاج إلى نظام إلكتروني يجعل تدخل الإنسان ضعيفا ومحدودا. كما أن هناك أخطاء في التجارة تتعلق بالتقليد وتضخيم الفواتير، والغش كل الغش في التجارة لأن الاقتصاد تدخله ضعيف.

يرى العديد من النواب البرلمانيين أن قانوني المالية لسنتي 2018 و2019 سيكونان أكثـر حدّة في الإجراءات، هل سيكون ذلك الحل الأنسب؟

أبدا، لأن ميزانية الدولة لا تزال مبنية على سعر البترول قبل 2019، وعليه لازلنا في رؤية قديمة ترتبط أساسا بالنفط، ومنه فإنه من الصعوبة توقع ذلك دون تحيين الأوضاع مع توصيات اجتماع فينا. المسجل أن الرسوم وصلت السقف لأن القدرة الشرائية تقريبا انهارت ولا مجال للزيادة إلا بزيادة الأجور بارتفاع النفط، وهذا مستبعد ببقاء النفط في وضع تشاؤمي عند حدود 50 دولارا.   فمن الممكن الذهاب إلى الحلول المنسية بفرض ضريبة على الثروة واستحداث وزارة منتدبة للجباية وفرض رسوم على الأراضي الفلاحية غير المستغلة أو فتح بنك للزكاة وتسهيل عمل البنوك الإسلامية لإدخال السيولة. كما يوجد حل هام وهو الدينار الجديد الذي يُمكن من تحصيل سيولة مالية كبيرة من السوق السوداء والتي لا تزال دورتها خارج الأطر الرسمية.  حيث يكون الدينار الجديد يساوي 10 دنانير الحالية وهو ما يسمح بدخول كل دينار قديم إلى البنك.

 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. أمطار وريـاح قوية على هذه الولايات

  2. وزارة التربية تقر إجراء جديدا لفائدة تلاميذ الإبتدائي

  3. بيراف مديرا تنفيذيا لشباب بلوزداد

  4. الجريدة الرسمية¨: تعديلات هامة جديدة لقانون العقوبات

  5. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34735 شهيد

  6. "فيديو" جزائري يخطف الأضواء في برنامج المواهب بروسيا 

  7. بـ 4 ولايات.. الإطلاق الرسمي للنظام المعلوماتي الجبائي "جبايتك"

  8. وزير السكن: نحن جاهزون تقريبا لإطلاق برنامج "عدل 3" وطريقة الاكتتاب فيه ستكون سهلة

  9. بيان هام لطالبي تأشيرة فرنسا

  10. مبابي قريبا في الجزائر.. وهذه هي أسباب زيارته