ثقافة الجيب..

يعتقدون أن أفضل طريقة لترشيد استهلاك الماء والكهرباء والغاز والوقود.. وكل شيء تقريبا.. هي زيادة الأسعار..

 

على مستوى خلايا التفكير الحكومية.. يعتقدون أن أفضل طريقة لترشيد استهلاك الماء والكهرباء والغاز والوقود.. وكل شيء تقريبا.. هي زيادة الأسعار.. حل سحري.. يستأصل المشكلة من جذورها.. ويضع حدا للتبذير والنهم.. ويتيح للدولة أن تمضي في طريقها بلا منغصات اجتماعية أو مالية.. أي أن تنام قريرة العين.. دون أن تخشى دولابا يحترق أو شبابا يتظاهر أو معارضة تكشف تتبع عوراتها.

أو بمعنى آخر.. إثقال كاهل المستهلك بالغرامات والإتاوات والفواتير.. هو ما يجبره على تصحيح موقفه.. وحمله على مراجعة قائمة طويلة من العادات السيئة التي تتحكم فيه.. من زاوية نظر الحكومة وأجهزتها طبعا.. وهو ما يتيح للوزراء إعلان نجاحهم.. وتفوقهم على المواطن.. وهذه هي الكفاءة الوحيدة المطلوبة.. في زمن تراجع الريع.. وشح الموارد!

هكذا يفكر بيروقراطيو الإدارة.. عندما يفقدون القدرة على ابتكار الحلول الصحيحة.. فيلجأون إلى الحلول السهلة وإن كانت سيئة أو خاطئة أو فاشلة.. يتصرفون بلغة الأوامر والقرارات التعسفية.. لأنهم لا يملكون غيرها.. كما لا يملك أحد ـ من خارج قواعدهم  ـ ردعهم.. أو حملهم على الكف عن خطاياهم.

 وزارة النقل.. والأجهزة الأمنية المختصة.. تفكر هي أيضا في ردع إرهابيي الطرقات.. بالأسلوب نفسه.. فبعد أن فشلت الرادارات الثابتة والمتنقلة في شل حركة القتلة المتهورين.. ولم يجد نفعا سحب رخص السياقة بالجملة.. ها هي الوزارة.. تتجه مباشرة إلى جيب السائق.. فمن خلال التفكير في زيادة مبالغ الغرامات والعقوبات.. تتوقع أن يتوقف مسلسل الحوادث أو أن يتراجع إلى أدنى حد ممكن.

 ما لا تصرح به الوزارة.. أن العقوبات المالية.. التي جُربت أكثـر من مرة.. حيث تضاعفت بعض الغرامات أربع أو خمس مرات في فترة قياسية.. لم تقمع هذا الإرهاب الإجرامي.. بل تكاثر المجرمون.. وزاد عدد الضحايا.. واتسع نطاق الإعاقة البدنية.. وحُفرت قبور كثيرة.. ولم يتحقق شيء بارز على الأرض!

نحن إزاء ثقافة جديدة.. قائمة على الإنهاك المادي للمواطن.. بإحداث شبكة واسعة من الثقوب في جيبه.. الذي مزقته مخالب القطط السمان.. هذا المواطن الذي تسعى الحكومة إلى إعادة تربيته.. بسحب آخر سنتيم من جيبه.. لتحل المشكلة نهائيا.

للأسف.. نحن لا نزال في بداية الطريق.. ننتظر الانتقال من ثقافة الجيب إلى ثقافة الضمير.

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. وزارة السكن.. جديد عدل 3

  2. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34683 شهيد

  3. أمطار رعدية على هذه الولايات

  4. بيراف مديرا تنفيذيا لشباب بلوزداد

  5. وزارة التربية: "هذه مواعيد سحب استدعاءات امتحاني البيام والبكالوريا"

  6. بـ 4 ولايات.. الإطلاق الرسمي للنظام المعلوماتي الجبائي "جبايتك"

  7. ملعب الدويرة.. تعليمات جديدة من وزير السكن

  8. بلعابد يدشن أوّل حاضنة أعمال في قطاع التربية

  9. "فيديو" جزائري يخطف الأضواء في برنامج المواهب بروسيا 

  10. بيان من المؤسسة الوطنية للنقل البحري حول رحلة وهران اليكانتي