رئيسة حزب العمال.. تصف قانون المالية لسنة 2017 المصادق عليه بأنه "إجرامي".. ودون الخوض في الأسباب الشكلية أو الموضوعية.. التي تضفي الصفة الجنائية على هذا القانون المثير للخوف والامتعاض.. من وجهة نظرها على الأقل.. نتساءل إن كانت المعنية تدرك ـ على المستوى النظري تحديدا ـ أن تشخيص فعل إجرامي كهذا.. يعني وجود مجرمين بالشراكة.. بدءا بمن أعد هذا القانون ورسم تفاصيله واقترحه على البرلمان.. مرورا بمن زكاه من نواب المجلسين معا وهم الأكثرية الغالبة.. وانتهاء بمن صادق عليه وسمح بتطبيقه أيضا.
وبما أن القانون يعاقب على الجريمة بغض النظر عن طبيعتها أو الدافع إليها.. فالمطلوب هو تحريك دعوى قضائية ضد الفاعلين.. هذا إن لم يبادر النائب العام باستدعاء المعنية.. والتحقيق معها.. إذ إن جرائم بعينها لا يمكن غض الطرف عنها.
هل نصدق رئيسة الحزب في ادعائها.. ونقبل أنها تقول الحقيقة.. أم نردها إلى مواقفها السابقة.. وهي التي ما انفكت تزعجنا بصراخها عديم الفائدة.. وغير الصادق في أكثر الأحيان.. فعلى سبيل المثال: هل تجرؤ المعنية على وضع لائحة كاملة بأسماء المتهمين.. ليطلع عليها الرأي العام.. وفي هذه الحالة تكون قد قدمت الدليل على صحة ادعائها؟
بتقديري.. هي لا تملك الشجاعة الكافية للأقدام على تصرف كهذا.. وهي غير بريئة مما تتهم به من أنها تخدم الحكومة انطلاقا من مواقفها الاستعراضية.. أو بصيغة أخرى: هي تخدم مصالحها الخاصة بذر الرماد في أعين الناس.. أليست هي النائبة في المجلس الشعبي الوطني لعُهدات لا تنتهي.. ومن ثم تكون متواطئة وشريكة ـ بصورة أو أخرى ـ في الجريمة.. وليست مدعية عليها.. إنها اسم في اللائحة وليس خارجها.
على مستوى الحكومة.. لا يملك أولئك الذين اقترحوا مشروع الميزانية سوى أن يقترحوا قانونا للمالية يتسم بالقسوة والابتذال.. ولا يمكنهم التراجع عن ذلك.. فظهر الحكومة إلى الحائط.. ومهما أوتيت من حسن النية.. فهي ضحية خياراتها الانتحارية السابقة.. فالوفرة المالية قد تبخرت.. ولم يبق سوى البحث في جيب المواطن عن بقايا قوة شرائية يمكن الاستحواذ عليها.
إن توظيف مصطلح جنائي خطير.. لتسويق موقف سياسي لا يجد من يصدقه أو يلتفت إليه.. ليس أكثر من محاولة يائسة.. في زمن ضائع تماما.
