ما بعد المساءلة

أتابع عادة جلسات الاستماع في الكونغرس الأمريكي أمام اللجان المختصة.. فألمس الفرق بيننا وبينهم..

 

أهم من السؤال ما بعده.. فالإجابة تقرر جدوى السؤال وتمنحه معنى.. ما عدا ذلك يكون السؤال مجرد ثرثرة ولغو.. فما أكثر الأسئلة وما أقل الأجوبة  بمقياس الجدوى والفعالية.

  أعتقد أن قيمة هذا الاستنتاج.. تنبع من أن كثيرين في الدولة يجب أن يُسألوا.. وكثيرين يجب أن يوضعوا على سفود البرلمان ليشعروا ببعض الألم.. فالمناصب السامية في الدولة ليست للمتعة والارتزاق.. بل لخدمة الصالح العام.. وما وراء ذلك فتابع له.

إن أهمية هذا الأمر.. تبدو جلية في جلسات المساءلة التي يخضع لها وزراؤنا في البرلمان.. حين يُجرون إليها في خلفية تقصير أو سوء تسيير أو مخالفة  أو لأي سبب آخر.. وفي غالب الأحيان تجدهم يقولون أي كلام ثم ينصرفون.. ومن الراجح أن أغلب هؤلاء الوزراء يقرأون ما يكتب لهم لا أكثر.. دون أن يكلفوا أنفسهم عناء مراجعة ما كتب لهم.. وفي المرات القليلة التي كان النائب يحاصر الوزير.. يتم صرفه بطريقة أو أخرى.. بمعنى أن الشكليات التي تقتضي حضور الوزير.. هي نفسها الشكليات التي تصرفه عن قول الحقيقة.. ليكتفي بقول بعضها فقط.. أما الحقيقة كلها فمحجور عليها .. إذ لا أحد ينوء بمسؤولية ما يقول.

  أتابع عادة جلسات الاستماع في الكونغرس الأمريكي أمام اللجان المختصة.. فألمس الفرق بيننا وبينهم.. في المصداقية والمستوى وصلابة المشرع الأمريكي الذي يملك ناصية الكلمة والسلطة.. التي تبلغ حد إخضاع الرئيس للمساءلة وربما العزل.. وأذكر مرة كيف كانت أسنان أحد النواب تصطك وهويهدد مسؤولا تحت المساءلة.

  أعود إلى نوابنا ولجانهم المختصة.. فلا أرى سوى أناس يتحدثون دون أن يسمعهم أو يستمع إليهم أحد.. وفي نهاية الجلسة تطوى القضية محل السؤال.. وينسى الجميع ما كان أو قيل.

   احتج بعض النواب عندنا على أن الحكومة تتأخر عن الإجابة عن أسئلتهم.. وكأنها لا تلقي لهم بالا .. فرد الوزير المكلف بالعلاقة بين الحكومة والبرلمان.. بأن الخلل يكمن في مكان ما لدى السلطتين.. سواء التي تسأل أو التي تجيب.. وفي الواقع لا قيمة لكل ما يحدث بغير إدراك عميق لوظيفة النائب ممثلا للشعب.. وكونه عينا مفتحة على أفعال الحكومة.

إن مائة سؤال معروضة على الحكومة للإجابة عنها شيء كثير.. ما يعني أن الجماعة يكدسون الأسئلة لتسقط بالتقادم.. أو يكررون  أسئلة قديمة فقدت مغزاها.. وما وراء ذلك لم نر وزيرا أو مسؤولا ساميا.. تمت إقالته أو التحفظ عليه أو خضع للتحقيق في خلفية هذا السؤال أو ذاك. 

مقالات الواجهة

الأكثر قراءة

  1. "التاس" تصدر بيانا حول قضية إتحاد العاصمة ونهضة بركان المغربي

  2. أمطـار غزيــرة عبر 5 ولايات

  3. امتحان تقييم مكتسبات التعليم الابتدائي بـ 6 مواد فقط

  4. منذ بدء العدوان.. إرتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34596 شهيد

  5. التوقيع على عقود عمل في الشركة الصينية " سي آر آر سي " المُكلفة بإنجاز خط السكة غار جبيلات - بشار

  6. وزارة الطاقة والمناجم: نتائج استكشاف "الليثيوم" في الصحراء ايجابية

  7. والي وهران : استحداث 12 ألف منصب قريباً في مشروع البتروكيماويات الضخم في أرزيو

  8. حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.. فيديو لأب يجبر ابنه الصغير على الركض

  9. بعد 12 عامًا.. بوروسيا دورتموند يعلن رحيل ماركو رويس

  10. الفنانة بهية راشدي تكشف إصابتها بالسرطان