سألت نفسي: ماذا سيقول وزيرنا الأول لأزيد من مائة رئيس دولة أو حكومة.. يجتمعون في باريس.. ليتباحثوا في المناخ الذي تغير.. والكوكب الملوث.. والنفايات التي تزكم أنوف سبعة ملايير إنسان.. وأزيد من مليار سيارة وشاحنة.. تنفث عوادمها السامة.. لتستقر في رئاتنا وشراييننا؟
وهل يملك وزيرنا الأول من المعطيات ـ المبنية على دراسات رصينة ـ.. واستنتاجات فعلية.. واستقراءات دقيقة للتغير المناخي الحاصل في بلادنا.. ما يؤيد به تدخله في المؤتمر؟ وهل الجزائر معنية أصلا بأزمة المناخ والاحترار.. على غرار كبار هذا العالم.. أم إنها معنية بالمشاركة البروتوكولية لا أقل ولا أكثر.. وكي لا يقال إن الجزائر قد غابت.. لأنها لا تجد ما تقول أو تفعل؟
نحن وغيرنا من هوامش هذا العالم.. نُحينا عن إدارة الكوكب.. فقد امتلكه غيرنا.. وهم يتصرفون فيه بما يناسب مصالحهم.. ووفق خططهم القريبة والبعيدة.. الظاهرة والخفية.. أما نحن فقصارى ما نخطط له.. كيف نعوض خسائرنا من انهيار أسعار النفط.. بالسحب السريع من جيوب المواطنين.. وننسى أن الغرب يخطط لكيفية الاستغناء عن الوقود الأحفوري وأهمه النفط والغاز!
تقديري أن مصير العالم.. وتحديدا مصير الأرض.. لا يقع بين أيدي الساسة الغربيين.. فهم مجرد بيادق يحركها صناع القرار الحقيقيون.. ولا تملك المنظمات الدولية المهتمة بموضوع الأرض.. وتحديدا هيئات الأمم المتحدة المختصة.. أي قدرة على إلزام ملوثي الكوكب ـ وهم أغنياء هذا العالم ـ بأي إجراء تصحيحي حقيقي.. يمكن أن يغير مسار "الانتحار المناخي".
وليس بإمكان الرأي العام العالمي المخدر بالسائل الإعلامي للصحف والقنوات المأجورة.. ولا منظمة السلام الأخضر وبعض الناشطين البيئيين.. محدودي القدرة والتأثير.. أن يفعلوا شيئا لإنقاذ الكوكب.
أما الفاعل الحقيقي فهو الشركات وأصحاب رؤوس الأموال.. المحكومون بالجشع الذي لا حد له.. فمن غير المحتمل.. أن يضحي الأغنياء بأسلوب حياتهم.. ويقلصوا الوظائف في الصناعات والأنشطة الملوثة للبيئة.. من أجل سواد عيون الأرض المريضة بسكانها.. لتبقى التكنولوجيا الخضراء مجرد كذبة.. شبيهة إلى حد بعيد بكذبة "داعش".. التي اختلقها الكبار.. ليستنزفوا بها الصغار.. ولعل حرصهم على قوة "داعش" وحياة "داعش".. يفوق إلى حد بعيد حرصهم على حياة كوكب يموت ببطء.. ويموت بكل تأكيد.