بعض نقابات التربية تشكك في أرقام وزارة التربية بشأن عدد الناجحين من المتعاقدين.. فالوزارة تصعد بالرقم إلى 45٪.. في حين تنزل به تنسيقية المتعاقدين إلى حدود 15٪ فقط.. فمن نصدق؟
لغة الأرقام هذه تحولت إلى مشكلة في حد ذاتها.. فهي لغة قابلة للتطويع بشكل كبير.. ويمكن حقنها بالكثير من المعطيات غير الموضوعية.. كما يمكن توظيفها لخدمة أغراض محددة.. معلومة أومجهولة.
لماذا تغالي الوزارة في النسبة؟ لأنها ـ ببساطة ـ لا ترغب في خوض مواجهة ثانية مع هؤلاء المتعاقدين.. الذين أرقوها وأسالوا لها العرق البارد من قبل.. ولم يتسن لها الإفلات من كابوسهم.. إلا بعد أن تولت قوى الأمن إخلاءهم من الشارع.
في المقابل.. أستغرب كيف قدرت الوزارة هذه النسبة.. في حين أن دراسة الملفات ـ التي تتضمن وثائق التعاقد ـ تأتي لاحقا.. أي بعد أن يتحدد الناجحون في الاختبار الكتابي؟
المتعاقدون من جانبهم.. يفكرون بأسلوب الوزارة ذاتها.. أي بعنوان المصلحة الخاصة.. فهم يريدون احتساب نقاط الخبرة مسبقا.. ليتسنى لهم النجاح حتى ولو رسبوا في الكتابي!
في النهاية ثمة عدد بسيط من المترشحين سيُقبلون في سلك التعليم.. (28 ألف من بين مليون مترشح).. فإلى أين يذهب الباقي: هل يهاجرون إلى الشمال؟.. أم ينتظرون سراب مسابقات قد تحل مشكلات الوزارة.. لكنها لن تحل مشكلات مليون حامل شهادة جامعية.. سينضم إليهم مليون ونصف مليون خريج جديد في أفق السنوات الخمس القادمة؟
أعتقد أن الحلول الصحيحة.. هي تلك التي تتصف بالجرأة والشفافية والاستدامة.. وليس التي توفر فرص الهروب إلى الأمام.. فبعض المشكلات ستجدها أمامك مهما حاولت الابتعاد عنها.. ولا يتسنى لك الإفلات منها مهما حاولت التخلص من استحقاقاتها.. لأنها لصيقة ببعض حقوق الإنسان.. ومنها الحق في العمل على سبيل المثال.
هل نذهب بعيدا.. في ضوء خيارات فاشلة وغير مقنعة؟ الحكومة وحدها مخولة للتعاطي مع هذا الهاجس الكبير.. والإجابة لا أظنها متوفرة الآن.
